نورنیوز- تداولت وسائل الاعلام الاقلیمیة أمس الاول الثلاثاء، أنباء حول زیارة وفد اماراتی الى ایران قریباً، لکن الخبر لم یجذب أنظار الرأی العام التی لطالما کانت متجهة نحو المفاوضات النوویة بین ایران والقوى الکبرى فی فیینا.
حیث أعلن مستشار رئیس الدولة فی الإمارات، أنور قرقاش، الثلاثاء، أن وفدا یضم مسؤولین إماراتیین سیزور إیران قریبا، حسبما ذکر فی إیجاز صحفی، وفق ما قالته وزارة الخارجیة والتعاون الدولی الإماراتیة.
وبحسب معطیات تلقاها موقع "نورنیوز"، فإن الأخبار التی أعلن عنها المسؤولون الإماراتیون تتعلق بزیارة وفد رفیع المستوى من المحتمل أن یصل إلى طهران فی الأیام المقبلة تأتی فی إطار مراجعة وإعادة بناء العلاقات بین البلدین ومحاولة تغییر الوضع الراهن نحو الافضل.
فی الوقت الراهن، هناک العدید من العوائق البارزة فی مسار العلاقات السیاسیة والاقتصادیة والأمنیة، فضلاً عن السیاسات الإقلیمیة للبلدین، والتی تحتاج بطبیعة الحال إلى مباحثات معمّقة وشفافة.
فی الواقع، یمکن أن تکون زیارة الوفد الإماراتی إلى إیران قیّمة ومهمة کخطوة إیجابیة من جانب الإمارات لرفع الحواجز أمام التعاون بین طهران وأبو ظبی، لکن مجیء هذه الزیارة بالتزامن مع المفاوضات بین ایران ومجموعة 4+1 فی فیینا أثارت العدید من التساؤلات حول أهدافها وأسبابها.
على الرغم من أن التوصل إلى اتفاق فی مفاوضات فیینا یعتبر أکثر أهمیة من وجهة نظر اقتصادیة، وباتت الشغل الشاغل لوسائل الاعلام والمحللین، فمن الواضح جدًا أن "المکاسب الأمنیة" لاتفاقیة محتملة بین ایران والامارات، إن لم تکن أکثر من الفوائد الاقتصادیة، یمکن على الأقل اعتبارها معادلة للاقتراحات الاقتصادیة الواعدة.
الإمارات التی أمضت السنوات القلیلة الماضیة تحاول أن تقدّم نفسها کلاعب رئیسی فی المنطقة بتکلفة مالیة وأمنیة باهظة، تحاول الآن تکملة حلقة من المصالح الاقتصادیة والسیاسیة التی ترسم لها.
ولو ألقینا نظرة متمحصة على سیاسات الامارات الخارجیة فی السنوات الأخیرة، یتجلّى لنا أنها حاولت من خلال التخطیط المباشر والحرب فی الوکالة فی الیمن وسوریا والعراق ولیبیا وأفغانستان ومحاولة ترسیخ موطئ قدم لها فی دول شمال شرق إفریقیا على طول البحر الأحمر، اتخاذ تدابیر مکثفة لتحقیق مایسمى "الأمن العابر للحدود".
یرى العدید من الخبراء الاستراتیجیین أن تحرک الإمارات فی هذا الاتجاه لا یتناسب مع قدرات الدولة الجیوسیاسیة والجیواستراتیجیة، ویمکن أن یکون مصدرًا لتهدیدات غیر متوقعة لأبو ظبی.
بالنسبة لدولة تتمتع بخصائص دولة الإمارات، والتی تعتبر التجارة وجذب المستثمرین الأجانب رکیزتها الاقتصادیة الأساسیة، فإن مسألة "الأمن المستدام" شرط أساسی لأی نشاط اقتصادی وتجاری وسیاسی بالنسبة لها، وبالتالی لا یمکنها تجاهل دور وتأثیر کبار اللاعبین الاقلیمیین.
وبالنظر إلى العلاقات الودیة والدافئة مع الجمهوریة الاسلامیة، التی تعد إحدى القوى الإقلیمیة الرئیسیة فی المنطقة، ورکیزة قویة للتطورات السیاسیة والأمنیة والاقتصادیة فیها، یتجلّى الذکاء الاستراتیجی لحکام الإمارات الذی یمکن أن یخدم المصالح المشترکة للبلدین.
القیام بهذه الزیارة فی ظلّ التحولات الجدیدة فی المنطقة والمسائل المهمة التی ستُبحث خلال الاجتماعات المخطط لها للوفد الإماراتی، یمکن أن تکون الخطوة الأولى نحو توطید بین البلدین ودفع عجلة التعاون بینهما نحو الأمام.