معرف الأخبار : 113078
تاريخ الإفراج : 11/6/2022 7:36:53 PM
هل نسي الله أفغانستان كما يدّعي بايدن؟

هل نسي الله أفغانستان كما يدّعي بايدن؟

وصف الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن مؤخراً أفغانستان بأنها "مكان نسيه الله"، في إشارة منه الى الوضع الذي وصلت له البلاد من الخراب وتردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، متناسياً بسنّه الكبير وربما من تبعات الخرف الذي أثقل كاهله، أن ما أوصل الأفغان الى هذه الحال المزرية هو جيش بلاده الذي إستعمر أفغانستان وإستنزف قدراتها لأكثر من 20 عاماً لم تخلّف سوى ما هي عليه اليوم.

حيث انتقدت حكومة "طالبان" بشدة الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن وصف أفغانستان بأنها "مكان نسيه الله"، كما تعهدت بإعادة بناء الدولة التي مزقتها الحرب دون أي دعم خارجي. وقال المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد بمؤتمر صحفي في كابل: "أولئك الذين يدلون بهذه التصريحات يفعلون ذلك من منطلق إحباطهم وحسدهم لأفغانستان".

*عودة السلام والاستقرار

وأشار مجاهد إلى عودة السلام والاستقرار إلى الدولة الواقعة في جنوب آسيا منذ استيلاء طالبان على السلطة، قائلا إن الأفغان "يمضون حياتهم اليومية بشكل طبيعي". وأضاف مجاهد أن طالبان لا تحتاج إلى دعم من الدول الأخرى لإعادة بناء البلاد، مؤكدا أن الأفغان "قادرون" على القيام بذلك بأنفسهم.

واستطرد: "ومع ذلك، فإن هدفنا، وكذلك حاجتنا، هو السعي إلى علاقات دبلوماسية أفضل وجديرة بالثقة مع المجتمع الدولي، بما في ذلك أمريكا".  وتابع: "نرحب بالاتصالات والتفاعلات المشروعة مع أي دولة من أجل تعزيز العلاقات المتبادلة"، لافتا إلى أن ممثلي حكومته في ارتباطاتهم الأخيرة مع المسؤولين الأمريكيين قد أكدوا مرارا وتكرارا على الحاجة إلى بناء علاقات "بناءة" لتمكين الجانبين من معالجة الاهتمامات المشتركة.

*جرائم مهولة وتكلفة بشرية باهظة

ليست الولايات المتحدة الأمريكية أعلى كائن إرهابي بشع على الأرض فحسب، ولكنها – بحسب الوقائع والأدلة – عين الظلم في العالم، فهي بكل الوثائق إرتكبت جرائم لا تحصى في أفغانستان.

ولم تكن أفغانستان بمعزل عن جرائم الإبادة الجماعية التي نفذتها أمريكا في حق الشعوب عامة فبرغباتٍ ظاهرها الثأر لضحايا هجمات 11 سبتمبر وباطنها أهداف أخرى، جاء قرار الغزو الأمريكي لأفغانستان قبل 21 عاما كاملة لتنفق الولايات المتحدة في تلك الحرب – وبحسب تقديرات أمريكية – أكثر من تريليوني دولار كاملة، وسط تساؤلات حول قانونية وشرعية هذه الحرب، وما إذا كانت قد حققت أهدافها أم لا؟ لا سيما بعد توقيع أمريكا اتفاقية سلام مع طالبان.

ولمحاولة فهم الذرائع والحجج التي اختبأ البيت الأبيض وراءها في قرار شنّه للغزو نعود قليلًا بعجلة التاريخ إلى لحظة الغزو؛ حيث حشدت أمريكا قدراتها العسكرية والسياسية لغزو أفغانستان تحت دعاوى الحرية والديمقراطية؛ والقضاء على الإرهابيين وجلب الأمن والاستقرار لأفغانستان.

*تنفيذ المخططات

ومنذ اليوم الأوّل سارع الاحتلال الأمريكي -منطلقًا من مصالحه الاستراتيجية في المنطقة، وبمساعدة دول الجوار والتحالف الغربي- في تنفيذ المخططات المقررة لعلمنة البلاد؛ والسير بها بعيدًا عن هويتها الإسلامية المحافظة، وإخضاعها للهيمنة الأمريكية.

وكعادة أي غزو؛ شنّت الولايات المتحدة الأمريكية حملة إعلامية مغرضة ضد حركة طالبان لتشويهها وشَيطنتها قصد شرعنة الغزو وذلك باتهامها بالوقوف خلف أحداث 11 سبتمبر خاصةً بعد رفض الحركة تسليم أسامة بن لادن الذي اعتبرته أمريكا المسؤول الأوّل عن الهجمات. لتبدأ الحملة العسكرية في 8 أكتوبر 2001م، من خلال ضربات جوّية مركزة استمرت حتى 28 من الشهر، لتبدأ الحملة البرية بعدها وتسقط العاصمة كابل في يد قوات التحالف بعد شهر من بدأ الحملة العسكرية. وبمجرّد سقوط العاصمة؛ سقطت معظم المدن الأفغانية، وأسر آلاف المقاتلين في صفوف طالبان، كما انتقل مقاتلو هذه الأخيرة إلى الجبال للاحتماء بها.

*ضحايا الحرب

و استمرت الجرائم الأمريكية في حقّ المدنيين العزل الأفغان، بحيث سقط آلاف القتلى من المدنيين بنيران القوات الأمريكية، وفي هذا السياق كشف جوناثان ستيل من صحيفة الجارديان أن عدد القتلى في أفغانستان منذ عام 2001م، يصل إلى ثلاثة ملايين، تقريبًا 900 ألف منهم أطفال دون سن الخامسة، وما زال عدد ضحايا الحرب الأمريكية في أفغانستان في ارتفاع، إذ أحصى عضو مجلس البرلمان الأفغاني رمضان بشار دوست ما يزيد على مئة وخمسين ألف قتيل حتى سنة 2011م.

هذه الأرقام الكارثة لعدد القتلى المدنيين الأفغان بالنيران الأمريكية تعيدنا إلى بعض المجازر التي لا يزال الأرشيف محتفظًا بها بين براثنه؛ ففي اليوم الرابع من بداية الحملة الأمريكية على أفغانستان ارتكبت القوات الأمريكية مجزرة رهيبة في حق المدنيين الأفغان راح ضحيتها العشرات من المدنيين، حيث قال الملا عبد السلام ضعيف – سفير طالبان لدى باكستان إن تقارير أفادت بأن 100 شخص قتلوا خلال قصف أمريكي لقرية في شرق أفغانستان قرب مدينة جلال أباد.

*مجازر مروعة

وفي يونيو 2007م ارتكبت الطائرات الأمريكية مجزرةً مرّوعة استهدفت مجموعة أطفالٍ كانوا داخل مسجدٍ في ولاية بكتيكا على الحدود القبلية الباكستانية، وكان مبرر القوات الأمريكية أنّ المسجد كان يتحصن به أفراد من قوات طالبان.

ولعلّ أبشع مجزرة ارتكبتها القوات الأمريكية بأفغانستان كان في أبريل من سنة 2018م، حين استهدفت الطائرات الأمريكية طلاب مدرسة تحفيظ القرآن الكريم في قندوز شمال أفغانستان يحتفلون بتخرجهم.

ورغم الإحتلال الأمريكي الطويل الأمد لأفغانستان إلاّ أنها لا تزال واحدة من أشد دول العالم فقرا، وتحتل المرتبة 169 بين 189 دولة على مؤشر التنمية البشرية الذي نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمتوسط عمر متوقع 64 عاما ونصيب للفرد من الدخل القومي الإجمالي يبلغ 2200 دولار، حيث لم يزدها الإحتلال سوى خراباً ودمارا وفقراً، خلافاً لما يتصوّره البعض بأن الإحتلال الغربي لأي بلد سيحسّن من أوضاعه وسيخرجه من نفق التخلّف المُظلم.

لهذا وبشكل مغاير بنسبة 180 درجة لما قاله "العجوز بايدن" حول أفغانستان بأنه باتت مكانا منسياً من قبل الله، في الواقع على العكس من تصوّراته الخاطئة، يبدو أن الله يحب أفغانستان ويرعاها حتى خلّصها من براثن الإحتلال الأمريكي.


نورنيوز/وكالات
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك