وكان هذا المشروع الذي تقف وراءه ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والمدعوم من الولايات المتحدة، يندّد بقرار إيران تقليص عمليات التفتيش المرتبطة ببرنامجها النووي، ردّا على عدم إلتزام أطراف الاتفاق النووي بتعهداتهم.
ويأتي قرار الترويكا الأوروبية بالعدول عن خطئها فيما يخصّ الاتفاق النووي، بعد أن أبدت ايران غضبها من احتمال إدانتها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووجهت رسالة غير رسمية إلى الدول الأعضاء في «مجلس حكام الوكالة»، محذرة بأن «اقتراح القرار في تجاهل تام للتبادلات البناءة» مع الوكالة، «ستكون له نتائج عكسية ومدمرة على الإطلاق».
وعلى خلفية التراجع الأوروبي عن سياسة التعنّت تجاه ايران، اكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف، بأنه لا تفاوض من جديد حول الاتفاق النووي، وكتب ظريف في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مساء الخميس، رداً على مزاعم "وندي شيرمان" المرشحة لتولي منصب نائب الخارجية الاميركية في ادارة بايدن التي قالت بان ظروف المنطقة في العام 2021 تغيرت وانه يجب اجراء مفاوضات جديدة حول الاتفاق النووي مع ايران مع الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الجديدة: "ان الاتفاق النووي غير قابل للتفاوض من جديد".
وقال ظريف: ان كان العام 2021 ليس كالعام 2015 (العام الذي تم فيه توقيع الاتفاق النووي)، اذن فان الظروف الراهنة ليست كذلك كالعام 1945 (المصادقة على حق الفيتو في مجلس الامن الدولي).
وحول تغيير الظروف بين العام 2021 والعام 1945 كتب ظريف: بناء على ذلك تعالوا لنقوم بتغيير ميثاق منظمة الامم المتحدة وان نلغي حق الفيتو الذي يُساء استغلاله غالبا من قبل الولايات المتحدة.
واضاف: تعالوا نكف عن الاستعراضات – وهو ما قام به كلانا من العام 2003 حتى العام 2012 من دون الوصول الى نتيجة- ونتجه الى تنفيذ الاتفاق النووي –الذي وقعه كلانا في الواقع.
من جانبه، اكد مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية "سيد عباس عراقجي"، ان السبيل الوحيد للدفع بعجلة الاتفاق النووي الى الامام، يكمن في رفع الحظر الامريكي اللاقانوني.
وقال عراقجي خلال الجولة الجديدة من مباحثاته السياسية الافتراضية، الاربعاء المنصرم، مع الامين العام لوزارة الخارجية اليونانية «ثميستوكليس دميريس»، "اننا نتوقع من الاطراف الاخرى الاستفادة البناءة من الفرص المتبقية لصالح الدبلوماسية، وتجنب اي خطوة من شانها ان تؤدي الى مزيد من تخريب الاجواء الراهنة.
وبحث الجانبان الايراني واليوناني، اخر المستجدات المتعلقة بالاتفاق النووي، بينما اكد عراقجي على ان "العودة غير المشروطة للولايات المتحدة الى الاتفاق النووي ورفع كامل الحظر، شرط اساسي لتنفيذ التعهدات تماما من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية ايضا".
وتابع مساعد وزير الخارجية، ان الخطوات التي اتخذتها طهران لتخفيض التزاماتها النووية، جاءت وفق بنود الاتفاق النووي وردا على تنصل واشنطن واوروبا عن تنفيذ التزاماتها قبال الاتفاق.
واضاف: ان ايران وبعد فشل سياسة الضغوط القصوى الامريكية سوف لن تقبل باي سلوك مماثل اطلاقا.
وفي جانب اخر من مباحثاته مع المسؤول اليوناني، اكد مساعد وزير الخارجية الايراني على استعداد طهران لتوسيع علاقاتها مع اثينا.
من جانبه، اكد "دميريس"، على دعم اليونان لتحكيم لغة الدبلوماسية من اجل تسوية الخلافات، وقال خلال مباحثاته مع عراقجي: ان اثينا اعربت في سياق مواقف الشركاء الاوروبيين عن موقفها الرافض لانسحاب امريكا من الاتفاق النووي وفرض الحظر على ايران، ودعم الاتفاق.
كما نوه الامين العام لوزارة الخارجية اليونانية، باستعداد بلاده للمضي نحو تعزيز التعاون مع ايران وبمختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
الى ذلك، اعتبر المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الايرانية بهروز كمالوندي، طرح وبحث القرار المناهض لايران في مجلس الحكام بانه كان طريقا خاطئا منذ البداية، لافتا الى انه تم التاكيد دوما بان ايران لن ترضخ للضغط والتهديد.
واشار كمالوندي الى تنفيذ المادة 6 من قانون مجلس الشورى الاسلامي، واضاف: ان اجراءات خفض الالتزامات من جانب ايران وقرار وقانون المبادرة الاستراتيجية لالغاء الحظر وصون مصالح الشعب الايراني هي في الواقع تداعيات الانتهاك الصارخ من قبل الاطراف الاخرى في الاتفاق النووي والتي هي بطبيعة الحال مازالت تجري في اطار الاتفاق.
وقال: على اميركا والدول الاوروبية قبل التحدث عن اي التزامات واداء ايران ان تتحمل مسؤولية الانتهاك الصارخ لالتزاماتها وعدم بذل اوروبا جهودا جادة لإلغاء الحظر.
وختم كمالوندي تصريحه بالقول: ان نصيحتنا لهذه الدول هي العمل بالتزاماتها، لقد أعلنا على الدوام بانه لو نفذت الاطراف الاخرى التزاماتها فاننا سنعود ايضا الى التزاماتنا. تعاوننا مع الوكالة الذرية في اطار التفاهم الاخير سيستمر مع التركيز على قضايا اتفاق الضمانات وفي هذا الصدد سنستمر في مشاوراتنا مع الوكالة.
في ذات السياق، اكد مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل اوليانوف، بانه ليس لدى ايران اي شيء للتستر عليه في مواقعها النووية.
وقال اوليانوف في كلمته أمس الخميس، خلال اجتماع مجلس الحكام: انه على امانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ادراج تفاصيل اقل حساسية حول ايران في تقاريرها كي لا يتم استغلالها في حال تسربها الى وسائل الاعلام.
واضاف: انه خلال الاعوام العشرة الاخيرة طرح الوفد الروسي على الدوام قضية التسرب غير المقبولة لمعلومات التقارير التي يجب الحفاظ عليها وفقا للنظام التاسيسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية والتوافقات الحكومية لاتفاق الضمانات.
واعرب اوليانوف عن ثقته بان ايران وامانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستصلان الى حل جوانب قضية المواد النووية في بعض المراكز الايرانية.
وحول التعاون بين ايران والوكالة الذرية لتحديد مصير المواد النووية في بعض المواقع النووية الايرانية قال: ان هذه الاجراءات تاتي في اطار اتفاق الضمانات ونحن على ثقة بان خطوة ايران لتوفير امكانية الوصول الى هذه المواقع دليل على انه ليس لدى ايران اي شيء للتستر عليه.
واكد ان ايران لن تتخلى عن التعاون مع الوكالة وستواصل ردودها على اسئلة الوكالة واضاف: ينبغي الالتفات الى هذه الحقيقة وهي انه نظرا لمضي فترة طويلة فان تحديد السبب في بروز هذه المواد النووية ليس امرا سهلا.
وقال اوليانوف: اننا على ثقة بان القضايا المتبقية ستحل في التعاون الكامل بين ايران والوكالة الذرية وسيتم العثور على الحلّ بالتأكيد، وان موسكو تدعم جهود المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذه المجالات.