معرف الأخبار : 69181
تاريخ الإفراج : 6/1/2021 11:37:48 AM
تطوير بنكهة الإبادة الجماعية في كندا

تطوير بنكهة الإبادة الجماعية في كندا

يقدر عدد السكان الأصليين في كندا بـ 1.6 مليون نسمة، أو 4٪ من إجمالي عدد السكان، تنضح أعلى معدلات الجريمة والفقر والإدمان في أواسط هذه الفئة من المجتمع الكندي نظراً لتركيبتها الثقافية وعدم المساواة تجاهها، ورغم أن سكان كندا الاصليين لم يذوقوا طعم الويلات التي ذاقها نسلهم في الولايات المتحدة، إلاّ أنهم تعرّضوا في فترة من الزمن للإبادة الجماعية ايضاً، ومازالوا حتى يومنا الراهن محرومين من حقوقهم الكاملة ومن المساواة مع بقية المواطنين.

منذ أن نالت دولة كندا التي تشكّلت في أواسط القرن الثامن عشر استقلالها في القرن التاسع عشر، شنّت حكومة هذا البلد حملة تغيير ديموغرافي زعمت انها للتطوير والتحديث تحت عنوان "تعريف السكان الأصليين بالثقافة الحديثة"، وشرعت بفصل أطفال أسر السكان الأصليين عن عائلاتهم وقبائلهم ووضعتهم في مدارس داخلية وأرسلتهم ليعيشوا مع العائلات البيضاء تحت مسمى أطفال بالتبني.

الحكومة الكندية المعاصرة التي لم يتجاوز عمرها الـ200 عام، لم تمثّل السكان الأصليين في الواقع، بل عزّزت موقفها أولاً بإبادتهم في الأراضي التي استعمرتها، ثم سعت إلى التخطيط للإبادة الجماعية المنهجية للسكان الاصليين، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب وقتل الرجال والنساء منهم، كما نفذت الحكومة الاستعمارية أيضا في ذلك الوقت خططًا لتدمير ثقافة السكان الأصليين وتغيير هويتهم، في إطار إحدى هذه المبادرات، تم تنفيذ سياسة كندا للفصل القسري للأطفال الأمريكيين الأصليين في البداية بذريعة "توفير المزيد من التفاعل والتكامل بين المستعمرين البيض والسكان الأصليين".

وفي السياق ذاته، أنشأت كندا نظاما للمدارس الداخلية كانت تديره بشكل رئيسي الكنائس وأرغمت أطفال السكان الأصليين على الإنخراط به، لكن تدهور النظام في السبعينيات، وأغلقت آخر مدرسة من مدارس سياسة الاستعمار الكندي في عام 1996.

ولدى انطلاق المشروع الاستعماري الكندي، قال حينها هيكتور لانجوين، وزير الخدمات العامة الكندي في عام 1883: "من أجل تعليم الأطفال بشكل صحيح، يجب أن نفصلهم عن عائلاتهم، قد لا يحب البعض ذلك، لكن ليس لدينا خيار سوى جعلهم مُتحضّرين".

ووفقًا للتقارير الواردة في هذه المدارس، فقد عوقب العديد من الطلاب جسديًا، وحُرموا من الاتصال بأفراد أسرهم، وحُرموا من التحدث بلغتهم الأم وأداء شعائرهم.

وكانت مدرسة كملوبس الداخلية في تلك الفترة الزمنية، التي تم الإبلاغ عنها مؤخرا في وسائل الإعلام بعد اكتشاف مقابر جماعية لأطفال السكان الأصليين فيها، هي واحدة من هذه المدارس التي أسستها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في عام 1890م وأغلقت عام 1978.

كانت المدرسة جزءا من شبكة من المدارس الداخلية في جميع أنحاء كندا تم إنشاؤها بهدف إجبار أطفال السكان الأصليين على الاندماج عن طريق عزلهم عن أسرهم ومجتمعاتهم، وإجبارهم على الامتناع عن التحدث بلغتهم الأم أو الانخراط في أنشطة ثقافية محددة.

جدير بالذكر أن بعض الجثث التي عثر عليها في المقبرة الجماعية بهذه المدرسة تعود لأطفال يبلغون من العمر ثلاث سنوات. بالطبع، لا يزال سبب ووقت وفاة هؤلاء الأشخاص مجهولين، إلاّ أن الوثائق التاريخية المتاحة تكشف أن طلاب هذه المدرسة تعرّضوا لتفشي أمراض الحصبة والسل والأنفلونزا والأمراض المعدية الأخرى وفقد الكثير منهم حياتهم.

ولم تقتصر سياسات التمييز العنصري التي انتهجها المستعمر الكندي تجاه مجتمعات السكان الأصليين خلال الحقبة الاستعمارية على تغيير البيئة التعليمية للأطفال.

فوفقا لمسح وطني في كندا، وُصف اختفاء أو قتل آلاف النساء والفتيات من السكان الأصليين في العقود الأخيرة في البلاد بأنه "مأساة وطنية على نطاق واسع" و "إبادة جماعية".

وأفاد التقرير، الذي نشر في عام 2008 من قبل لجنة التحقيق الوطني في النساء والفتيات من السكان الأصليين الذين قتلوا خلال الحقبة الاستعمارية: "السياسات والإجراءات الحكومية المتجذرة في الاستعمار والأيديولوجية الاستعمارية هي السبب الرئيسي لاختفاء الآلاف من نساء السكان الأصليين في كندا". وأضاف التقرير: "نحن نعلم أن آلاف النساء والفتيات والأشخاص من خلفيات مختلفة قد وقعوا ضحايا للإبادة الجماعية الكندية حتى الآن"، وتقدر النتائج أن أكثر من 4000 امرأة من السكان الأصليين في عداد المفقودين.

ورغم كل إرثها الاجرامي الكبير في القمع والتعذيب وإبادة سكان الارض الاصليين، إرث كشفته وثائق وصلت لأيدي الجميع بمساعدة منظمات غير الحكومية بعد سنوات من السرية، تواصل الحكومة الكندية، التشدّق بحقوق الإنسان في المحافل الدولية.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك