الوضع على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا صعب للغاية، ويواجه طالبو اللجوء نقصًا في الغذاء والماء ويعيشون تحت رحمة البرد القارس، ناهيك عن العديد من التقارير التي تتحدث عن كارثة إنسانية في مراكز اللجوء يوميًا.
الغريب في الامر هو ردّ الفعل البارد الذي لا تنفك تبديه حتى اللحظة الدول الغربية تجاه هذه الكارثة الانسانية، من بولندا إلى الاتحاد الأوروبي وحتى امريكا التي وقفت موقف المتفرج.
وعوضاً عن تخصيص مساعدات انسانية طارئة فيما تتفاقم هذه الازمة، وتجنّب وقوع كارثة انسانية أخرى بحق المهاجرين، أصدر قادة أوروبا وامريكا، بيانات مشتركة ضد روسيا وبيلاروسيا.
في الواقع يمكن ملاحظة هذا الوضع الحرج أيضا في الولايات المتحدة، خصوصا بعد بداية الإجلاء السريع والفوضوي الذي اقدمت عليه امريكا من افغانستان، حيث لا يزال حوالي 50 ألف لاجئ أفغاني، على الرغم من تلقيهم اللقاحات وخضوعهم لجميع البروتوكلات الصحية، يعيشون في قواعد عسكرية أمريكية مغلقة.
يعيش اللاجئون الأفغان، 44 بالمائة منهم أطفال، في وضع غير مستقر ولا يملكون الموارد الكافية للبقاء على قيد الحياة في الشتاء القارس.
جملة التصرفات الغربية هذه تجاه ازمة المهاجرين تستدعي ذكر بعض النقاط الهامة:
أولا: هذه السلوكيات هي بعد جديد من أبعاد الإبادة الجماعية التي يرتكبها الغربيون بحق البشرية، من قبيل ما ارتكبوه عبر تاريخهم الملطخ بالدماء من مذابح في رواندا والجزائر وناميبيا وأفغانستان والعراق وليبيا، وما زالت حيات مواطني تلك الدول لا قيمة لها بالنسبة لهم حتى اليوم.
يؤكد السياسي الفرنسي جوليان أوديل صحّة ماذكرناه سلفاً، حيث يرى إنه لا ينبغي أبدًا السماح لهؤلاء المهاجرين بدخول أوروبا، ومن الافضل أن يموتوا جراء قضمة الصقيع، بدلاً من السماح لهم بدخول أوروبا.
منذ بدء التصعيد الغربي في غرب آسيا وإفريقيا في عام 2011، حصدت سياسات الهجرة الأوروبية أرواح آلاف اللاجئين، وتحوّلت مخيمات اللاجئين في تركيا واليونان وحتى فرنسا الى بؤر للأزمات الانسانية.
ثانياً: بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، تتحمل الدول الأوروبية المسؤولية غير المشروطة عن قبول وتقديم التسهيلات لطالبي اللجوء. وفيما تتملّص أوروبا من مسؤولياتها، أعلن رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على بيلاروسيا.
ثالثاً: نظرة متمحصة على الكارثة الإنسانية على الحدود البيلاروسية البولندية باعتبارها بُعدًا جديدًا لطبيعة الغرب غير الموثوقة والغادرة، تذكرنا بالارث السيء لـ 20 عامًا من احتلال أفغانستان والتي لم تسفر إلا عن معاناة الشعب المضطهد في هذا البلد، حيث اعلنت الامم المتحدة ان أكثر من 18 مليون افغاني يعيشون في مجاعة.
رابعاً: ما يحدث اليوم من قبل الغربيين على الحدود البيلاروسية البولندية أو في مخيمات اللجوء على الحدود الأمريكية هو مؤشر واضح على الاختلاف في وجهات النظر مع بلدان من قبيل الجمهورية الاسلامية التي استضافت بصبر وسخاء ملايين الأفغان النازحين لأكثر من أربعة عقود.
الغرب المسؤول رسميًا عن الأزمة الإنسانية في أفغانستان والعديد من البلدان الأخرى، بدلاً من المساعدة في حل أزمة اللاجئين، نراه يرتكب إبادة جماعية رسميًا ويضحي بآلاف الأبرياء لأغراض اقتصادية وسياسية، بل ويفرض عقوبات على دول مثل ايران ممن قدمت كل مالديها لاحتضان اللاجئين من اي بلد كانوا.