نورنيوز - تدهور الحرب في أوكرانيا ودخولها في حالة العبثية وارتباك أعضاء الاتحاد الأوروبي في مواجهة هذه العملية أدى إلى إندلاع صراعات جديدة ومُحتدمة فيما بينهم.
بعض هذه الصراعات كانت موجودة في المرحلة الخفية، لكنها الآن دخلت المرحلة المفتوحة، وبعضها يشير إلى تضارب مصالح الجهات الأوروبية الفاعلة فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وتداعياتها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية.
ومؤخراً، أعلنت الحكومة النمساوية أنها استدعت ممثل المفوضية الأوروبية في هذا البلد إلى وزارة الخارجية لانتقاده بطء وتيرة النمسا في تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
كما دخلت وسائل الإعلام الألمانية والنمساوية في هذا الصراع عن طيب خاطر أو كرها. وفي هذا الصدد، أصبحت التصريحات المناهضة للنمسا لأحد المسؤولين الألمان في الاتحاد الأوروبي ويدعى "مارتن سيلماير" في حفل أقيم في فيينا، موضوع هذه وسائل الإعلام.
وقال سيلماير، الذي كان رئيسا لمكتب المفوضية الأوروبية حتى عام 2018، في الحفل: "يا إلهي، لا يزال 55%من غاز النمسا يأتي من روسيا، لماذا لا يعترض أحد على النمسا؟! هذه هي الدية التي تُعطى لموسكو من فيينا كل يوم!"
في هذه الأثناء؛ ورغم أن سلطات الاتحاد الأوروبي تحاول منع الرأي العام من التركيز على طبيعة وعمق هذه الصراعات من خلال الرقابة والتغطية على الخلافات الحالية بشأن الحرب في أوكرانيا أو حتى تبسيطها وجعلها تبدو طبيعية، إلا أنها تتصرف بشكل أخرق للغاية في هذا الصدد.
وتؤكد بعض الدول الأوروبية، مثل المجر وبلغاريا والنمسا، أن تصرفات الناتو الأحادية وفرض العقوبات على روسيا، دون مراعاة مصالح الدول الأعضاء في الناتو والاتحاد الأوروبي، أو عدم وجود أهلية للتنفيذ، أصبحت غير مقبولة.
وفقًا لأحدث بيانات الحكومة النمساوية، في يونيو/حزيران، حصلت هذه الدولة على 60% من وارداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، والتي انخفضت بنسبة 20% مقارنة بالسنوات التي سبقت الحرب، لكنها لا تزال أعلى بكثير من الحد الأدنى لحجم الواردات في عام 2018.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تمكنت النمسا من خفض حصة واردات الغاز من روسيا بنسبة 21% وبعد عقود من الاعتماد الكبير على الغاز الروسي الرخيص، تقول الحكومة الائتلافية في النمسا من المحافظين وحزب الخضر ذي الميول اليسارية إنها ستبذل قصارى جهدها لتحل محل روسيا كمورد رئيسي للغاز نفسه، لكن هذا البلد يواجه عقبات مختلفة، بما في ذلك كونه بلدًا غير ساحلي.
ومن المواضيع التي أدت إلى غضب النمساويين الشديد تجاه الحكومة الألمانية صمت أحزاب الخضر والديمقراطيين الاشتراكيين وحتى الديمقراطيين المسيحيين في ألمانيا عن المطالبات المقدمة ضد فيينا، وبالتأكيد حتى لو انتهت الحرب في أوكرانيا، فإن هذه الخلافات ستؤثّر على العلاقات المستقبلية، وسوف تلقي بظلالها على العلاقات بين فيينا-برلين.
عدد من الصراعات التي تطفو على صفحة العلاقات بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بشأن الحرب في أوكرانيا، لن تتركز في فترة الحرب وسيكون لها تأثير على ترتيب ألغاز جيواستراتيجية جديدة في الغرب، وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير بإثارة قلق رؤساء حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي على حدّ سواء.
نورنيوز