وقال في حوار له مع موقع نور نيوز: بادئ ذي بدء، لا شك في أنّ كلمة السيّد ابراهيم رئيسي لها دلالات نوعية كبيرة، تتسق مع أهمية وطبيعة معركة "طوفان الأقصى" التي بدأتها المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر، وليس مستغرباً أن تكون بهذا العمق الدلالي الواسع، لعدة أسباب من ضمنها إيمانية إيران بثورتها المظفّرة التي دعمت القضية الفلسطينيّة ومقاومتها وضمّنت دساتيرها وقوانينها بكل ما يضخّ الدم في شرايين الخيار المقاوم كخيار أوحد في تحرير الأرض .
وأضاف الكاتب السياسي السوري: من هذا المنطلق جاءت كلمة السيد رئيسي، الذي اعتبر فيها أن ما يحصل في غزة قضية مواجهة بين محورين، بما تمثّله المعركة من فرصة لتحديد الاصطفاف لجانب فلسطين وقضيتها العادلة، أو في صف قتلة أبناء الشعب الفلسطيني ممن ظهر منهم أو تلطّى خلف شعاراتٍ كانت حبيسة مسارات فرّطت بحق الفلسطيني على أرضه وفيها.
*تعزيز الوعي المؤمن بالمقاومة
وقال: ومن المهم جداً، القول أن ما يحصل في غزة اليوم، وهو جزء من كلّ فلسطين التي تشكل قلب الأمة وعنوانها العريض، سيكون له بالغ الأثر في رسم ملامح طبيعة النظام الدولي القادم، سواء لجهة تعزيز الوعي المؤمن بالمقاومة كخيار أنجى لتحرير الأرض والتحرر من طغيان الاحتلال الصهيوني وداعميه، أو لجهة إظهار وتبيين هشاشة سياسات الكيان الصهيوني وفي مقدمتها "التطبيع" لتطويق دول محور المقاومة ومحاولات إقناع العقل العربيّ بأن "إسرائيل" قدرٌ محتوم لا مفر منه.
وأردف بالقول: في الصدد نفسه، تأكيد السيد رئيسي على المقاومة كحل لرد المحتل يؤكد تماماً ويدعّم موقف إيران المبدئي والثابت في دعم ومساندة المقاومة بكافة أشكالها ولا سيما على أرض فلسطين المحتلة، مادياً ومعنوياً، ويرسّخ في الوعي الجمعي ضرورة التمسك بخيار المقاومة الذي تؤمن فيه شعوب ودول محور المقاومة وعلى ناصيتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي تربّعت على عرش العزة والكرامة والاقتدار بمقاومتها لمنظومة الهيمنة قبيل انتصار ثورتها المباركة وبعدها وأهّلتها لريادة دور أساسي في دعم حركات المقاومة التي تؤرق الكيان الصهيوني الرصيد الاستراتيجي لأميركا.
*إشغال العرب ببعضهم
وأضاف: على المستوى العربي، لا يغب عن ذهن أحد وبنظرة تاريخية كجذرٍ لأساسات سياسات بعض الدول العربيّة رضوخ هذه الدول لسياسة الكيان الصهيوني والذين خضعوا بالمحصّلة لهيمنة القطب الواحد، من هنا كان لهذا الرضوخ الدور الفعّال في تحقيق سياسة "إسرائيل" التي تهدف من خلالها لحرف النظر عن إجرامها ومشروعها التوسعيّ على حساب إشغال العرب ببعضهم و رمي فُتات الاستنجاد بها على طاولات المفاوضات الماكرة التي تجعلها تنزوي من موقع المتحّكم والمسيطر على موقف تلك الدول، و دعوة السيد رئيسي لاعتبار جيش الكيان الصهيوني منظمة إرهابية رسالة هادفة للضمير العربي حتى يتحرك في هذا المسار ليعترف بواقعية الحال التي عتّم عليها اتباع ثقافة "سلام الاستسلام" خلال 75 عاماً وتزيد، كما أنها رسالة تبيّن لكل قارئ واعٍ بأن المحافل الدوليّة ترضع من ثدي الولايات المتحدة الأميركية التي ومنذ نشوء الأمم المتحدة شرعنت الاحتلال الجاثم على أرض فلسطين، و خالفت قبل ذلك كل العهود والمواثيق الدولية، وسمحت لبريطانيا بترك المفتاح تحت الباب للمنظمات الصهيونية القاتلة وهي خالفت بدورها ونسفت تماماً ما يحتّمه صك الانتداب على دولة فلسطين .
*مؤشر بارز الأهمية
وأكمل: للكلمة أيضاً، مؤشر بارز الأهمية. وهو أن المقاومة كفعل تراكمي متكامل وكنهج أصيل تشكل المحور الأساس في مواجهة وصدّ توسع الكيان الغاصب، القائم على مرتكزين أساسيين، كلّ أرض تطؤها قدمكم هي لكم، و نظرية "الأمن القومي الصهيوني" القائمة على تعظيم "إسرائيل" في كل مراحل الوعي العربي. ويظهر أيضاً القوة الوازنة التي وصلت إليها المقاومة في غزة المحاصرة، وكذلك الضفة الغربية التي تشغل العدو، وبذات الوقت حزب الله كخندقٍ متقدم في مواجهة الاحتلال والذي يوسّع رقعة المجابهة والمواجهة حسب الضرورة الميدانية وهي في تطور لافت. وفي جوهر الكلمة أن المقاومة هي ما يحفظ ما تبقى من ماء وجه للأمة وما يمنع المحقق الذي يغفل عنه قادة الدول الإسلامية الغارقين في صمتهم الذليل وهو التمدد الصهيوني وآفاق سيطرته وبسطها بكافة الأشكال والسبل.
*الدعوة لقطع العلاقات
وقال: الدعوة لقطع العلاقات، محطة ضمن سياق سيكون له الدور في تحديد موضع الاصطفاف بعد أن تعرّت "إسرائيل" ومعها أميركا والغرب من كلّ ما أدّعوه عبر سنين مضت من "ديمقراطية، وحقوق إنسان" عبر ما يرتكبوه يومياً من جرائم بحق الأطفال والأهالي الفلسطينين وجعلهم بنك أهداف لهم بما يعكسه ذلك من ارتفاع منسوب الإجرام الصهيوني و فشله في آنٍ معاً في إضعاف المقاومة وفتق علاقتها بحاضنتها التي تؤمن فيها رغم التضحيات، وفيه العبرة حتى تُراجع الدول العربية نتائج استراتيجيّتها في إدارة الصّراع التي مكّنت العدو من احتلاله، وإمعانه في القتل، وكبّلت الأنظمة العربيّة وشعوبها .. وتضعها أمام سؤال استراتيجيّ بالغ الضرورة: ماذا حققت خلال سنوات المهادنة، وما الذي تنتظره وهي ترى كلّ العالم يجتمع نتيجة زفرة غزة وحدها في وجه الاحتلال الغاصب للأرض، والمصادر لإراداتها، ثمّ، هل أن هذه "إسرائيل" التي اعتقدتها الأنظمة العربيّة وهي تعظّم نفسها في عقولهم؟!
نورنيوز