عقب مراسم الإفتتاح، دارت على ألسنة الحاضرين آخر التطورات في غرب آسيا، والأمن في الخليج الفارسي، والروابط الإقليمية وأمن الطاقة، والأزمة الأوكرانية وتداعياتها الإقليمية والعالمية، وآفاق السلام والحكومة الشاملة في أفغانستان، وألقى عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين والأجانب كلمات خلال المنتدى حول آخر التطورات العالمية وأهمية إحياء الحوار بين دول المنطقة لتخفيف التوترات.
*إستئناف العلاقات مع السعودية
في مستهل فعاليات المنتدى، ألقى وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، كلمة طغت عليها ملفات "إحياء الحوار" مع دول الخليج الفارسي عموماً والسعودية خصوصاً، حيث أكد إستعداد ايران لاستئناف العلاقات مع السعودية وفتح سفارتي البلدين إذا كانت الرياض مستعدة لذلك، وقال: محادثاتنا مع السعودية تسير على طريق الدبلوماسية الرسمية، ومستعدون للعودة إلى العلاقات الطبيعية وفتح السفارات كلما كان الجانب السعودي مستعداً. إلاّ أن السيد عبداللهيان ربط مسألة إحياء العلاقات مع الرياض بنهج الأخيرة ومواقفها إزاء ايران، وأكد: على الجانب السعودي أن يقرر كيفية اتباع "نهج بناء" تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في إشارة منه الى تورّط الرياض بدعم أعمال الشغب مؤخراً في ايران.
*"قمّة بغداد2" والرسائل المُلحّة
وفيما يتعلق بـ "قمة بغداد 2" حول العراق المزمع انطلاقها الثلاثاء (20 ديسمبر/ كانون الأول) في الأردن والتي توجّه وزير الخارجية مساء يوم الاثنين للمشاركة فيها، وتشارك فيها كل من إيران وتركيا وعدد من الدول العربية من بينها السعودية، قال أمير عبداللهيان: نعتقد أن اجتماع العراق يمكن أن يكون خطوة كبيرة للتغلب على المشاكل والتركيز الرئيسي لاجتماع عمان هو موضوع مساعدة العملية السياسية في العراق.
وأوضح أمير عبداللهيان، أن إيران تعتقد أن "قمة بغداد 2" يمكن أن يكون خطوة إلى الأمام في التغلب على التحديات. وتابع: يجب أن تركز الرسالة الرئيسية والمهمة لهذا الاجتماع على التعاون الإقليمي دون تدخل أجنبي. لطالما رحبنا بالحوار والتعاون مع دول المنطقة، بما في ذلك الخليج الفارسي.
وعن إحتمال حدوث لقاء بين الجانب الإيراني والسعودي، لم يتم وضع خطة لعقد اجتماع بين الجانبين الإيراني والسعودي على هامش قمة بغداد.
*لقاءات مع الأوروبيين على هامش القمّة
وصرح وزير الخارجية أنه بالتزامن مع مشاركته في "قمّة بغداد 2" بالأردن، سيكون مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ونائبه إنريكي مورا حاضرين في هذا البلد، وقال: المحادثات بين باقري ومورا واتصالاتي مع السيد بوريل جادة. وأضاف: وتطرّق وزير الخارجية الى ملف الإتفاق النووي والمماطلة الأمريكية المستمرّة فيه حتى اليوم، وقال: أعلن للأميركيين بوضوح أنه يجب عليهم الاختيار بين النفاق والتوصل إلى اتفاق والعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
* منطقة خالية من الأسلحة النووية
وفيما سلّطت تصريحات وزير الخارجية على ملف إحياء العلاقات مع دول الجوار لا سيما دول الخليج الفارسي، استهلّ رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية "كمال خرازي" كلامه خلال المنتدى بقضية إحياء الإتفاق النووي، مؤكداً أن الجمهورية الاسلامية تريد إحياء الإتفاق، وتريد منطقة خالية من الأسلحة النووية.
واشار خرازي الى الملف النووي، معتبراً إيّاه من القضايا المطروحة في المنطقة، وأوضح: بعد أن نجحنا في التوصل الى التكنولوجيا النووية بجهود العلماء النوويين الإيرانيين، كانت الاطراف الاوروبية ترفض امتلاك ايران 15 جهاز طرد مركزي، في محاولة منها لأخذ ضمانات من ايران حول عدم المضي قدما نحو التخصيب.
*لا جدوى من القنبلة النووية
وأكمل موضحاً: لدينا اليوم 19 ألف جهاز طرد مركزي بفضل صمود ايران وجهود العلماء الإيرانيين، حيث اضطر الغرب للتفاوض لحل القضية النووية الإيرانية، إلا انه و بعد توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة لم يلتزم بتعهداته وفي النهاية انسحبت منها الولايات المتحدة الامريكية.
وردّاً على سؤال حول عدم قيام ايران بتصنيع قنبلة نووية، اوضح خرازي: ان ايران تحرم انتاج القنبلة انطلاقا من عقيدتها الاسلامية كما لا ترى فيه جدوى من الناحية الاستراتيجية كون ايران في حال المضي قدما نحو الاسلحة النووية سترى منافسة في هذا المجال على الصعيد الاقليمي بينما هي تؤكد منذ عقود على ضرورة منطقة خالية من الاسلحة النووية وضرورة القضاء على الاسلحة النووية للكيان الصهيوني والحاقه الى الضمانات.
وأعرب خرازي عن أمله بأن يسهم المنتدى في عرض الحقائق وفتح المجال امام مناقشة قضايا منطقة الشرق الأوسط وخاطب المشاركين، قائلا: كانت لديكم انطباعات أخرى عن طهران، وكنتم تتصورون أنها تشهد الحرب والصراعات واعمال الشغب.
*الدعاية السلبية
وفيما أوضح حقيقة ما جرى في ايران خلال الآونة الأخيرة ومحاولة الأعداء تأجيج العنف فيها، قال خرازي: ان مثل هذا التصور يعود الى الدعايات السلبية التي تروجها وسائل الإعلام الغربية ضد إيران بذرائع مختلفة، مؤكداً على أن الاحتجاج حق لكل المواطنين ويجب أن يتمتع به الايرانيون، إلاّ أنه أكد على وجود إختلاف كبير بين الاحتجاجات واعمال الشغب ولاتسمح أي حكومة ان يتعرض أمن بلادها للخطر، وهو ما تجلّى بشكل واضح في أوروبا وأمريكا.
وأكمل خرازي: ان الاضطرابات في إيران ليست قضية داخلية بحتة ولا تعود الى المشاكل المعيشة الناجمة عن العقوبات، وانما تعود الى شن حرب هجينة ضد إيران تخللتها اعمال ارهابية وتورط الاجهزة السياسية والاستخباراتية الأجنبية حيث كانت الحرب مخططة مسبقا كانت بانتظار شرارة باتت متوفرة بعد وفاة الشابة "مهسا اميني"، متّهماً حلف الناتو وجيوش دول أخرى بالمشاركة في هذه الحرب ضد ايران.
* أهم ازمات المنطقة
من جانبه، قال رئيس الوزراء العراقي الأسبق "عادل عبد المهدي"، في كلمة له خلال المنتدى، ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تواجه شتي الصعوبات ولكنها مازالت قوية وصامدة، مشيرا الى إنهيار هيمنة القطب الواحد وظهور قوي جديدة بالعالم، وأضاف: شهدنا في الفترة الأخيرة تراجع القوي الغربية في مختلف المستويات العلمية والعسكرية.
واكد أنّ وجود الكيان الغاصب للقدس من أهم ازمات المنطقة، واضاف: إن إشراف الرئيس الأمريكي السابق علي عمليات اغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس مؤشر علي ضعف هيمنة هذه الدولة.
*الحوار وسيلة مثمرة لتعزيز العلاقات
كما كان لمساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية القطري محمد بن عبدالعزيز الخليفي، كلمة في المنتدى، قال فيها: إن الحوار وسيلة واحدة ومثمرة لتعزيز العلاقات بين دول الجوار ودول المنطقة.
من جهته، قال وزير خارجية نيكاراغوا، "دنيس مونكادا"، أن إنحدار الولايات المتحدة بات وشيكا، ملفتا الى ان العالم على وشك التعددية للدول المستقلة. وقال مونكادا: ان السياسة الإيرانية قائمة على حسن الجوار، وتؤكد على ضمان الحقوق الدولية وتعزيز العلاقات على اساس بناء الثقة. ووصف مونكادا علاقات بلاده مع إيران بأنها ودية وأخوية ومناهضة للإمبريالية.
مضيفا: أن اجتماع طهران من شأنه أن يوفر فرصة للتعاون بين شعوب العالم. وفي اشارة الى الحرب في اوكرانيا قال: ان الولايات المتحدة الامريكية انتهكت الحقوق الدولية واستغلت الاتحاد الاوروبي واوكرانيا للهجوم على روسيا وحدودها وتهدد السلام والامن الدولي.
جدير بالذكر، ان منتدى طهران للحوار الذي عقدت جولتاه الأولى والثانية في عامي 2019 و 2020 ؛ قد لعب دوراً بارزاً في التقريب والتفاعل بين المسؤولين والمفكرين السياسيين في مجال الدراسات الدولية والإقليمية، لا سيما في مجال غرب آسيا.
نورنيوز/وكالات