إذ لم يكد يمرّ بضعة أيام على وفاة الراحلة "أميني"، والتي أُثبت بالوثائق المصورة أنها لم تتعرض لأي ضرب من قبل القوى الأمنية، إنما كانت وفاتها طبيعية وبسبب حالة مرضية سابقة لم تك شرطة الأخلاق على دراية بها مطلقاً، حتى سارعت الجهات المعادية للبلاد في الداخل والخارج لإستغلال هذه الواقعة وتأجيج مشاعر العداء والفتنة والشقاق داخل ايران بذريعتها.
فخلال الأسابيع الأخيرة، وقعت العديد من الهجمات الإرهابية سواء كانت قد وقعت في بعض المناطق والمدن الحدودية، أم في المدن الرئيسية، وسقط إثر هذه الهجمات العديد من الشهداء غالبيتهم من القوى الأمنية وقوات التعبئة، وكان آخر هذه الجرائم إستشهاد حجة الاسلام سجاد شهركي إمام مسجد "مولى المتقين" في مدينة زاهدان مركز محافظة سيستان وبلوجستان (جنوب شرق البلاد)، في حادث اطلاق نار على ايدي إرهابيين مجهولي الهوية.
ومن ثم أعقبها إستهداف اثنين من القوى الأمنية في مدينة كرج القريبة من العاصمة طهران، وسقط كليهما شهيدا إثر الإعتداء الإرهابي على سيارتهما.
*المؤامرة مستمرة
على صعيد المؤامرة التي تتعرّض لها البلاد، وفي ضوء محاولات الأعداء "المستميتة" والمفضوحة لتأجيج الأجواء ضد ايران، حاولت وسائل الإعلام المدعومة "سعودياً -أمريكياً" إطلاق فتنة جديدة حيث زعمت قناة "إيران إنترناشيونال" المدعومة سعوديا والتي تلعب دورا كبيرا في الحملات المُغرضة ضد الجمهورية الإسلامية، عن وجود تقارير تزعم بتنظيم رحلة طيران خاصة من مطار بغداد نُقل فيها عدد من قوات الحشد الشعبي، وكتائب حزب الله إلى مدينة "مشهد"، شمال شرقي إيران. وزعمت القناة ان نقل الاشخاص من الحشد يأتي بهدف إشراكهم في أحداث ايران.
في السياق أيضاً، كشفت بعض الأنباء مؤخراً، عن نقل غرف الحرب الناعمة الناشطة في مجال تأجيج أعمال الشغب في ايران وبتدبير الكيان الصهيوني الى البحرين.
*ملحمة المقاومة الشعبية
إلاّ أن هذه الإعتداءات الإرهابية داخل البلاد، والحملات المُغرضة والشعواء من الخارج، لم تثبط عزيمة الشعب عن مواجهة المؤامرة، حيث انطلقت مسيرات اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي" صباح الجمعة في طهران و900 مدينة اخرى بحضور التلامذة والطلاب والشرائح الاخرى للشعب الايراني، وذلك احياء لذكرى الاستيلاء على وكر التجسس الامريكي (السفارة الامريكية في طهران) بتاريخ 4 نوفمبر 1979.
وتفرّدت مسيرات هذا العام عن مثيلاتها التي جرت خلال الأعوام الماضية بالأجواء الملحمية والحماسية التي إكتنفتها، والتعاضد والتلاحم الشعبي الذي طغى عليها، فهذه المرّة خرجت جميع أطياف الشعب بكل قوّة وحزم وقالت كلمتها الحاسمة في هذا التوقيت الحساس الذي تمرّ به البلاد، بأن الشعب يقف مع نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويدعمه، ولن يسمح للأعداء بتقسيم البلاد وزرع الشقاق ونشر الإرهاب بين أبناء الوطن الواحد.
*هتافات "الموت لأمريكا"
المشاركون أطلقوا في المراسم هتافات "الموت لأمريكا" معلنين اشمئزازهم من السياسات العدائية والسلطوية للنظام الاستعماري على راسه الولايات المتحدة الأمريكية . وقام أكثر من 3500 من الصحفيين والمصورين المحليين والأجانب بتغطية هذه المراسم في جميع أنحاء البلاد. وطالبت مختلف شرائح الجماهير المشاركة في مسيرات "اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي"، يوم الجمعة، جهاز القضاء بمحاكمة الضالعين بالجرائم الفظيعة الاخيرة.
وفي بيان صدر خلال المسيرات العامة في أنحاء ايران وشاركت فيها الجماهير المليونية، طالب المشاركون من السلطة القضائية محاكمة الضالعين بالجرائم الفظيعة الاخيرة.
*الاهتمام بشؤون معيشة المواطنين
كما دعا المشاركون في هذه المسيرات العوائل والمعلمين والاساتذة والمسؤولين الثقافيين في البلاد الى توعية جيل الشباب بفتنة المرجفين ومخططات اجهزة المخابرات الاميركية والبريطانية والصهيونية وبمساعدة آل سعود ومواكبة بعض الشخصيات في الداخل. ودعا البيان كذلك المسؤولين الى الاهتمام بشؤون معيشة المواطنين، من اجل فرز صفوف المحتجين عن صفوف مثيري الشغب والفوضى، فضلا عن توفير السبل القانونية لطرح الانتقادات.
وبلغ صدى هذه المسيرات المهيبة كافة المحطات الإعلامية حول العالم، حيث قامت العديد من القنوات بنقل مجريات المسيرات، في السياق أشارت وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية الى المسيرات الحاشدة التي شهدتها طهران وباقي المدن الايرانية بمناسبة اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي، وأكدت أن المشاركين في المسيرات التي شهدتها طهران رددوا فيها شعارات مناهضة لكل من أميركا وكيان الإحتلال الصهيوني مع وجود النساء المحجبات اللاتي كن يحملن العلم الايراني.
*يوم مقارعة الاستكبار العالمي
من جانبه، قال رئيس الجمهورية آية الله السيد إبراهيم رئيسي، في كلمة له في المراسم: تلعب أمريكا الدور الرئيسي في الحروب وإراقة الدماء. وصرح رئيس الجمهورية: اليوم هو يوم مقارعة الاستكبار العالمي و الغطرسة والأنانية.
وأضاف: في ثقافتنا الدينية، هناك تركيز على بناء و تطوير الذات، ويجب على الإنسان أن يجعل الله هو الحاكم على نفسه ويصبح طالبًا لله بدلاً من الأنانية و الغرور الذاتي. وأضاف آية الله رئيسي: هل نحن نتوقف بعد تهديداتكم وحظركم؟ إنكم تسعون إلى إبطاء وتيرة التطور في إيران، والولايات المتحدة تعلم أن إيران في حال التقدم، ولهذا تسعى لعزل إيران عن المجتمع الدولي، لكنهم فشلوا في كل خططهم ضد بلدنا.
وذكر أنه بجهود الفريق قاسم سليماني واستشهاده المظلوم خاب ظن أمريكا وأعداء إيران الإسلامية و فشلت مؤامراتهم وذهبت مخططاتهم هباء منثورا وأصبح الحاج قاسم سليماني رمزًا لمحاربة الإرهاب في العالم، مضيفًا: فليعلم الجميع أن العدو اليوم استهدف وحدتنا وتماسكنا وتقدمنا وأملنا والاقتدار في إيران الإسلامية.
وتابع آية الله رئيسي: اليوم كل من يتخذ خطوات في مجال اعمال الشغب في البلاد وجعلها غير آمنة، حتى لو كان أصغر عنصر في هذا المسار، عليه أن يعلم أنه يسير في اتجاه أعداء الثورة الاسلامية.
*قوتنا ليست بالصواريخ
وأكد آية الله رئيسي أن قوتنا ليست بالصواريخ والصناعات الدفاعية فحسب، فإنها لا تقتصر على القوة العسكرية، وقال: إن قوتنا تكمن في حضور الملايين من الناس في مراسم اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي في جميع أنحاء البلاد الإسلامية. وتابع: اعتقد الأمريكان أن ما طبقوه في دول مثل سوريا وليبيا وبعض الدول والمناطق الأخرى يمكن تنفيذها في إيران لكنهم أخطأوا في حساباتهم.
وأشار رئيس الجمهورية الى ضرورة الكشف عن المخططات الفتنوية الاميركية عبر جهاد التبيين، مضيفا أن الاستكبار يريد البلاد ان تكون ابقارا لحلبها، ولكن الشعب الإيراني لن يخضع للغرب وسيبقى صامدا أمام المخططات والمؤامرات.
الوفاق