معرف الأخبار : 101686
تاريخ الإفراج : 7/21/2022 12:18:49 AM
هل تعود عضوية ايران الدائمة في منظمة شنغهاي بالنفع عليها؟

هل تعود عضوية ايران الدائمة في منظمة شنغهاي بالنفع عليها؟

رغم الجهود الحثيثة والمثابرة التي تبذلها إيران لحلّ النزاع مع الغرب في إطار الإتفاق النووي، إلاّ أن فشل الاتفاق عزز مرة أخرى موقف طهران المتشائم إزاء الغرب، ودفع إيران أكثر نحو الشرق لتحقيق مصالحها بعيد عن العنجهية الغربية. تُظهر عضوية إيران الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون بعد بضعة أشهر فقط من توقيع اتفاقية استراتيجية مدتها 25 عاما مع الصين رغبة الجمهورية الإسلامية وجهودها في التطلع نحو الشرق، حيث تعتبر العضوية انتصارا كبيرا للسياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الثالثة عشرة (حكومة السيد ابراهيم رئيسي).

ما أقدمت عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو تحييد محاولات الغرب لعزلها دولياً ومحاصرة الشعب الإيراني، حيث صبّت الحكومة الإيرانية جهودا جمّة في سبيل تحسين العلاقات مع روسيا والصين ودول آسيا الوسطى، وفي ذات السياق أيضاً، تعدّ عضوية إيران الكاملة في منظمة شنغهاي للتعاون تأكيد صريح وواضح على تغيير ميزان القوى لصالح الدول غير الغربية والقوى الناشئة في الساحة الدولية.

تقوم سياسة منظمة شنغهاي للتعاون على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، ونوع أنظمتها ترضي أعضاء المنظمة، ومن عضويتها الدائمة يمكن لطهران أن تستفيد من دعم هذه المنظمة في تقديم خصومها كإرهابيين ومتطرفين ومتمرّدين، بهذه الطريقة، ستستفيد إيران من الشرعية النسبية في سياستها الداخلية والخارجية، حيث يعتقد البعض في إيران أنه مع عضوية إيران الكاملة في شنغهاي، فإن الغرب سوف يتبنى سياسة أكثر اعتدالًا تجاه إيران من أجل منع وقوع هذا البلد بالكامل في أيدي الصين وروسيا بحسب تصوّرهم الخاطئ كعادته.

فالجمهورية الإسلامية تنظر الى منظمة شنغهاي للتعاون باعتبار أنها منظمة دولية حديثة ولكنها نادٍ يتكون من قوى غير غربية وتريد استخدام قدرتها كجزء من خططها لمحاربة أمريكا، علاوة على ذلك، فإن انضمام إيران إلى منظمة تمتلك نحو ثلث أراضي العالم وتبلغ صادراتها السنوية عدة مليارات من الدولارات يعبّد الأرضية للعديد من الفرص الاقتصادية التي ستعود بالنفع على الإقتصاد الإيراني.

في ضوء ذلك، وبما أن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون تشكل قلب القارتين الأوروآسيويتين، فإن علاقاتها وتفاعلاتها المتبادلة ستحدد طبيعة التطوير الإضافي لهذه الأرض الشاسعة لسنوات قادمة. وذلك بسبب نوع الاتصال الذي تم إنشاؤه داخل منظمة شنغهاي للتعاون وخبرتها المشتركة والاتفاقيات القائمة المتماسكة، تعد هذه المنظمة الأكبر (من حيث المساحة والسكان)، وبالتالي فهي منصة أوراسية رئيسية للتعاون الدولي، تقع منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في قلب المبادرات الاقتصادية الرئيسية التي يعتقد الخبراء أنها ستكون حاسمة لتحديد اتجاه التنمية المستقبلية لأوراسيا بشكل كبير وهو ماسينعكس إيجاباً على شعوب الدول الأعضاء في المنظمة.

جملة هذه التطورات، وفي ظلّ هذا التحوّل الواعد، إن مشاركة ايران الفاعلة في منظمة شنغهاي للتعاون يمكن أن تساعد في تعزيز مكانتها في المنطقة، كما ستدعم قوة إيران التفاوضية في معادلات الخليج الفارسي والمفاوضات مع الغرب. بالإضافة الى ذلك، يمكن أيضا تحليل الطلبات المتكررة والمتسرعة من قبل أمريكا لعودة إيران إلى المفاوضات النووية، وتأكيدها على استعدادها لإلغاء العقوبات المتعلقة بالإتفاق النووي وترك القضايا الإقليمية خارج المفاوضات النووية دون التطرق لها مرّة أخرى.

إن مسألة الدور الإيراني في هذه المنظمة الدولية الفاعلة، سيكون له أثره الخاص من حيث تحرك العالم نحو النظام الدولي الجديد. حيث وصف المسؤولون الإيرانيون مرارا منظمة شنغهاي للتعاون بأنها مظهر من مظاهر التغيير في ممرات القوة في العالم من الولايات المتحدة إلى الآليات الجماعية غير الغربية، وفي ظلّ الوضع الراهن، فإن الموقف الإيجابي للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي بشأن قبول إيران هو مظهر من مظاهر اشتداد الخلافات والفجوات العامة بين الأعضاء الرئيسيين في هذه المنظمة، وخاصة الصين وروسيا والهند، مع كتلة القوى الغربية بقيادة واشنطن.

التحولات العالمية بات جليّة بشكل كبير اليوم، فمنذ عدّة سنوات لو كان أحدهم قد قال إن الهيمنة الأمريكية في العالم آخذة في التراجع، لما كان أحد من عامة الناس سيصدّقه، ولكن من الواضح اليوم أن الهيمنة الأمريكية آخذة في التراجع، وليس فقط الخبراء من يقولون هذا إنما العامة أيضاً، فالشعوب بدأت تتلمّس هذا الأمر. أمريكا "ترامب" و "بايدن" أضعف بكثير من أمريكا "أوباما" أو "بوش"، وهناك عوامل كثيرة تقلل من قوة أمريكا وتسحبها نحو قاع منحدر الأفول. ستستمر أمريكا في كونها واحدة من أكبر القوى الاقتصادية - السياسية - العسكرية - الثقافية في العالم خلال العقد القادم، لكنها قوة تتنازل تدريجياً عن حصتها "للآخرين"، هؤلاء "الآخرون" هم قوى الشرق، أي الصين والهند وروسيا وبعض القوى الإقليمية في آسيا. حيث تقع إيران في قلب عملية نقل الهيمنة هذه أو تقاسمها ان كان الأمر كذلك، وتمكن العضوية في منظمة شنغهاي هذه المنظمة الشرقية من توسيع نفوذها في غرب آسيا بشكل كبير.

بناءً على ما سلف، كتب "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" عن عضوية إيران في معاهدة شنغهاي للتعاون أن هذه العضوية يمكن أن تضعف بشكل كبير جهود الدول الغربية لعزل إيران وتعبيد الطريق لطهران نحو مزيد من تطوير العلاقات، ولصنع السلام مع الصين وروسيا ودول أخرى في منطقة آسيا الوسطى.

وفي وقت ليس بالبعيد أيضاً، قال مركز الفكر الأمريكي: إن الحدث المذكور انتصار كبير للحكومة الإيرانية، ويضيف مؤكداً: إن هذا الحدث من نوعه يمكن أن يوفر لإيران رافعات قوة كبيرة للتعامل مع التحديات الدولية. حيث استطاعت الجمهورية الإسلامية أخيرا من أن تصبح العضو الرئيسي في منظمة شنغهاي للتعاون في الاجتماع الأخير، وبحسب العديد من المراقبين والمحللين، فإن ذلك يعود بفائدة كبيرة على طهران وعلى وجه الخصوص لحكومة إبراهيم رئيسي، في ظل وجود تكهنات كثيرة حول مستقبل المفاوضات النووية بين إيران والغرب، فضلاً عن عودة ظهور طالبان قرب حدود إيران الشرقية، وخروج أمريكا والقوات الغربية من أفغانستان، وهي تحوّلات تصب في صالح ايران دون شكّ.


نورنيوز-وكالات
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك