نور نيوز - عقب بدء ولايته الثانية كرئيس، أدلى دونالد ترامب بأول تصريح رسمي له بشأن إيران في مقابلة مع الصحفيين مؤخراً فور عودته إلى البيت الأبيض، وأكد مرة أخرى أن إيران يجب ألا تمتلك أسلحة نووية. وتحدث أيضاً عن رغبته في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع إيران، مشيراً إلى أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق فسوف تكون هناك سبل لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. وفي إشارة إلى أهمية الدبلوماسية، حاول ترامب أن يعزز تصريحاته بالتهديد بشن هجوم عسكري إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، لكنه رفض الإدلاء بتصريح نهائي حول ما إذا كان سيدعم ذلك أم لا.
*ثنائية الدبلوماسية والتهديد
ويظهر التقييم الأولي لتصريحات دونالد ترامب أنه يحاول اتباع سياسة متوازنة بين الشدّ والرخي تجاه إيران. ورغم أنه يشير إلى الدبلوماسية باعتبارها المسار الرئيسي، إلا أنه أثار الشبهات بشأن التهديد بشن هجوم عسكري إسرائيلي كأداة للضغط على إيران. لكن هذه التهديدات ذات طابع نفسي ودعائي أكثر منها عملياتية. وتظهر التجربة العملياتية مثل "الوعد الصادق 1 و2"، والتي تمكنت إيران من خلالها من توجيه ضربات كبيرة للبنية التحتية الحيوية لإسرائيل، أن رد إيران على أي عمل عسكري قد يكون كارثيا بالنسبة لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، أعلن كبار المسؤولين الإيرانيين أن عملية الوعد الصادق 3 ضد إسرائيل مؤكّدة، وبالتالي فإن أي إجراء من جانب تل أبيب ضد إيران قد يمهد الطريق لهذه العملية. وعلى هذا فإن هذه التهديدات من المرجح أن تُستخدم كأداة للحرب النفسية.
*تحديات على طريق الاتفاق
وزعم ترامب أنه في نهاية ولايته الأولى، كان على بعد أسبوع واحد فقط من التوصل إلى اتفاق مع إيران. لكن الواقع هو أن التوصل إلى اتفاق شامل سوف يواجه تحديات خطيرة. ورغم أن ترامب أعلن أن رغبته هي ألا تحصل إيران على سلاح نووي، فإن جوهر طلبه، كما أعلن سابقا، هو وقف دورة التخصيب الإيرانية بشكل كامل. وهو المطلب الذي تعتبره طهران مخالفاً للقانون الدولي وإطار معاهدة حظر الانتشار النووي. وأكد المسؤولون في البلاد مرارا وتكرارا أن البرنامج النووي الإيراني سلمي تماما وأن فتوى القيادة تحرم إنتاج الأسلحة النووية.
*اختيار الممثل الخاص والرسائل الضمنية
ومن خلال تعيين ستيفن ويتاكوف، الممثل الخاص للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مسؤولاً عن القضية الإيرانية، أرسل ترامب إشارة واضحة إلى تصميمه على مواصلة الدبلوماسية. وفي الوقت نفسه، تشير الرسائل الضمنية مثل إلغاء الحماية لجون بولتون وبومبيو وبراين هوك وانتقاد سياساتهم العدائية إلى محاولة ترامب إبعاد نفسه عن الخيار العسكري. وتدل هذه الإجراءات، من جهة، على جديته في خفض التوترات، ومن جهة أخرى على رغبته في تسجيل اتفاق تاريخي باسمه.
*الضغط الأقصى أم الدبلوماسية بمعايير ترامب؟
يسعى ترامب إلى التوصل إلى اتفاق يتجاوز خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) ويمكن أن يحقق له إنجازات أكبر من تلك التي حققتها الإدارات الأميركية السابقة. ومن المرجح أن يلجأ في سعيه إلى تحقيق ذلك إلى استخدام مزيج من الضغوط الاقتصادية والتهديدات الدبلوماسية. وتشير تصريحاته أمس، إذا التزم بها، إلى أنه يفضل استخدام الأدوات الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق في الخطوة الأولى. وقد يسعى ترامب أيضا إلى إنشاء قناة سرية لتحقيق أهدافه، على طريق المفاوضات المباشرة.
*مواجهة أم اتفاق؟
وتظل سياسة ترامب تجاه إيران تعتمد على ثنائية الضغط والمشاركة، من ناحية، يحاول الضغط على إيران عبر الوسائل النفسية والاقتصادية، ومن ناحية أخرى، يقترح الدبلوماسية كوسيلة لخفض التوترات. وسوف يلعب رد إيران على هذه السياسات دوراً رئيسياً في تحديد مستقبل التعاون. وبسبب سجل أميركا في التراجع عن الالتزامات وعدم الامتثال للاتفاقيات السابقة، فإن إيران ستنظر بالتأكيد إلى المبادرات الأميركية الجديدة بنظرة غير واثقة ولا يمكنها الدخول في شراكة جديدة دون تلقي ضمانات ملزمة. وفي الوقت نفسه، فإن استمرار طهران في التأكيد على الترحيب بالاتجاهات التي تضمن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران لا يزال يشكل تحدياً كبيراً. إن تخفيف العقوبات، وخفض التوترات، ودعم حقوق إيران الدولية من شأنه أن يخلق مسارا جديدا للخروج من المأزق الحالي في العلاقات مع الغرب.
إن خلق تفاهم مشترك وبناء حد أدنى من الثقة بشأن كيفية حل الأزمة الحالية في العلاقات بين إيران والغرب يشكل مقدمة ضرورية لفتح أي طريق جديد للمشاركة الناجعة لحلّ هذه القضية.
نورنيوز