نورنيوز- انتشرت في الأسابيع الأخيرة أخبار وتقارير عديدة ومكثفة، نقلاً عن مسؤولين وخبراء في الشؤون الاستراتيجية للكيان الصهيوني، عن نية العدو الصهيوني مهاجمة مواقع إيران النووية والعسكرية لوقف تقدم البرنامج النووي الايراني السلمي.
يمكن أن يكون لتبني الكيان الصهيوني لهذا النهج عدة أسباب بما في ذلك التأثير على مفاوضات رفع العقوبات، ولكن بسبب الجمود الذي نشأ في مسار دفع السياسات الداخلية والخارجية لهذا الكيان، فمن الضروري إجراء تحسينات مؤخرًا من وجهة نظر منع انهيار "الصورة الاستراتيجية الوطنية"بما يسمح بمعالجة هذه الصورة المشوهة في أذهان سكان الأراضي المحتلة في السنوات الأخيرة.
على الرغم من أن موضوع "الأمن" هو أهم أولويات جميع الأنظمة السياسية بمختلف ايديولوجياتها، إلا أن هذه الفئة لها معنى ومفهوم مختلفان للكيان بسبب الأسباب الجيوستراتيجية والجغرافية السياسية وكذلك العنصرية والدينية. ذلك لأن خلفية سكان المناطق المحتلة وهي العمود الفقري لـ "الصورة الاستراتيجية الوطنية".
الكيان الصهيوني الذي يعتبر جبهة المقاومة وداعمها الرئيسي الجمهورية الإسلامية الإيرانية التحدي الأهم لأمنه القومي، حاول لسنوات عديدة من خلال تبني استراتيجيات مختلفة لخلق الإيمان في أذهان جمهوره أنها كانت دائما القوة المتفوقة في التعامل مع هذه الجبهة.
اعتماد استراتيجيات عسكرية وتخريبية عديدة ضد إيران وحالات من هذا النوع، تصاحبها دعاية إعلامية واسعة وفبركات متعددة، كل ذلك بهدف تعزيز الصورة الاستراتيجية الوطنية للعدو الصهيوني، وهو العنصر الأكثر أهمية لحماية المعتقدات فيه والحفاظ على نسيجه الضعيف.
علاوة على ذلك، حاول الكيان الصهيوني استخدام السياسات الاستبدادية داخل الأراضي المحتلة بهدف الحفاظ على مقومات البقاء الرئيسية وتعزيزها، أي الهوية والأمن والمصالح الوطنية، لإدارة الوضع بالشكل الذي يحفزه المتطرفون القوميون. في حين تمثل الصورة الاستراتيجية التفوق والهيمنة المطلقة للكيان أمام باقي الشعوب والدول.
اليوم، ورغم كل ماسلف إن الإجراءات التي اتخذها الكيان في أبعادها الداخلية والخارجية لم تفشل فقط في تحقيق الأهداف المرجوة في مجال التأثير العملي، ولكن بسبب الكشف عن نقاط ضعفه التي لا يمكن إخفاؤها، فقد شوهت بشدة الصورة الاستراتيجية الوطنية المتآكلة للعدو الصهيوني.
السؤال الذي يواجهه صانعو السياسة في الكيان الصهيوني اليوم هو لماذا لم تتمكن مجموعة الإستراتيجيات من التعامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجبهة المقاومة من خلق الأمن لهذا الكيان، ومع النمو الملحوظ لجبهة المقاومة وتكشف هشاشة الكيان وأمنه والتي باتت اليوم مهددة أكثر بكثير من ذي قبل؟!
إضافة الى ماسلف أيضاً، على الصعيد الداخلي كان لسياسة وصول التطرف الى السلطة وتنميته أثر معاكس، بالإضافة إلى زيادة الدافعية والقوة العملياتية لفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث وبسبب زيادة انعدام الأمن في الأراضي المحتلة سارع العديد من الصهاينة للهجرة الى خارج هذا الكيان المزيف والذي باتوا يفضلون بعدم العيش في كنفه.
اليوم إذا أعلن "إسحاق هرتسوغ" رئيس الكيان الصهيوني علناً عن احتمال نشوب حرب أهلية في هذا الكيان واقتراب الانهيار الاجتماعي والسياسي، وهو أمر تكشف بوضوح في المعارك السياسية الداخلية.
إذا أصدر ديفيد بارنيا رئيس الموساد تصريحًا خاصا لموظفي المخابرات الإسرائيلية للمشاركة في مسيرات احتجاجية ضد نتنياهو، فهذا يشير إلى طريق مسدود للاستراتيجيات الداخلية والخارجية طويلة المدى والخبيثة التي يعتمدها هذا الكيان.
ما نريد قوله هو أن الكيان الصهيوني يواجه أزمة خطيرة في الحفاظ على هيكله المتزعزع وإعادة بناء "الصورة الاستراتيجية الوطنية" في أذهان الجمهور بسبب سياساته الخاطئة والمناهضة للأمن في البعدين الداخلي والخارجي، وهو يراقب بوضوح انهيار العمود الفقري من هذه الناحية، أي الجانب الأمني في هذا الكيان.
وفي ظلّ هذه التطورات التي لا يحسد عليها الكيان الصهيوني، يعرف قادة هذا الكيان جيدًا أنهم لا يملكون القوة والقدرة على مهاجمة إيران عسكريا، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فبدلاً من الإجراءات الضارة وغير الفعالة التي يحاولون تقديمها كدليل على سطوتهم القمعية والارهابية من ناحية استهداف البرامج النووية في العراق وسوريا سابقاً، كانوا سيشنون هجماتهم على منشآت ايران النووية أيضاً لو كان بمقدورهم ذلك.
من المستبعد جدا أن استخدام سيناريوهات وهمية مثل نية الكيان الصهيوني لمهاجمة إيران، وهو أمر يصعب تصديقه حتى من قبل أشد مؤيدي هذا الكيان، أن يساعد في تغيير المعتقدات التي تشكلت لدى سكان الأراضي المحتلة فيما يتعلق عبثية الوعد الذي قطعه مؤسسي هذا الكيان المؤقت من ناحية توفير الأمن لحياتهم في الأراضي الفلسطينية المغتصبة.
نورنيوز