نورنيوز - تحرك أوكرانيا بوقف نقل الغاز الروسي إلى أوروبا بذريعة "أسباب تتعلق بالأمن القومي"، في نفس الوقت الذي تدخل فيه الحرب عامها الرابع، لفت الانتباه مرة أخرى إلى تحديات الطاقة والسياسات الإقليمية والصراعات بين القوى في هذه الأزمة. ولهذا الحدث عواقب عديدة على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني، ويمكن تناوله من ثلاث وجهات نظر: محاولة خلق إنجاز رمزي، والاستغلال السياسي لأزمة الطاقة الأوروبية، والتأثير على السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.
*إنجاز رمزي لزيلينسكي
خلال السنوات الثلاث الماضية، حاول فولوديمير زيلينسكي دائمًا تقديم نفسه كرمز للمقاومة الأوكرانية من خلال العروض السياسية والإعلامية. وقد يكون تعليق إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، والذي وصفته أوكرانيا بأنه خطوة "تاريخية"، محاولة لتحقيق نصر رمزي في مسيرة زيلينسكي المهنية. ومع ذلك، تشير الأدلة في ساحة المعركة والوضع الجيوسياسي في أوكرانيا إلى أن روسيا لا تزال لها اليد العليا في الأراضي المحتلة. ويمكن تقييم هذا الإجراء على أنه محاولة لجذب الرأي العام المحلي والدولي وتغطية نقاط الضعف العسكرية والسياسية في أوكرانيا.
*ابتزاز الطاقة من أوروبا
وعلى الرغم من الدعم المالي والعسكري المكثف الذي تقدمه أوروبا لأوكرانيا، فإن قطع إمدادات الغاز الروسي عن كييف يمثل استراتيجية ضغط وابتزاز من جانب أوروبا. إن أوروبا، التي تواجه أزمة طاقة وارتفاع تكاليف الوقود، تواجه الآن إجراءً يستهدف احتياجاتها الحيوية بشكل مباشر. وسيشكل هذا الإجراء المزيد من الضغوط على الدول الأوروبية، خاصة في فصل الشتاء. ويستغل زيلينسكي هذا الوضع لزيادة الدعم المالي والعسكري الأوروبي، لكن هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤجج السخط في بعض الدول الأوروبية التي تريد إنهاء الحرب وخفض الإنفاق المرتبط بها.
*استقطاب ترامب وأميركا
والهدف الآخر المحتمل لهذا الإجراء هو جذب الدعم المحتمل للحكومة الأمريكية المستقبلية، خاصة إذا عاد دونالد ترامب إلى السلطة. ويحاول زيلينسكي لفت انتباه ترامب ومؤيديه إلى أهمية الاستمرار في دعم أوكرانيا بعروض مثل وقف نقل الغاز الروسي. وتشير طلبات زيلينسكي بزيادة صادرات الغاز الأمريكية إلى أوروبا أيضًا إلى محاولة التوافق مع سياسات الولايات المتحدة الموجهة نحو الطاقة والتأثير على القرارات المستقبلية للبلاد.
إن الإجراء الذي اتخذته أوكرانيا بقطع نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، رغم أنه قد يجلب أضرارا لروسيا، إلا أن الخاسر الأكبر ستكون أوروبا. إن أزمة الطاقة وارتفاع التكاليف والضغوط الاقتصادية على المواطنين الأوروبيين تضع هذه القارة في حالة أكثر هشاشة. ومن ناحية أخرى، يظهر هذا الإجراء مرة أخرى عدم استقلال أوروبا في القرارات السياسية والاقتصادية.
وبدلاً من أن يكون له تأثير حاسم على الحرب، فإن تعليق الغاز الروسي هو أداة لتعزيز أهداف زيلينسكي السياسية قصيرة المدى والضغط على أوروبا. لكن العواقب المترتبة عليه، وخاصة في الأمد البعيد، من الممكن أن تضعف مكانة أوروبا في المعادلات العالمية وتزيد من التوترات الداخلية بين الدول الأوروبية.
نورنيوز