مع أن الأجواء السائدة في الضفة في الأسابيع الأخيرة تعلوها طبقات متصاعدة من التوتر الأمني، وقبل الحديث عن انتفاضة جديدة، يعترف الإسرائيليون بأنهم أمام موجة عمليات قوية تجتاحهم، حيث تنفذ العمليات من مجموعات جديدة في جنين ونابلس وطولكرم، التي سيطرت على كامل شمال الضفة، رغم أن السلطة الفلسطينية تخشى أن تؤدي انتفاضة جديدة لزعزعة استقرار حكمها، لكنها في الوقت ذاته حريصة على عدم مواجهة المسلحين خشية أن يؤدي ذلك إلى اندلاع اشتباكات داخلية.
يوني بن مناحيم الضابط السابق بجهاز الاستخبارات العسكرية، قال: "بينما اعتبرت أوساط الأمن الإسرائيلي أن إجراءاتها ضد "عرين الأسود" قد تفككها، لكن هجوم كريات أربع في الخليل يشهد على استمرار موجة العمليات، وانتشارها من شمال الضفة إلى جنوبها، ينفذها مسلحون منفردون، يوصفون بأنهم "الذئاب المنفردة"، وهي ظاهرة بلغت ذروتها في 2015 خلال انتفاضة السكاكين، لكن انضمامهم للموجة الحالية أمر خطير للغاية، لأنه صعب للغاية من وجهة نظر استخبارية لإحباط هجماتهم".
وأضاف في مقال نشره موقع "نيوز ون"، أن "هذه الظاهرة المقلقة تستدعي من أجهزة الأمن منع المزيد من الهجمات في باقي مناطق الضفة الغربية، ومحاولة عزل جنوبها عن شمالها، خاصة وأن الجنوب ظل هادئاً نسبيًا حتى الآن عن ظاهرة العمليات، وفي حال استيقظت الخليل على المزيد منها، فقد يغير هذا الوضع الأمني تمامًا في الضفة الغربية، لأن استهداف المستوطنين فيها سيعطي دفعة للهجمات، ودعمًا كبيرًا لها، وقد تؤدي لانتفاضة جديدة، ففي الخليل كميات هائلة من الأسلحة والذخائر، صحيح أن الجيش سيعزز قواته فيها، لكن حماس تبذل جهودًا كبيرة لتنفيذ المزيد من الهجمات فيها".
تكشف هذه المخاوف الإسرائيلية عن إخفاق سياسة الاغتيالات في وقف هجمات المقاومة، وشيوع اعتقاد إسرائيلي مفاده أنها لن توقف الموجة الجديدة من العمليات، خاصة في غياب أفق سياسي، لا سيما مع ظهور النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، خاصة وأن هذه الهجمات تحظى بتأييد شعبي كبير في الشارع الفلسطيني، ولعل مشاركة عشرات الآلاف من سكان نابلس بجنازات "عرين الأسود" تزيد من الغضب الشعبي، والرغبة في الانتقام، مما يعني زيادة الإيمان الفلسطيني بالمقاومة المسلحة.
القراءة الإسرائيلية اليوم تتوقع دخول فترة أمنية صعبة في المستقبل القريب في أراضي الضفة الغربية، حيث ستستمر موجة العمليات، وفي حال وصلت حكومة يمينية إلى السلطة نتيجة انتخابات الكنيست، فستحاول المنظمات الفلسطينية تحديها من خلال زيادة الهجمات، لذلك ليس من المتوقع أن تتوقف هذه العمليات التي تعمقت فكرتها، وتجذرت في الشارع الفلسطيني بتشجيع من شبكات التواصل الاجتماعي، وأصبحت هجمات الطعن والدعس شائعة للتنفيس عن الغضب من الاحتلال.
نورنيوز-وكالات