حكومة في شكلها ومضمونها تعتبر جديدة على بلاد الأرز حيث أنها للمرة الأولى تضم وجوه جديدة من ذوي الاختصاصات المتناسبة مع الحقائب الوزارية وهذا من شأنه أن يزيد من إنتاجية عملها بحسب معايير الكفاءة والخبرة للحدّ من الأزمات المتتالية التي تعاني منها البلاد من تدهور سعر صرف العملة الوطنية إلى الشحّ في بعض المواد الأساسية وموارد الطاقة وصولا إلى التفلّت الأمني.
المشهد الحكومي إذاً يبشّر بالخير من الخارج ولكن في داخله سيناريوهات متعددة لمرحلة ستشكل ذروة النزاع بين قوى ٨ و ١٤ آذار منذ نشوء التحالفات عام ٢٠٠٥ وحتى اليوم.
في المقلب الأول فريق سيسعى لإثبات جدارته عبر الوزارات وبرامج الإصلاح والعمل الدؤوب للخروج من الأزمة ومحاربة الفساد المتفشي في الدولة خصوصا أنه للمرة الأولى يتمتع بالأغلبية النيابية التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة الأمر الذي يجعله مطالب أمام شعبه بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية منذ ثلاث سنوات بالإضافة إلى أن الحكومة المولودة حديثا محسوبة عليه بعد استقالة سعد الحريري من الحكومة السابقة وانسحاب حزب القوات والكتائب وقوى ١٤ آذار من المشاركة في التأليف الجديد تباعا متذرّعين بالنزول عند رغبة الشعب وهو الأمر الذي تنفيه تصرفاتهم التي شهدتها الأحداث الأخيرة من مشاركتهم في لعبة الشارع وحرف التظاهرات عن مسارها والهجمات الإعلامية الممنهجة بأهداف واضحة لدق المسامير في نعش العهد الرئاسي الذين كانوا من أشد معارضيه قبيل الانتخابات الرئاسية وتحول إلى سخط كبير بعد وصول الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة وحصول قوى ٨ آذار على الأغلبية النيابية في الانتخابات الأخيرة.
أما على المقلب الآخر يقف المرشح السابق لرئاسة الجمهورية "سمير جعجع" والمنافس الأول في الطائفة للرئيس عون ومن خلفه حزبه الذي صنّف نفسه في صفوف معارضة السلطة منذ الايام الأولى للانتفاضة ومعهم الحلفاء من قوى ١٤ آذار بنوايا واضحة لإزاحة الحمل عن أكتافهم بملفات العمل والفساد لا بل سيكون الوقت المناسب للفوضى في الشارع وشلّ عمل المؤسسات وعمّال القطاعين العام والخاص فهي الفرصة المنتظرة لإفشال العهد الرئاسي وإلقاء اللوم على "حكومة اللون الواحد" في خراب البلاد لبناء مشروع انتخابي يعوّض خسارة الانتخابات المنصرمة ويمهد الطريق أمام الدكتور جعجع او اي رئيس "معارض" نحو قصر بعبدا في الاستحقاق الرئاسي القادم.
صراع كبير اذا هو ما ينتظر اللبنانيين العالقين بين مطرقة الفساد وسندان الحلم بالاستئثار في السلطة الذي ستمارسه ما يسمى "بالمعارضة" الآن بشتّى الطرق من أجل وضع العراقيل في وجه الحكومة المحسوبة على العهد الرئاسي وقد بدت معالم هذه النوايا واضحة لما شهدناه من خراب وقطع طرقات في جميع المناطق اللبنانية تزامناً مع إعلان الحكومة وهو الأمر الذي يعارض معظم آراء أصحاب المطالب المحقّة الذين قالوا أن حكومة الشباب الاختصاصيين المستقلين تستحق الفرصة.
حسين شعيتو من لبنان/بيروت