وأثار الإعلان عن هذا الاجتماع "الذي عُقدت الجلسة الاولى منه يوم الجمعة الماضي عبر الاتصال المرئي" جدلاً واسعاً، خصوصاً بعد المزاعم المغايرة للواقع التي أطلقتها وسائل الاعلام الغربية.
في هذا الصدد، استنكر عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون السياسية وممثل ايران في هذه المحادثات، اليوم الأحد، واستهجن الشكوك التي أثارتها وسائل الإعلام الغربية حول وجود محادثات إيرانية غير مباشرة مع امريكا، وأعلن موقف ايران الصارم من هذا الامر، قائلا: "لن نجري أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الأمريكيين في فيينا، وسنتفاوض مع اللجنة المشتركة ودول 4 + 1 وسنعلن طلبنا وشرطنا لعودتهم إلى الاتفاق النووي"، مؤكدا على ضرورة التزام الولايات المتحدة أولاً بجميع تعهداتها ورفع جميع العقوبات التي فرضتها على إيران.
وأوضح عراقجي: إن ما نسعى إليه في فيينا في اللجنة المشتركة يستند بدقة إلى مواقف إيران الحازمة والتي أُعلن عنها مراراً من قبل الإمام السيد علي الخامنئي والمسؤولون في البلاد.
على هذا النحو من الواضح أن اجتماع فيينا المقبل (يوم الثلاثاء) لن يكون اجتماعا استثنائيا إنما اجتماعا عاديا، يأتي ضمن الاجتماعات السابقة للجنة المشتركة التي تعقد كل ثلاثة أشهر.
ما يلفت الانتباه؛ هو أنه كما أوضحت السلطات الإيرانية صراحةً من قبل، فإن شروط طهران للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي ليست أكثر من رفع كامل للعقوبات الأمريكية ومن ثم التحقق منها من قبل إيران.
من الواضح جدا أنه إذا نجحت اللجنة المشتركة للاتفاق النووي (4+1) في إقناع امريكا بأي طريقة تراها مناسبة، لتلبية شروط إيران المتمثّلة برفع العقوبات، فإن إيران ستعود إلى التزاماتها بعد التحقق بدون أدنى شك.
بطبيعة الحال، إذا لم تتحقق الشروط التي أعلنت عنها إيران، والتي تستند بالكامل إلى أسس قانونية وفنية، فلن يتغير الوضع الحالي وستواصل طهران مسارها المنشود دون أي تسرّع.
بناءً على مواقف ايران الشفافة والتي ليست بحاجة الى أي تفسير في هذا الصدد، يجب رفع جميع العقوبات التي فُرضت أو أعيد فرضها أو تلك التي لازالت لكن تحت مسمى آخر، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لتسنح الفرصة مجدّداً لأمريكا للعودة الى الاتفاق النووي.
على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام قد تكهنت بشكل بعيد عن المصداقية بأن جدول أعمال اجتماع يوم الثلاثاء في فيينا جاء وفق مبدأ خطوة بخطوة، إلاّ أن نائب ظريف للشؤون السياسية والذي يترأس الوفد الإيراني في محادثات فيينا، أكد أن الجمهورية الإسلامية لا تقبل مبدأ خطوة بخطوة، لذلك لا داعي لرسم أي خارطة طريق تقوم على هذه الأوهام.
نظرًا للتصريحات العديدة التي أدلى بها المسؤولون الغربيون حول الحاجة إلى توسيع نطاق المفاوضات المتعلقة في الاتفاق النووي لتشمل قضايا خارج حدود الاتفاق، بما في ذلك برنامج ايران الصاروخي والسياسات الإقليمية لطهران، فقد أثيرت أيضا بعض التكهنات من قبل بعض وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، تتحدث عن إمكانية مناقشة قضايا خارج نطاق الاتفاق النووي في قمة فيينا القادمة.
في هذا السياق، كشف مصدر مطلع مقرب من الوفد الإيراني المفاوض في اجتماع فيينا لموقع نورنيوز التحليلي الاخباري، أن أجندة محادثات الثلاثاء المقبل بين إيران ومجموعة 4 + 1 لن تتعدى كونها مباحثات فنية (قانونية) حول كيفية الوفاء بالتزامات الأطراف والتحقق منها، ولن يكون هناك حتى أي محادثات حول الاتفاق النووي نفسه، وبناءً عليه، لن يتم إجراء أي مفاوضات بشأن قضايا خارج إطار الاتفاق النووي. وفي غضون ذلك، أكدت الجمهورية الاسلامية الايرانية مراراً وتكراراً على سياستها الراسخة المتمثّلة في عدم التفاوض حول أي موضوع يكون خارج نطاق الاتفاق النووي، بشكل رسمي وشفاف.
وأضاف المصدر المطلع لـ "نورنيوز": بالنظر إلى الشروط التي وضعتها إيران للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق النووي، يبدو أنه ينبغي النظر إلى قمّة فيينا على أنها ساحة لاختبار إمكانية مجموعة 4 + 1 على الفهم الكامل للحاجة إلى الخروج من النفق، وإيجاد حلّ للمأزق الراهن، وما إذا كانت مجموعة 4 + 1 قادرة بأي شكل من الاشكال على إقناع الولايات المتحدة أن تفي بالتزاماتها القانونية في الاتفاق النووي، خاصة الرفع الفوري والكامل للعقوبات المفروضة على ايران.
إذا أرادت امريكا التصرّف بحسن نيّة، فسيتعين عليها رفع جميع العقوبات التي تفرضها على ايران البالغ عددها 1600 إجراء عقابي، لتكون بذلك قد وفت بالتزاماتها، وفتحت كوّة في الجدار الذي شيّدته بنفسها أمام الدبلوماسية، في المقابل ستبادر إيران من جانبها بعد التحقّق من رفع الحظر بشكل فعلي، للعودة إلى التزاماتها بشكل كامل.