توثيق العلاقات هذه يشمل زيادة شراء النفط والغاز والبتروكيماويات من ايران (وسط أثقل عقوبات اميركية واوروبية على هذا القطاع) وتفعيل ممر شمال – جنوب الذي يربط روسيا ودول الاتحاد الاوراسي بالمياه الدافئة الدولية في الجنوب (أي مع نصف الكرة الشرقية من الخليج الفارسي الى باكستان الى أقصى شرق آسيا) وكذلك تفعيل ممر شرق – غرب الذي يربط الصين وأقصى شرق آسيا بالبحر الابيض المتوسط واوروبا، وكذلك تجارة مختلف انواع السلع والبضائع والتعاون المصرفي والصناعي والعلمي والثقافي وحتى الدفاعي والعسكري والدبلوماسي مع ايران، وكأن ايران ليست هي الدولة التي يأمر السيد الاميركي اتباعه بقطع العلاقات معها ويجبر ويرهب الآخرين (غير الذيول) ويمارس الضغط عليهم للابتعاد عنها.
ضربت كل هذه الدول بالأماني الاميركية والغربية والصهيونية عرض الحائط ودخلت ايران منظمة شنغهاي ووقعت الصين معها اتفاقية تعاون للاعوام الـ 25 المقبلة وكذلك حذت روسيا حذو الصين بل تقدمت عليها فارسلت اقمارا صناعية ايرانية الى الفضاء وبادرت الى الاستثمار في طرق المواصلات وسكك الحديد والموانئ الايرانية كسرا للعقوبات المفروضة على موسكو، ووصل الحديث الآن حتى الى تزويد القوات الجوية الايرانية بأحدث المقاتلات والمروحيات، فيما دول الجوار الايراني القريب ايضا تبحث عن شتى انواع الالتفاف على الحظر الاميركي للتواصل الاقتصادي والتبادل مع ايران، غير مكترثين بالنعيق الاميركي والصهيوني.
ويمكن ان يتبادر الى الاذهان بأن سياسات هذه الدول التي ذكرناها هي نكاية بالغرب أو انتقاما من فرض الحصار على روسيا والتضييق على الصين ، لكن الأمر في الحقيقة هو شيء آخر " لقد فرضت ايران نفسها ضرورة على العالم".
روسيا التي في يوم من الايام تماشت مع العقوبات الغربية ووافقت على قرارات حظر اممية ضد ايران قد أدركت الان بأن منافذها على الغرب انسدت كلها واذا ارادت التنفس فان طرق المواصلات في ايران هي احدى رئتيها ، والصين التي تبحث اميركا عن شن حرب اقتصادية عليها لاضعافها تريد تنوع مصادر الطاقة وطرق التجارة عندها فترى في ايران ممر هاما ، والأهم من ذلك فان النظام الذي اوجدته ايران في الخليج الفارسي (طرد الاميركان والبريطانيين من العراق وافغانستان والقضاء على الجماعات الارهابية في هذه المنطقة) حافظ على الخليج الفارسي والشرق الاوسط كمحطة آمنة لتزويد اقتصاديات العالم بمصادر الطاقة الحيوية (وهذا ما تدرك الصين وشرق آسيا والهند أهميته القصوى).
رغم كل الدعايات الاميركية والاوروبية والصهيونية الزائفة فان قوة ايران وسياساتها وحكمتها هي التي حافظت حتى الان على بقاء الشرق الاوسط والخليج الفارسي محطة طاقة حيوية للعالم تستمر في عملها ، ولولا تدخل ايران لابعاد الجيوش الاطلسية الغازية وطردهم من العراق وافغانستان وباقي انحاء المنطقة والقضاء على الجماعات الارهابية مثل داعش وكبح جماح السياسات السعودية التخريبية في المنطقة وتحجيم الكيان الصهيوني خلف الجدران والأسوار حتى في داخل فلسطين المحتلة، لكانت هذه المنطقة التي تعتبر قلب الاقتصاد العالمي النابض عرضة لعواصف ورياح عاتية تؤثر سلبا (وبدرجة كبيرة) على حياة شعوب العالم.
نعم لقد أدرك المقبلون نحو ايران انها الضرورة وجزيرة استقرار ومصدر استقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، وما التكالب الغربي الاطلسي الاوروبي والحرب الهجينة التي يشنها الغربيون على ايران سوى استهداف لمكمن من مكامن قوة الشرق في الصراع الذي اشعله الغربيون على الصعيد العالمي.
نورنيوز/وكالات