نورنيوز- تُستأنف اليوم الاثنين 29 نوفمبر/ تشرين الثاني المفاوضات النووية في فيينا بين ايران والقوى الكبرى بهدف إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
المفاوضات هي الأولى في ولاية رئيس الجمهورية السيد إبراهيم رئيسي والتي تجري علي مستوى مساعدي وزير الخارجية، وللغاية أعلنت الجمهورية الاسلامية أن المباحثات يجب أن تتركّز على رفع كافة العقوبات.
الطبخة السياسية والإعلامية الغربية تجاه جولة المفاوضات الجديدة (خاصة أمريكا، التي على الرغم من عدم وجودها على طاولة المفاوضات، إلاّ انها هي التي تقود الجانب الغربي من وراء الستار) تشي بأن الأطراف الغربية لم تدخل المفاوضات بنيّة الوصول إلى اتفاق جيد، إنمّا لإرغام إيران على تقديم تنازلات والخنوع لطلباتها المسرفة.
تجلّت النوايا السيئة للغرب تجاه ايران قبل أن توافق الجمهورية الاسلامية على خوض جولة جديدة من المفاوضات، حيث أظهرت سلسلة التصريحات والإجراءات التي اتخذها الجانب الغربي في الآونة الأخيرة والهجمة الاعلامية المُغرضة التي تبنّت "لعبة المُقصّر" لتحميل ايران دور المُذنب في الاتفاق النووي صحّة ما ذكرناه سالفا، إذ لم تدخر ماكينة الإعلام الغربي، جهدا إلاّ وبذلته لتسميم العقول وقلب الحقائق، لتقوم في المحصلة بتحويل الجاني الى ضحية، ولإنقاذ الجانب الغربي المقصّر الحقيقي في المفاوضات من المسائلة حول عدم وفائه بالتزاماته المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
ارتكزت الهجمة النفسية التي شنّها الجانب الغربي، والتي صاحبتها دعاية إعلامية واسعة النطاق، على حقيقة أن إيران (الحكومة الثالثة عشرة) كانت تعارض بشكل أساسي المفاوضات ولا تؤمن بالاتفاق النووي.
وعقب انتهاء صلاحية التكتيك السابق؛ بدّلت الاطراف الغربية مضمون الهجمة النفسية ليتمحور حول تركيبة الوفد الإيراني المفاوض في فيينا، وغدا هذا الامر ركيزة أساسية لماكينة الإعلام الغربي، حتى لا يخرج المسار المحدد سلفا لمواصلة الضغط النفسي على الفريق الإيراني المفاوض والرأي العام الإيراني عن مساره.
لكن في حال حُكّم العقل والمنطق، على الاطراف الغربية في حال كانت جادة في التفاوض والتوصل إلى اتفاق نهائي جيد مع ايران، ان تصبّ جلّ طاقاتها في هذا الاتجاه والتركيز على ما يتم حله على طاولة المفاوضات عوضاً عن مواصلة حربها النفسية.
"اختبار نوايا" إرادة الأطراف المتفاوضة بالتزامن مع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات يظهر بوضوح أي جانب لديه تصميم وخطة جاد لإجراء مفاوضات تقنية ومبدئية بهدف تحقيق نتيجة جيدة في الخطوة الأولى من مفاوضات فيينا.
خلفية ودراية وخبرة الوفد الإيراني المفاوض الذي تم اختيار أعضاءه بشكل أساسي من خبراء في المجالات الاقتصادية والنقدية والمالية والنفطية والمصرفية، يشير إلى عزم إيران على الدخول في المفاوضات بقوة من أجل "رفع العقوبات بشكل فعال"، في حين أن الوفود الغربية تغلب عليها بشكل أساسي الخبرة السياسية فقط، وهذا الامر يشي بأن هدف الاطراف الغربية على مايبدو هو تكثيف الضغط على ايران في المجال النووي، واثارة قضايا تستغرق وقتا طويلا وغير مثمرة.
وغني عن التعريف، إن التوصل إلى اتفاق جيد يتطلب إرادة وجدية من كلا الجانبين، لكن هذا التباين في خبرة الوفود يوحي بأهداف أخرى يرسمها الغرب تجاه ايران.
علاوة على ثقل الوفود، ان التردد وعدم الاتساق من قبل الجانب الغربي هو علامة أخرى على عدم جدية هذه الوفود في التوصل إلى نتيجة تفاوضية مثمرة. إضافة الى ذلك، أفضت الخلافات الداخلية بين الدول الأوروبية الثلاث من جهة، والنزاع بين مجموعة E3 والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، إلى تقليص دور الجانب الأوروبي كوسيط بين إيران وامريكا.
من جانب آخر؛ خلافاً للتصريحات المتكررة والمغرضة لمسؤولي الادارة الامريكية الذين يتهمون طهران بإضاعة الوقت، فإن تجربة ست جولات من المفاوضات في الإدارة السابقة وإرسال رسائل هامشية وجاهزة من قبل الأمريكيين تظهر أن روح التفاوض هي أكثر من مجرد اتفاق، ويجب أن تكون الأولوية لها.
افتقار الإدارة الأمريكية إلى النهج الواحد والمتّزن، خيل دليل على أن واشنطن ليست جادة في المفاوضات وأنها تريد الالتحاق بركب حلفائها الأوروبيين والإيحاء بإظهار الاهتمام بالتفاوض والتوصل إلى اتفاق لا أكثر.
في الواقع؛ طالما أن امريكا متمسّكة باتخاذ جميع قراراتها بالتنسيق مع الكيان الصهيوني وحلفائه في غرب آسيا، فلا يمكن للمرء، من دون أدنى شكّ أن يتوقع التماسك الضروري والإرادة المطلوبة من جانبهم للتوصل إلى اتفاق فعال وجاد، وبالتالي ستتواصل استراتيجيتهم المخربة في الاتفاق النووي.