وفي ضوء تلك العناية الرحمانية التي بفضلها تمكّنت المقاومة من الإنتصار على محور الإرهاب والشر في المنطقة، تمكّنت قوات حرس الثورة الإسلامية من تحديد هوية 5 شهداء من المدافعين عن مراقد اهل البيت (ع) كانوا قد استشهدوا خلال النضال ضد الإرهاب في محور خان طومان بسوريا.
حيث اصدر حرس الثورة الاسلامية أمس الاحد، بيانا اعلن فيه عن تحديد هوية الشهداء الخمسة، وجاء في البيان الصادر عن حرس الثورة: في سياق متابعة الامر الذي اصدره القائد الشامخ الشهيد الحاج قاسم سليماني بضرورة المتابعة الخاصة للمفقودين في محور خان طومان (في سوريا)، وفي ظل العناية الالهية والجهود المستمرة والدؤوبة المبذولة ليل نهار، فقد تم عبر تطبيق نموذج الـ "دي ان اي" تحديد هوية 5 شهداء من المدافعين عن مراقد اهل البيت (ع) من محافظات مازندران والبرز وفارس وهم؛ العميد الشهيد عبدالله اسكندري والعميد الشهيد رحيم كابلي والشهيد مصطفى تاش موسى والشهيد محمد امين كريميان والشهيد عباس آسمية، وتمت اعادة جثث هؤلاء الشهداء الشوامخ الى الوطن الاسلامي.
* الشهيد عبدالله اسكندري
وأفاد بيان حرس الثورة الإسلامية، بانه سيتم إرسال الجثامين الطاهرة لهؤلاء الشهداء الشوامخ الى مدينة مشهد المقدسة لطوافها بمرقد الامام "علي بن موسى الرضا (ع)" لترسل من ثم الى مساقط رؤوسهم لتشييعهم من قبل المواطنين مع التزام التوصيات الصحية الخاصة بالوقاية من مرض كورونا.
ومن بين الشهداء الذين كَشفَ عنهم حرس الثورة الإسلامية ما يلفت الأنظار اسم الشهيد عبدالله اسكندري الرئيس السابق لمؤسسة الشهداء في محافظة فارس، سقط شهيداً على يد إرهابيي "أجناد الشام" عام 2014، وعقب استشهاده قام أحد قادة هذه المجموعة الإرهابية المدعو أبو جعفر بقطع رأس الشهيد من جسده الميت بعد استشهاده ونشر صوره في مواقع التواصل الإجتماعي، لكن يد الإرهاب الخبيثة لم تتمكن من حجب تضحيات هذا الشهيد المعطاء وما زالت حاضرة في قلوب محبيه وأبناء المقاومة.
*عقيلة الشهيد
في السياق، وعلى خلفية استعادة جثمانه الطاهر بعد أن عجزت يد الإرهاب الآثمة من تغييبه وطمس تضحياته، تحدّثت السيدة أعظم سالاري عقيلة الشهيد القائد عبدالله اسكندري صباح امس عن مكنونات قلبها المكلوم، بالقول: منذ العام 2014، عندما استشهد زوجي، في كل سنوات الانتظار هذه، كنت أُسلّم قلبي دائما لله وقلت إنني أريد ما يشاء الله تعالى، على الرغم من أن عدم وجود زوجي كان صعباً جدا عليّ، إلاّ أنه من شدّة لوعة قلبي للشهيد عبدالله في الآونة الاخيرة، شعرت أن شيئًا ما سيحدث؛ خاصة في الأيام التي كنا نقترب فيها من شهر محرم الحرام.
تطرّقت كريمة الشهيد اسكندري الى نقاط مثيرة للاهتمام حول سيرة واستشهاد هذا القائد المناضل في مقابلة عام 2014، وقالت حينها بعد أن تحدّثت عن المهام ومنجزات الشهيد في الجانب العسكري ومجال خدمته ومنجزاته: قبل وقت قصير من توجّهه إلى سوريا، أخبرني أنهم على الأرجح سيسافرون إلى لبنان، كنت قد وضّبت الحقائب لسفره. وكانت مهماته معتادة، لكن هذه المرة كان لكل شيء لون وشكل مختلف، بعد ذلك بقليل، كان بالقرب من مراسم الإعتكاف، عندما أخبروني أنهم يرغبون في المشاركة في هذا المعتكف ثم المغادرة، وكان الأمر بإرساله لم يكن قد صدر عندما ذهب الشهيد إلى مراسم الإعتكاف. كان اليوم الثاني عشر من شهر رجب عام 2014، وكان سعيدًا جدًا لتمكنه من المشاركة في الإعتكاف. عندما كانوا في الإعتكاف، افتقدتهم ورفعت الهاتف عدة مرات للاتصال، لكنني ندمت على ذلك وقلت من الأفضل أن لا أزعجهم.
كريمة الشهيد تسترسل بوصفها عن المشاعر التي راودتها قبل أن يسقط القائد شهيدا على أيدي الإرهابيين في سوريا، وتقول: كنت على يقين أن هذا الرحيل كان مختلفًا عن كل الرحلات السابقة في هذه السنوات، حيث ذهب قلبي معه أيضا، ولكنني كنت أُطمْئِن نفسي بأن شيئًا لن يحدث، حيث غادر وفي الساعة 4:20 مساءً في نفس اليوم، أخبرني بأنه انطلق بالتوكل على الله، وكان كما وعدني يتواصل معي كل يومين مرّة لأطمئن عليه، وفي الليلة التي سبقت استشهاده فقط، اتّصل بنا وتحدّث مع جميع الأطفال باشتياق ولوعة. في اليوم التالي، عندما تحدّث معي، أخبرني أنه في سوريا، ودعاني لإطلاع العائلة بهذا الأمر. في اليوم الذي أبلغونا فيه عن استشهاده، لم يعرف إخوته وأخواته إلى أين كان قد ذهب.
وتصف كريمة الشهيد آخر جملة نطق بها الشهيد في آخر اتصال لهما معاً، وتقول بعينين تملؤهما الدموع: أتذكر دائما جملته الأخيرة، في المكالمة الأخيرة بيننا، قال لي: "أتوسّل إليك أن تدعين لي"، عندها ضحك زملاؤه أيضاً، قلت له وأنا أضحك: هل يضحك زملاؤك؟ قال لي: لا توجد مشكلة دعيهم يضحكون.
كريمة الشهيد تكرّر آخر ما قاله الشهيد القائد لها قبل أن ينال شرف الشهادة، وتقول بكلمات تكاد تخرج من فمها من شدّة حزنها لدى استحضارها تلك الذكرى: آخر ما قاله لي الشهيد عبدالله هو (أتوسّل إليكِ أن تقومي بالدعاء لي).
الوفاق