ولكن لابد من توضيح نقطة هامة في مستهل هذه القراءة التي نضعها بين أيديكم، فمحاولة تهويل هذا الإجراء لا تعود بالنفع سوى على الجانب الغربي، هذا لأن القرار يعتبر غير ملزم لدول الاتحاد او الاتحاد نفسه، أي أنه لا يتعدى كونه فقاعة من الإنتهاكات والخزعبلات القانونية، والتي تأتي في إطار سياسة الضغط التي تديرها واشنطن ضد ايران لا سيما فيما يخصّ الإتفاق النووي، علاوة على إعطاء "جرعة سيريالية" من الدعم السياسي للمغرضين والحاقدين على الثورة الإسلامية والشعب الايراني.
*تخبّط في الموقف الأوروبي
في ذات الوقت الذي أيد فيه البرلمان الأوروبي هذه الخطوة المعادية للحرس، انتقد بعض المشرعين الأوروبيين جوزيف بوريل رئيس السياسة الخارجية لهذا الاتحاد، وكذلك التصويت السلبي لهذا البرلمان على تعليق مفاوضات إحياء الإتفاق النووي، حيث تكشف الخلاف الأوروبي بشكل كبير مؤخراً بشأن السياسات المتخذة تجاه ايران.
في السياق، نشر تشارلي ويمرز عضو البرلمان الأوروبي من السويد صورة لنص تعديله المقترح لتعليق مفاوضات الإتفاق النووي، وكتب في تغريدة أنه لا تزال هناك طريقة للتحضير لأعضاء البرلمان الأوروبي لطلب إنهاء المفاوضات "غير المثمرة" بشأن الإتفاق.
وفقًا للتعديل الذي اقترحه تشارلي ويمرز، فإن أي مفاوضات مع الجمهورية الإسلامية يجب ألا تتجاهل السياسات والمشاريع والبرامج العسكرية الضارة لهذا النظام بحسب زعمه، ويجب على المجتمع الدولي أن يواصل جهوده لمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة أسلحة نووية. لابد أن تأخذ المفاوضات النووية بعين الاعتبار السياسة العدائية للجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم بحسب ما ادعاه هذا المسؤول الأوروبي.
الى ذلك، قالت هانا نيومان عضو البرلمان الأوروبي عن ألمانيا، في كلمة ألقتها في جلسة البرلمان الأوروبي في إشارة إلى الدور الرئيسي للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بإيران، أن هذه هي المرة الثالثة التي يرفض فيها جوزيب بوريل حضور المؤتمر لمناقشة الملف الإيراني، وهو ما يظهر حجم الخلاف الكبير بين الأطراف الأوروبية إزاء ايران.
نيومان شنّت هجوماً لاذعاً على مسؤول السياسة الخارجية بالإتحاد الأوروبي، فإن رفض بوريل حضور الجلسة البرلمانية، رغم وجوده في ستراسبورغ، يظهر "عدم احترامه" للبرلمان الأوروبي والمتظاهرين البالغ عددهم 12 ألفًا الذين كانوا أمام البرلمان يوم الاثنين.
*السياسات الأوروبية الخاطئة
ردّ الفعل الإيراني على التحرّك الأوروبي الذي بدأ ينحرف على مايبدو عن مسار التفاوض والتباحث النهج الذي تتبنّاه ايران مع جميع الدول منذ البداية جاء حاسماً وصارماً، حيث حذّر كبار المسؤولين من تداعيات هذه الخطوة على الأوروبيين أنفسهم إثر هذه السياسات الخاطئة، وحذّر وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان خلال اتصال هاتفي أجراه مساء الاربعاء مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من أن قراراً كهذا ستكون له عواقب سلبية.
وانتقد امير عبداللهيان بشدة النهج المتوتر والانفعالي للبرلمان الأوروبي، واعتبره سلوكا غير مدروس وخاطئا وإن مشروع القرار يتعارض مع العقلانية والتحضر، ودعا الاوروبيين للتفكير في التبعات السلبية لهذه الخطوة الانفعالية، وأن يركزو على مسار الدبلوماسية والتعامل البناء، مشددا على أن رد ايران سيكون بالمثل.
وأضاف أمير عبداللهيان: إن تصرف البرلمان الأوروبي في اتهام هذه المؤسسة الصانعة للامن بالإرهاب هو نوع من إطلاق النار على قدم أوروبا نفسها.
وفي هذه المحادثات الهاتفية، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي عن ارتياحه للدبلوماسية الجارية بشأن الاتفاق النووي، وقال: سأواصل جهودي للتوصل إلى اتفاق.
وأضاف بوريل: يسعدني سماع أنباء التعاون بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران والتفاؤل في هذا الاتجاه.
وأضاف بوريل: كما أوافق على أن العواطف والمخاوف تسود في مسودة البرلمان الأوروبي. وأضاف جوزيف بوريل: على الرغم من أن البرلمان الأوروبي مؤسسة مستقلة تماما، إلا أن هذا القرار يفتقر إلى القدرة التنفيذية ويعكس فقط هواجس أوروبا على حدّ قوله.
تصريحات بوريل تكشف عن تخبّط في أوروبا بشأن السياسات المتخذة تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية.
*هكذا سيكون ردّ ايران
هذا كما قام مجلس الشورى الاسلامي في ايران بإعداد مشروع قرار عاجل يصنف القوات المسلحة لدول الاتحاد الاوروبي إرهابية وبموجب خطة التدابير المضادة، تعتبر جميع القوات العسكرية للدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي في منطقة غرب آسيا وكذلك جميع المنظمات المتربطة بها إرهابية، ويعد التعاون مع هذه القوات عملا ارهابيا.
هذا ويرى مراقبون انه على الرغم من ان القرار الاوروبي لا يحتوي على الضمان اللازم للتنفيذ وانه مجرد خطوة انفعالية وغير مهنية ضد طهران لكن اتخاذ هذا الإجراء يعني أن الغرب يحاول وبشكل منسق ممارسة الضغط على ايران واستثمار هذه الضغوط للحصول على تنازلات فيما يخص الاتفاق النووي وارغامها على الرضوخ للشروط الغربية.
وعلى عكس الادعاءات التي يتم طرحها أحيانًا ، فإن ما يتم إقراره في البرلمان الأوروبي لا يعكس بالضرورة آراء ومخاوف "الرأي العام" في أوروبا، وفي كثير من الحالات يكون سببها موجات الأخبار والإعلام التي تتشكل في مرحلة معينة ثم تهدأ.
*دور لوبي المنافقين
إن زمرة المنافقين الإرهابية لديها سجل أسود في ارتكاب الأعمال الإرهابية وقتل الأبرياء قد بذلت كل وقتها وطاقتها لتحقيق حلمها الطويل الأمد بركوب موجة التطورات التي شهدتها ايران خلال الأشهر الأخيرة بعد وفاة السيدة مهسا أميني، كما إن الزمرة تحمل ضغينة ضد الحرس الثوري الإيراني بسبب ممارسات الحرس وإجراءاته في القضاء على الانفصاليين وإحباط مؤامرات الأعداء ومن هذا المنطلق إن هذه الجماعات الإرهابية كانت سعداء بالموافقة على إصدار القرار واعتباره انتصارا لها.
على خلفية هذا القرار الأوروبي، إستضاف البرلمان الأوروبي قادة زمرة المنافقين عدة مرات خلال العقد أو العقدين الماضيين ودعم هذه المجموعة الإرهابية.
حيث شاركت مريم رجوي في البرلمان الأوروبي في عام 2004 وأثنى عليها أعضاء ذلك البرلمان، بعد ذلك بعامين وبعد ذلك بثلاث سنوات، استضافها البرلمان الأوروبي ورحب بها بشدّة.
*جماعات ضغط مُغرضة
كما كانت عشية يوم حقوق الإنسان في عام 2014 زعيمة هذه الزمرة الإرهابية ضيفًا أيضا على البرلمان الأوروبي وألقت كلمة حينها. في عام 2018 أيضاً شارك أعضاء البرلمان الأوروبي في الاجتماع الافتراضي للمنافقين، ونُشرت أنباء هذه الاجتماعات واللقاءات في وسائل إعلام مختلفة.
يبدو أن المنافقين لعبوا في القرار الأخير للبرلمان الأوروبي دورا ساسيا، وممثلو ذلك البرلمان، مع جماعات ضغط المنافقين، الذين تلقوا ضربات قاسية من القوات المسلحة الإيرانية، وخاصة حرس الثورة الإسلامية في عدّة أحداث ومحاولات للمساس بأمن البلاد.
مشاركة رجال ونساء أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ من قبيل أعضاء في المنظمة ونشر صورة شبنم مددزاده عضو هذه المنظمة في البرلمان الأوروبي يعزز هذا الافتراض، حيث كانت مددزاده من المنافقين الذين تم كشفهم في الجمهورية الاسلامية الايرانية، وها هي تعمل مؤخراً كلاعب رئيسي في اللوبي المُغرض ضد ايران في البرلمان الأوروبي.
نورنيوز/وكالات