تظهر إحصاءات الجمارك الإيرانية أنه تم تصدير 2/13 مليون طن من البضائع إلى العراق بنهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بينما تم تصدير أكثر من 21 مليون طن إلى هذا البلد في الأشهر الثمانية الماضية من العام الجاري. بعبارة أخرى، في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، شهدنا انخفاضاً بنسبة 39٪ في الصادرات إلى العراق من حيث الوزن.
وأظهر تحليل مفصل لصادرات إيران إلى العراق خلال العام الجاري أنه في عام 2022 تم تصدير ما معدله 6/1 مليون طن من البضائع إلى العراق شهرياً؛ لكن في عام 2021 تم تصدير 5/2 مليون طن من البضائع إلى العراق.
حدث هذا الانخفاض في الصادرات إلى العراق في الوقت الذي يؤكد رئيس الجمهورية والمسؤولين الإيرانيين دائماً على زيادة التجارة مع دول الجوار، إلا أن الانخفاض في تصدير البضائع الإيرانية إلى العراق كشريك تجاري استراتيجي، كان يتعارض مع الأهداف ورغبات الحكومة، بينما تظهر الأدلة أن صادرات تركيا إلى العراق كمنافس تقليدي لإيران، قد زادت بشكل كبير في نفس الفترة الزمنية؛ لكن في الأيام الأخيرة ذكر بعض النشطاء الاقتصاديين أن القيود المفروضة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أحد العوامل الرئيسية في تقليص الصادرات الإيرانية إلى العراق، بالطبع إحصاءات الجمارك لا تؤكد هذه الإدعاءات.
وعلى الرغم من أن هذه القيود كان لها تأثير على العلاقات التجارية في فترة زمنية قصيرة، إلا أنه بشكل عام يمكن إعتبار إدعاءات هذه المجموعة من النشطاء الاقتصاديين مضللة إلى حد كبير، لأن تحليل الإحصاءات والأرقام الشهرية المتعلقة بتصدير البضائع الإيرانية إلى العراق يظهر أنه بعد فرض قيود الإنترنت "نهاية أيلول"، لم يقتصر الأمر على عدم وجود انخفاض كبير في كمية الصادرات، بل ازداد حجم الصادرات مقارنة بالأشهر السابقة؛ لكن ما هو السبب الرئيسي لانخفاض الصادرات الإيرانية إلى العراق وما هي العوامل المؤثرة في هذا الصدد؟
* العوامل المؤثرة في إنخفاض الصادرات
عضو الغرفة التجارية الإيرانية - العراقية، علي شريعتي، اعتبر أن تراجع الصادرات الإيرانية إلى العراق يتأثر بعدة عوامل، وقال: تنقسم صادرات البلاد إلى العراق إلى عدة فئات: السلع الإستهلاكية غير المعمرة، وصناعات البناء، والكهرباء، والبتروكيماويات، والمكثفات. وأضاف: نتيجة إزالة الأسعار التفضيلية، شهدنا انخفاضاً في الصادرات في قطاع السلع الاستهلاكية غير المعمرة مثل الشوكولا والبسكويت ورقائق البطاطس والمنتجات الغذائية؛ لكن حجم هذا الانخفاض ليس مهماً في الإحصاءات الإجمالية؛ في الواقع، مع إزالة سعر الصرف الرسمي (الدولار = 4200 تومان) انخفضت القدرة التنافسية للأغذية الإيرانية؛ لكن بشكل عام هذا العامل ليس له تأثير كبير على الإحصائيات الإجمالية.
وبحسب شريعتي، فانه من الأفضل تصنيف الإحصائيات وتقييم حجم خفض الصادرات في كل قطاع حتى يمكن تحديد سبب انخفاض الصادرات إلى العراق بدقة.
* عدم تحديث إحصاءات تصدير الكهرباء والغاز
وقال عضو الغرفة التجارية الإيرانية - العراقية: بشكل عام يمكن القول أنه في بعض السلع التصديرية مثل الكهرباء، لا تقوم الجمارك بتحديث الإحصائيات ويتم الإعلان عنها كل بضعة أشهر، وربما تكون هذه من بين العوامل المؤثرة في تقليل إحصاءات الصادرات.
وأوضح أنه في مناقشة مشاريع البناء والخدمات الفنية والهندسية وبيع المكثفات، حيث تعتبر الحكومة هي البائع الرئيسي في هذا المجال، تشير الدلائل إلى انخفاض ملحوظ؛ بمعنى آخر، لأن البنوك العراقية تعمل بشكل أساسي مع أوروبا وأمريكا، وبسبب تواجد البنوك الايرانية في القائمة السوداء “FATF”، أدى ذلك لخلق مشاكل للناشطين في هذا المجال.
وأكد شريعتي: أنه في الحقيقة نشأت مشاكل في مناقشات الضمانات وتحويل الأموال، مما قلل من رغبة الجانب العراقي في التعاون مع الشركات الإيرانية، خاصة في مجال المشاريع الإنشائية والفنية والخدمات الهندسية.
* إنقطاع الإنترنت سبّب مشاكل متقطعة
وفي جزء آخر من تصريحاته، أشار هذا الناشط الاقتصادي إلى إختلال الإنترنت والعملية التجارية في البلاد، وقال: المياه تجد مسارها دائماً، بمعنى آخر على الرغم من إنقطاع الإنترنت والمشاكل الناشئة؛ لكن الظروف تحسنت تدريجياً وتشكل الاتصال؛ ولكن يجب أن تؤخذ هذه النقطة في الاعتبار أنه إذا شعر الطرف الآخر أنه يواجه دولة غير مستقرة، فان القوة التفاوضية لرجال الأعمال ستنخفض بسبب زيادة مخاطر السوق.
وفي الختام، قال شريعتي: لم يحدث شيء مميز في العراق كالحصار على البضائع الإيرانية؛ ولكن كما قيل ينبغي دراسة نصيب كل قطاع من قطاعات الصادرات بعناية وتحديد سبب الانخفاض في الصادرات إلى العراق بتحليل مفصل ودقيق.
هذا ومن الواضح أنه على الأقل في مجال الدبلوماسية الاقتصادية مع العراق تم السير في مسار هبوطي، وكانت هناك تقارير في وقت سابق تشير إلى خسارة السوق السورية. والعراق كواحد من الشركاء التجاريين المهمين، فان هذا الانخفاض يعتبر بمثابة ناقوس خطر. لذلك من الأفضل تحديد الأسباب الرئيسية وإصلاحها بدلاً من تقديم إدعاءات كاذبة تستخدم في الغالب من قبل وسائل الإعلام.
الوفاق