معرف الأخبار : 127284
تاريخ الإفراج : 1/31/2023 10:56:08 PM
الثلاثاء الأسود في فرنسا.. عندما تأكد ماكرون أن حساباته خاطئة

الثلاثاء الأسود في فرنسا.. عندما تأكد ماكرون أن حساباته خاطئة

تكشف جملة التطورات الاقتصادية القائمة في فرنسا إلى ضعف الحكومة الفرنسية والانخفاض الحاد في موقعها وقوتها في المجريات الحاصلة في أوروبا والعالم.

نورنيوز- بات إيمانويل ماكرون الخاسر الأكبر في بلاده في الأيام الأخيرة، على الرغم من أنه في عام 2017 وتحت ستار الرؤية الاقتصادية، تم وضعه على رأس المعادلات السياسية والتنفيذية لفرنسا، وحتى أنه يحلم بأن يكون القائد الاقتصادي لمنطقة اليورو، لكنه الآن في بداية عام 2023 يواجه مشاكل واسعة النطاق تهدد حكومته الضعيفة في أي لحظة.

ورغم أن قصر الإليزيه يعتبر التدخل في شؤون دول غرب آسيا وأوكرانيا وشمال ووسط إفريقيا مهمته الرئيسية في مجال السياسة الخارجية، إلا أنه فقد سلطة الحد الأدنى من الإدارة في المجال الاقتصادي لفرنسا!

يعتبر ما حدث الثلاثاء 31 يناير في فرنسا نقطة تكشف عن الضعف التحليلي والمعرفي وقصر نظر استراتيجي للسلطات الفرنسية فيما يتعلق بالتطورات الجارية في هذا البلد، حيث تحولت سياسات الحكومة الى شعلة نار في الهشيم في تفاقم نطاق الإضرابات الداخلية في فرنسا، حيث تجلّى لهم أن حساباتهم خاطئة تماما!

حيث خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في جولة ثانية من الاحتجاجات والإضرابات ضد خطة إصلاح قانون التقاعد الفرنسي. وتعطل في بعض المدن توزيع الكهرباء وأجزاء من نظام النقل العام، وأغلقت بعض المدارس. علاوة على ذلك، حتى اليوم لا يعمل سوى ثلث القطارات عالية السرعة وخمس القطارات المحلية والإقليمية بين المدن.

من جهة أخرى؛ رفض نصف أساتذة ومدراء المدارس الذهاب إلى المدارس وانضموا إلى المتظاهرين المعارضين لقانون التقاعد. بالإضافة إلى الإضرابات على مستوى البلاد، نظمت النقابات العمالية أيضا مظاهرات واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد وتخطط لإغلاق المراكز الصناعية المهمة التي تلعب دورا مهما في الحياة الاقتصادية لفرنسا في الأسابيع المقبلة.

بحسب ما أوردته يورونيوز على مدى الأيام العشرة الماضية انضم عدد كبير من عمال وموظفي القطاعات العامة إلى صفوف المتظاهرين والمضربين، وازداد عدد المتظاهرين في مختلف المدن بشكل ملحوظ مقارنة بالأسابيع السابقة. الإضرابات والمظاهرات على مستوى البلاد تعارض تعديل قانون المعاشات التقاعدية لحكومة ماكرون.

يريد الرئيس الفرنسي رفع سن التقاعد من 62 إلى 64، كما تم بموجب هذا التعديل تأجيل سن استحقاق المعاش التقاعدي الكامل.

في هذه المعادلة، كانت أهم فرضية توصّل لها ماكرون في الجانب الاقتصادي والأمني حول "توافق المواطنين مع الإصلاحات الاقتصادية" وهو ما تبيّن له انها غير صحيحة! الأمر الذي سيؤدي الى إلغاء هذا الافتراض وإخضاع هيكل صنع القرار وسياسات ماكرون الاقتصادية الجديدة لتحولات غير مرغوب فيها.

في هذه الأثناء؛ سيكون أمام الإليزيه ثلاثة خيارات فقط، كل واحد من هذه الخيارات أسوأ من سلفه:

أولاً: استمرار الوضع القائم في فرنسا وإصرار ماكرون على السياسات الاقتصادية الحالية سيعني اتساع رقعة الاحتجاجات ما سيفضي الى حدوث حالة من الشلل لهذا البلد الأوروبي، وحتى سيؤدي الى ممارسة الضغط على باريس من دول أخرى في منطقة اليورو لتغيير السياسات الاقتصادية لهذا البلد.

ثانيا: استسلام لعدد لا يحصى من المتظاهرين الفرنسيين، في هذه الحالة سيضع خصوم ماكرون السياسيون من "مارين لوبان" إلى "ميلانشون" على جدول الأعمال خيار إجراء انتخابات مبكرة أو حتى دفع  ماكرون نحو الاستقالة بسبب التوتر في فرنسا. حتى هنا، قد ينضم بعض أعضاء حزب ماكرون (الحزب الجمهوري) إلى المعارضة في كبح جماح ماكرون بل وإزاحته من السلطة.

ثالثا: إيجاد خيار يتوسّط الخيارين، بما معناه قبول جزء من مطالب المحتجين والإصرار على قيود أخرى مفروضة! لكن بالنظر إلى طبيعة الإصلاحات التي اقترحها ماكرون، فإن اختيار الخيار الثالث لا محلّ له من الإعراب لأنه عليه أن يختار خيارا واحدا فقط بين "فرض زيادة في سن التقاعد" أو "التراجع عن زيادة سن التقاعد" وليس هناك حل وسط في هذا الصدد.

على هذا النحو تشير نتيجة التطورات الاقتصادية الحالية في فرنسا إلى ضعف الحكومة الفرنسية والانخفاض الحاد في موقعها وقوتها في المناورات المحلية والدولية في أوروبا والعالم.

بتعبير أدقّ، دون أدنى شكّ سيحدّ فشل ماكرون الاقتصادي من قدرة الفرنسيين على لعب دور هام على الساحة الدولية، ولن يكون لدى باريس العزيمة للهروب من هذا الواقع المشؤوم الذي ينتظرها.


نورنيوز
الكلمات الدالة
فرنساعندماالأسود
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك

X
آگهی تبلیغاتی