يخلو التاريخ الايراني من عمليات ابادة وتهجير بين القوميات الايرانية، وفي العصر الحديث وبعد انتصار الثورة الاسلامية حدثت بعض التحركات الانفصالية الفاشلة في كردستان في الغرب وبلوشستان في جنوب شرق وصحراء التركمان في شمال شرق لكن السمة الموحدة بين هذه التحركات الانفصالية كانت انها مدفوعة ومدعومة من جهات خارجية .
فالانفصاليون في كردستان كان يدعمهم نظام صدام البائد، وبعض التركمان تغلغلت في داخلهم التيارات اليسارية ودعمهم الاتحاد السوفيتي بالسلاح، وبعض المغرر بهم في خوزستان وسوسهم صدام العفلقي بأنهم هم أصحاب النفط في ايران لان آباره تقع في محافظتهم، وبعض من يدعون الانتماء للبلوش دفعتهم الاستخبارات الاميركية والرجعيين بالمنطقة والحاقدين والخائفين من الثورة الاسلامية ومدّها .
لم تجد هذه النزعات الانفصالية حاضنة شعبية لها تساعدها على الاستمرار، بعد ان تم القضاء عليها بسواعد الثوار، ومنذ 40 عاما يحظى التركمان والبلوش والاكراد والعرب بحقوق المواطنية كاملة فيستملكون ويتعلمون ويهاجرون ويتاجرون ويتألق ابنائهم في مختلف مجالات الحياة في المجتمع الايراني دون ان يسألهم احد عن انتماءاتهم القومية أو المذهبية ، فالنظام الاسلامي في ايران مبني على أساس الدين الاسلامي السمح ولا يميز بين ابناء الطوائف الاسلامية ولا يميز في المواطنية حتى بين المسلمين وغير المسلمين.
والقوميات الكردية والبلوشية والتركمانية والعربية ايضا لم تقدم حاضنة شعبية للجماعات الانفصالية، فاذا انفصل اكراد ايران الى من ينضمون ؟ الى الجمهورية الكردية الشاملة مثلا ؟ وما مقومات عيشها ؟ وهل يتقاسم اكراد اقليم كردستان العراق نفط كركوك مع اكراد ايران وتركيا وسوريا مثلا ؟
أما البلوش المتشاركون مع باقي القوميات الايرانية في حضارة وتاريخ وثقافة وموارد ايران الهائلة، الى من سينضمون ؟ الى باكستان الغارقة في الفقر والصراعات مثلا ؟ والتركمان المنتشرون في شمال شرق ايران هل يرضون بالانفصال عن حضارة عمرها آلاف السنين ليشكلوا دولة محصورة في جغرافيا محدودة ولا احد يدري ما مقومات عيشها واستمرارها ؟ أما بعض الحركات المدعومة من الوهابية في خوزستان والتي دعمهم صدام العفلقي ايضا في السابق، من سيحتضنهم والى من يتكئون ؟ الى أنظمة عربية غارقة في بحر من المشاكل والصراعات ولا يرحم كبيرهم صغيرهم ؟
كما ان اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي ايضا محكوم عليه بالفشل للاسباب آنفة الذكر نفسها حتى مع نفخ الاستعمار واذنابه الرجعيين في نيران الخلافات المصطنعة والتطرف والارهاب .
للمجتمع الايراني سمات حضارية فريدة يصعب على أية قومية عاشت في ظلها آلاف السنين ان تفارق عراقة التاريخ هذه ، وأبرز سمات الحضارة والمجتمع الايراني هو حب الغير، والايرانيون بجميع قومياتهم يتشاركون في هذه السمة السامية، ولذلك فان اصطناع حركات انفصالية واستنساخها في ايران من قبل الاستعمار والاستكبار وأذنابه الرجعيين محكوم عليه بالفشل دوما لأن القوميات الايرانية لها جذور في تاريخ البلاد تمتد لآلاف السنين.
فارس