نورنيوز- تسود الاجواء السياسية في العراق حالة من الإحتقان السياسي هذه الايام، وذلك بعد 10 اشهر من الإنسداد الناجم عن تنافس الأحزاب المختلفة الحاضرة في البرلمان العراقي، وفي ظلّ وضع توصّل فيه تيار الاطار التنسيقي للشيعة ككتلة الاغلبية في البرلمان الى إجماع على تقديم محمد شياع السوداني كرئيس للوزراء.
حساسية الوضع الراهن في العراق تكمن في كونه يدخل مرحلة تحدّد دور ركائز القوة في هذا البلد على مدى السنوات القليلة المقبلة على الأقل، وقد تسبب هذا الأمر في استقطاب التيارات الرئيسية كل ما لديها من القدرات الميدانية لرفع الأثقال السياسية التي تتزايد حجما وثقلاً على مايبدو.
في السياق؛ بعد تشكيل البرلمان بحضور نواب جدد حلوا محل نظرائهم المستقيلين، تسارعت عملية تقديم وانتخاب الرئيس ورئيس الوزراء ومحاولة تشكيل حكومة مناسبة.
في ضوء ذلك، وصل "إطار التنسيق الشيعي" يوم الاثنين من الأسبوع الماضي بهدف "حلحلة" عملية تشكيل الحكومة، بعد مشاورات عديدة من المرشحين النهائيين الخمسة الذين قدموا إلى هذه المجموعة من قبل مجموعات وتيارات سياسية نشطة، تم التوصّل بالإجماع على إنتخاب "محمد شياع السوداني".
ووفقا للإجراءات القانونية في العراق، يجب ترشيح الرئيس أولا والحصول على تصويت بالثقة من مجلس النواب، توقف ترشيح "السوداني" حتى تتحدّد في البداية مسألة رئيس الجمهورية أولا.
لكن منذ مساء الأربعاء الماضي؛ إجتاح أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء ببغداد احتجاجاً على إنتخاب السوداني، ورفعوا مطالبهم بشعارات مناهضة له بعد دخولهم مجلس النواب.
في السياق، لابد من تناول بضعة نقاط مهمة:
أولاً: مسألة تعيين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في العراق رغم تأخرها بسبب تطورات الأشهر العشرة الماضية في هذا البلد، بما في ذلك الخلافات بين التيارات العرقية والدينية والتطورات في مجلس النواب، إلاّ أن هذا ليس بجديد على العراق. حيث جرت حالات مماثلة في الماضي، لذلك لا ينبغي أن يشار إلى هذه التطورات على انها "إنسداد سياسي".
ثانيا: السيناريو الذي أفضى الى تشكيل حكومة دون اتفاق لم يكن قادراً على تحقيق أهدافها في العمليات السياسية، وفي المقابل العملية في حال التقدّم، وستكون نتيجتها بالتأكيد تشكيل حكومة بالإتفاق بين جميع الأطراف.
يعتزم التيار الذي يسعى لتشكيل حكومة توافقية استخدام جميع القدرات للحفاظ على السلام والتنمية الاقتصادية ولعب دور فعال في المنطقة والنظام الدولي، خاصة في مجال الطاقة.
ثالثاً: جدير بالذكر أن "الاتفاق" يعني "قبول الحدّ الأدنى المرغوب فيه لتجنب الإنسداد السياسي"، ومن الواضح، في مثل هذه الحالة، أنه يجب حماية المبدأ المهم المتمثل في "الالتزام بالديمقراطية وموجباتها" من أجل الحفاظ على السلام والاستقرار السياسي والاجتماعي، لا سيما أنه أساس استمرار المنافسة السليمة والبنّاءة في العراق، وحتى لا يعلق المجتمع في نفق الوهن والتفتت الإجتماعي وهو ما يُضعف التماسك الوطني ككل.
رابعاً: كالعادة، على الرغم من أن العمليات النفسية لوسائل الإعلام الغربية والإقليمية التابعة للغرب تسعى لاصطياد أسماكها من هذه المياه العكرة من أجل منع تحقيق الاستقرار والسلام في العراق، إلاّ أن النهج الإجماعي لـ "إطار التنسيق الشيعي" أفشل هذا السيناريو حتى الآن، ودعا في بيان جميع المواطنين لإبداء معارضتهم للتيارات غير المسؤولة التي تتبع مسارات غير سياسية.
خامساً: تجري الاحتجاجات القانونية في إطار المصالح الوطنية في الأنظمة السياسية الديمقراطية على غرار العراق وتحت مظلة حماية الحكومة، لذلك مع الأخذ في الاعتبار أن المشاغبين أو الجماعات الإرهابية عادة ما ينتهزون التجمعات الاحتجاجية غير القانونية لزعزعة النظام العام وخلق حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن في البلاد، يجب ألاّ تتحرك التيارات التي تدّعي دعم حقوق الشعب خارج إطار القانون لدرء أي فتنة.
سادساً: من الجليّ جداً، أنه وفقا لواجباتها القانونية يستوجب على الحكومة العراقية حماية أرواح وممتلكات الشعب والمراكز الحكومية والمباني السياسية مثل السفارات، وما إلى ذلك، ولا ينبغي عليها التغافل والتقصير في هذا الصدد بذرائع مختلفة أو التصرف بطريقة تثير الشك في دعم جماعة أو حركة معينة.
نورنيوز