نورنيوز- وصل رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان الجمعة، الى موسكو في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام لتكون محطته الثانية بعد زيارة أجراها الى طاجيكستان. ويعد توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين طهران وموسكو أحد أهم تفاصيل زيارة بزشكيان إلى روسيا. ويعتبر هذا الإجراء نقطة تحول في تعزيز نفوذ إيران الإقليمي وتوسيع تعاونها الاستراتيجي على المستوى الدولي.
الاتفاقية وتوقيعها من قبل البلدين وتضمنها مجالات من قبيل الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، تؤكد سعي الجمهورية الإسلامية الإيرانية المستمر إلى تطبيق سياسات كلية لتعزيز مكانة البلاد على الساحة العالمية. إن صياغة هذه المعاهدة على أساس مبادئ الحكمة والشرف والمصلحة تكتسب أهمية خاصة، خاصة في الظروف الحالية التي يشهد فيها العالم تطورات جيوسياسية واقتصادية. إن هذه المعاهدة، التي تم تشكيلها على أساس قانون المعاهدات لعام 1990 وفي ضوء الاتجاه المتطور في العلاقات بين البلدين في العقود الأخيرة، تعكس النهج الحزبي الذي تم اتباعه في جميع الحكومات الإيرانية المختلفة والذي أتت ثماره مؤخراً.
تتمحور أهمية هذه الإتفاقية في تأكيدها على العلاقات المستقرة وطويلة الأمد بين إيران وروسيا، وتشمل هذه الاتفاقية، التي تستند إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، أكثر من 30 مجالاً مختلفاً، بما في ذلك المجال الاقتصادي والنقدي والمالي والنقل والاستثمار والطاقة والزراعة والأمن الغذائي.
وعلاوة على أن هذه الاتفاقية تساهم في توسيع التجارة والاستثمار بين البلدين، تقوم بتركيز بشكل خاص على تعزيز البنية التحتية الاقتصادية والتواصل طويل الأمد في هذه المجالات، وتهدف هذه التعاونات على وجه التحديد إلى تعزيز الإنتاج المحلي الإيراني وتوفير أسواق جديدة للسلع الإيرانية في المنطقة وحول العالم. ومن ناحية أخرى، يكتسب التعاون الثنائي في مجالات الطاقة والزراعة أيضًا أهمية خاصة بالنسبة لكلا البلدين. علاوة على ذلك، تلعب المعاهدة المذكورة دوراً رئيسياً في تعزيز الكتلة المناهضة للدولار ومواجهة هيمنة الدولار في النظام المالي العالمي.
* دور المعاهدة في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي
كما تشدد الاتفاقية على الدور الحيوي الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الاستقرار والأمن الإقليميين، وفي الوضع الحالي، حيث تعمل إيران وروسيا معًا بشكل وثيق، باعتبارهما لاعبين رئيسيين في خلق التوازن في مواجهة النظام الأحادي القطب الغربي والعقوبات الاقتصادية والسياسية.
إن هذا التقارب الاستراتيجي في مجالات مختلفة، بما في ذلك ضد السياسات الاقتصادية الأحادية الجانب للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، يرسل رسالة قوية إلى العالم مفادها أن إيران يمكن أن تلعب دوراً كقوة فعالة في النظام العالمي الجديد إلى جانب الدول المجاورة، وخاصة روسيا. ومن ناحية أخرى، يساعد التعاون العسكري والأمني بين إيران وروسيا على تعزيز القوة الدفاعية لكلا البلدين ومواجهة التهديدات المشتركة. وفي هذا الصدد، فإن معاهدة الشراكة الشاملة، باعتبارها أداة مهمة في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، سوف تساعد في الحفاظ على وتعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
* الرد على انتقادات وجهود وسائل الإعلام الغربية
وفي الوقت الذي تم فيه توقيع هذه المعاهدة، تحاول بعض وسائل الإعلام والتيارات الغربية تصوير هذه الاتفاقية على أنها إشارة إلى اعتماد إيران المفرط على روسيا أو عزلة إيران الدولية، وذلك من خلال التصوير السلبي والتهميش. إن هذه الإدعاءات لا تفتقر إلى الأساس الواقعي فحسب، بل إنها تعكس أيضاً عدم الفهم الصحيح للعلاقات الإيرانية الروسية والقدرات المتبادلة بين البلدين. والحقيقة هي أن هذه المعاهدة تمثل شراكة متوازنة ومربحة لكلا الطرفين. وتشير قدرات روسيا في مختلف المجالات وحاجتها الجدية للتعاون مع إيران، وخاصة في مجالات الطاقة والترانزيت، إلى أهمية وتوازن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
*العواقب الاستراتيجية وطويلة الأمد لمعاهدة إيران وروسيا
إن هذه المعاهدة ليست مجرد إجراء تكتيكي أو قصير المدى، بل هي مصممة كاستراتيجية طويلة المدى لتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
وستكون نتائج هذا الاتفاق واضحة على المدى المتوسط والطويل، وستساهم في الانفتاح الاقتصادي والسياسي على المستويين العالمي والإقليمي. ونظراً للهيكل العالمي الجديد والجهود المبذولة لمواجهة سياسات العزلة الدبلوماسية الغربية، فإن هذه المعاهدة قد تساعد في تعزيز موقف إيران في مختلف الساحات. ومن الممكن أيضا أن تشكل هذه المعاهدة خطوة فعالة في كسر هيمنة النظام العالمي الأحادي القطب الذي خلقته القوى الغربية.
وبالإضافة إلى تعزيز العلاقات بين إيران وروسيا، فإن توقيع هذه المعاهدة من شأنه أن يساعد على خلق نظام جديد في المنطقة والعالم حيث الأمن والاستقرار أعظم من أي وقت مضى.
نورنيوز