التقرير الذي فضح تورط الحكومة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان في مقتل الصحفي الراحل جمال خاشقجي، كشف عن متورطين جدد بالجريمة، إذ ورد في التقرير أربعة أسماء لم تنشر سابقا في تقارير الاستخبارات التركية، وفي التقارير الرسمية السعودية.
والأسماء الأربعة الجديدة، هي: عبد الله الهويريني، أحمد زايد عسيري، ياسر خالد السالم، إبراهيم السالم، والاسمان الأخيران لم يتم الكشف عن معلوماتهما، أو الوظائف التي يشغلانها.
في مقدمة الأسماء الجديدة المتورطة باغتيال خاشقجي بحسب تقرير الاستخبارات الأمريكية، اللواء عبد الله بن محمد الهويريني، واللواء الهويريني هو شقيق رئيس جهاز أمن الدولة، الفريق عبد العزيز الهويريني.
ويشغل اللواء الهويريني منصب مساعد المدير العام لشؤون مكافحة الإرهاب، التابع لرئاسة أمن الدولة.
وطيلة سنوات خدمته، بقي الهويريني بعيدا عن الأضواء، إلا أنه ترأس في أيلول/ سبتمبر 2019، اجتماعا عربيا في تونس، يهدف إلى إعداد مشروع استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب.
وقال خالد الجبري، نجل رجل المخابرات السابق سعد الجبري؛ إن اللواء عبد الله الهويريني هو حلقة الوصل السرية بين محمد بن سلمان ورئاسة أمن الدولة.
أحمد عسيري
اسم جديد ورد في التقرير الاستخباراتي الأمريكي، هو اللواء أحمد بن زايد عسيري، ويشغل منصب مدير الإدارة العامة للأدلة الجنائية.
واللواء أحمد بن زايد هو من كبار الضباط في وزارة الداخلية، ويشغل هذا المنصب منذ ثماني سنوات، أي منذ عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وكان أحمد بن زايد عسيري، يشغل منصب مدير إدارة التزييف والتزوير التابعة للإدارة العامة للأدلة الجنائية.
يذكر أن المخابرات التركية قالت إنها تمكنت من الكشف عن أدلة اغتيال خاشقجي، رغم قيام المتورطين السعوديين بمحاولة محو الأدلة الجنائية.
وسارعت السعودية لرفض التقرير من حليفها المقرب، خصوصا فيما يتعلق بتورط ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان في الجريمة.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان؛ إن "حكومة المملكة ترفض رفضا قاطعا ما ورد في التقرير من استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة، ولا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال"، كما أكدت أن التقرير تضمن جملة من المعلومات والاستنتاجات الأخرى غير الصحيحة.
انتقادات دولية لعدم تجريم ابن سلمان
من جانبهم، رأى معارضون سعوديون أن التقرير الذي أصدرته الاستخبارات الأمريكية حول مسؤولية محمد بن سلمان في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ يمثل تحولا في السياسة الأمريكية تجاه السعودية، لكنهم انتقدوا استثناء ابن سلمان من الإجراءات العقابية التي أعلنتها الإدارة الأمريكية حتى الآن.
وجاء في التقرير الأمريكي أن "من المستبعد جدا أن ينفذ مسؤولون سعوديون عملية قتل خاشقجي بدون موافقة ابن سلمان"، وأن ولي العهد السعودي كان يرى في خاشقجي "تهديدا للمملكة".
ونظم حزب التجمع الوطني السعودي المعارض مؤتمرا صحفيا عبر الإنترنت، للتعليق على التقرير الأمريكي.
وقال أمين عام الحزب يحيى عسيري؛ إن التقرير نشر متأخرا بعدما عطل ترامب نشره، مضيفا: "هذا التقرير يقول إن القناعة الأمريكية هي أن ابن سلمان هو من أمر بإحضار أو قتل خاشقجي. لكن لم تفرض واشنطن عقوبات، وعلينا الضغط على الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات، لأن بقاء ابن سلمان أو أي مسؤول دون عقوبات، يعني أن جرائم أخرى يمكن توقعها في أي وقت".
وقال: "نؤيد فرض عقوبات على ابن سلمان وجميع المتورطين، لكن لا نؤيد عقوبات تمس البلاد بشكل عام"، ورأى أنه "لا بد من محكمة دولية لمحاكمة المتورطين، سواء بالمشاركة الفعلية بالجريمة أو من أمر بذلك".
وقال: "نسعى قدر المستطاع لفتح قضايا قانونية في أي مكان متاح لمحاسبة المتورطين وعدم ترك الجناة دون عقاب".
وقال الناشط المقيم في كندا عمر عبد العزيز؛ إن التقرير يؤكد أن ابن سلمان أمر ونظم عملية اغتيال خاشقجي.
ورأى أن أي عقوبات على السعودية لن تفعل أي شيء، ولكن عقوبات على ابن سلمان بشكل شخصي ستساعد في تحقيق العدالة.
وعلق الناشط عبد الله العودة قائلا: "بينما نرحب بالتقرير، لكنه لا يتضمن أي عقوبات. ويجب علينا كشعب سعودي تقديم المجرمين لمحاكمة صحيحة الإجراءات داخليا وخارجيا".
وتحدث عن "محاكمة هزلية" في السعودية لمتهمين في القضية، مشيرا إلى أن المحاكمة جرت بسرية وفي غياب الإجراءات اللازمة لأي محاكمة عادلة ونزيرهة، حيث برأت أحمد عسيري وقررت عدم محاكمة أشخاص مثل سعود القحطاني. "نطالب بمحاكة تشمل ابن سلمان"، علما أن التقرير الأمريكي أدرج عسيري والقحطاني بين المتهمين.
ولفت إلى أن التقرير يؤكد سلوك ابن سلمان في استخدام العنف ضد المعارضين. "هذا لا يتعلق بخاشقجي فقط، بل بالمعارضة، فهناك نمط وسلوك متمثل بشخص ابن سلمان، وهو عرض لمرض أكثر عمقا".
وأكد العودة أن استثناء محمد بن سلمان من المحاسبة "يعني أنه لا عدالة"، وقال: "سندعم أي إجراءات قانونية شفافة، وهناك ثلاث قضايا في أمريكا وحدها ضد قتلة خاشقجي. هناك أيضا قانون اعتمد في أكثر من دولة (قانون ماغنستي) ويمكننا استخدام هذه الوسائل".
أما الأكاديمية مضاوي الرشيد، فقد قالت إنها تنتظر من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته، كما دعت الشركات التي تتطلع للاستثمار في السعودية أن تنظر في مسؤولياتها قبل أن تضع أيديها بأيدي "الرجل الذي أمر بقتل خاشقجي".
وأضافت: "هناك تحول في السياسة الأمريكية ولكنه ليس تحولا جذريا. بايدن يحاول الموازنة بين مصالح الولايات المتحدة وحقوق الإنسان، وقد تستمر العلاقة بعد هذا التقرير كما هي خلال العقود الماضية".
وأشارت إلى أن ولي العهد لديه الفرصة ليصبح ملكا، وتساءلت: "لماذا يعطى ابن سلمان فرصة بعد هذه الجريمة؟ إذا لم يتم التعامل بجدية قد نجد معارضين آخرين يقتلون في أوروبا أو أمريكا".
وأشارت إلى أنه لولا التفاصيل التي كشفتها تركيا حول جريمة اغتيال خاشقجي، "فلم نكن لنسمع بالجريمة حتى اليوم".
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الجمعة إنه أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان أنه "سيحاسب المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان" وأن الولايات المتحدة ستعلن تغييرات كبيرة في العلاقات الثنائية.
وأضاف بايدن في مقابلة مع شبكة يونيفيجن التلفزيونية "تحدثت مع الملك.. قلت له صراحة إن القواعد تتغير وإننا سنعلن تغييرات كبيرة اليوم ويوم الاثنين. سنحاسبهم على انتهاكات حقوق الإنسان".
وأكّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الجمعة، أنّ بلاده تريد تغييرا وليس "قطيعة" في العلاقات مع السعودية.
وأفاد بلينكن للصحفيين: "ما فعلناه من خلال الإجراءات التي اتخذناها هو في الحقيقة ليس قطعا في العلاقة، ولكن إعادة ضبطها لتكون أكثر انسجاما مع مصالحنا وقيمنا".
وأضاف: "اتخذنا الإجراءات الأخيرة المتعلقة بقضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، من أجل منع تصرفات مستقبلية مماثلة للسعودية".
عقوبات على كبار المسؤولين السعوديين
وفرضت الخزانة الأميركية مساء أمس، عقوبات على قوات التدخل السريع السعودية والنائب السابق لرئاسة الاستخبارات العامة في المملكة لدورهم في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، طلب عدم نشر اسمه، إن النهج يهدف إلى خلق نقطة انطلاق جديدة للعلاقات مع المملكة دون كسر علاقة أساسية في الشرق الأوسط.
وأصدرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مساء يوم الجمعة، نسخة رفع عنها السرية من تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في العام 2018.
وقال مكتب مدير المخابرات الوطنية في التقرير الذي نشر على موقع الإدارة "نحن نرى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وافق في 2018 على عملية في اسطنبول بتركيا للقبض على الصحفي جمال خاشقجي أو قتله".
وأضاف "ونحن نبني هذا التقييم على سيطرة ولي العهد على عملية صنع القرار في المملكة والضلوع المباشر لمستشار رئيسي وأفراد من فريق حماية محمد بن سلمان في العملية ودعم ولي العهد لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج ومنهم خاشقجي"