نورنيوز- نظرا للأهمية الخاصة للأمن الغذائي في الوضع العالمي الراهن، أصبحت مسألة إحياء اتفاقية نقل الحبوب من أوكرانيا (عبر البحر الأسود) هذه الأيام واحدة من الاهتمامات الرئيسية الحالية في خضم الأزمة.
ورغم أن أعضاء حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي يقولون إن تعليق نقل الحبوب وعدم تجديد الاتفاق غير المباشر بين كييف وموسكو في هذا الصدد يهدد الأمن الغذائي في العالم، إلا أنهم يتعمدون عدم ذكر أسباب معارضة روسيا لإحياء هذا الاتفاق!
والحقيقة أن تكثيف التدخلات الأمريكية والبريطانية والألمانية والفرنسية في ساحة المعركة ودعمها غير المعلن لتوسيع الحرب إلى الأراضي الروسية لعب دورًا مهمًا في عدم تجديد اتفاقية نقل الحبوب من الأراضي الروسية عبر البحر الأسود.
ويعتقد بعض المحللين؛ وباستثناء اتفاقية نقل الحبوب عبر البحر الأسود، فإن الحلول الأخرى لتصدير الحبوب الأوكرانية لن تكون فعالة للغاية.
على الجانب الآخر؛ وعلى الرغم من المشاورات الأخيرة بين المسؤولين الأتراك والأوكرانيين بشأن إعادة إحياء ممر البحر الأسود، إلا أن أنقرة لم تعد قادرة على العمل كوسيط فعال في هذه المعادلة بسبب تصاعد المواجهة مع روسيا.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كولبا في كييف: إن "استئناف الاتفاق المذكور هو إحدى أولويات أنقرة، ويجب أن تكون موسكو جزءا من أي معادلة فعالة".
وأعرب عن أمله في نجاح الجهود المبذولة لإحياء هذا الاتفاق. مؤكدا أن البدائل الأخرى لن تكون فعالة جدا لذلك.
ورغم أنه من الممكن النظر في قنوات بديلة لنقل الحبوب الأوكرانية عبر الممرات البرية وغير البحرية، فإن مثل هذه الطرق لن تكون فعالة من حيث التكلفة بالتأكيد.
وسمحت اتفاقية الحبوب التي تمر عبر البحر الأسود، التي تم توقيعها بين كييف وموسكو العام الماضي بوساطة تركيا والأمم المتحدة، بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، لكن لعدة أسباب منها عدم وصول الشحنة إلى مقصدها وتخزينها من قبل الأطراف الأوروبية، وتورط الدول الأوروبية في الحرب، أثنى موسكو عن الاستمرار فيها.
وتحاول أنقرة خلال الأسابيع الماضية إقناع موسكو بإعادة تنفيذ الاتفاق، لكن السلطات الروسية أدرجت شروطا في هذا الصدد، منها موازنة توزيع الحبوب ونقلها إلى دول أكثر عرضة للخطر (بدلا من الدول الغنية).
من المؤكد أنه لا يمكن تجاهل العوامل السابقة التي تنطوي عليها الحرب في أوكرانيا في تحديد المهمة النهائية لهذه الإتفاقية، لكن من دون أدنى شك، إن إحياء حقيقي لهذه الاتفاقية، سيكون أفضل من الاعتماد على وساطة تركيا وسياساتها. إن إعادة قبول روسيا لهذه الوساطة، تأتي نتيجة لحل بعض الخلافات. وبالتركيز على الحرب في أوكرانيا وخارجها، فإن ترتيب طاولة مفاوضات السلام بين الطرفين المعنيين سيكون مختلفاً.
وبخلاف ذلك، فإن الحلول والاتفاقيات المؤقتة المبرمة بشأن نقل الحبوب من البحر الأسود لا يمكن أن تضمن الأمن الغذائي العالمي على المدى الطويل من حيث الوصول إلى الحبوب.
ورغم سماع همسات غير رسمية من مصادر روسية وأوكرانية بشأن اشتداد رغبة الأطراف في السلام، إلا أن الأوضاع الراهنة على أرض المعركة لا تؤكد هذه الأخبار والطرح غير الرسمي.
ما هو مؤكد هو أنه وخلافا لادعاءات الأوكرانيين والجهات الغربية، فإن موسكو ليست مسؤولة عن إلغاء اتفاقية نقل الحبوب في البحر الأسود، وهنا الدور المدمر لأمريكا وبريطانيا وألمانيا وبالطبع الحكومة الأوكرانية ملموس أكثر من أي شيء آخر وأكثر من أي وقت مضى.
نورنيوز