وفي حديثه خلال الملتقى الدولي للمطالب القانونية الدولية بشأن الحرب المفروضة (التي فرضها صدام بدعم اميركي غربي ضد ايران من 1980 الى 1988)، قال محمد جواد ظريف: ايران دولة كبرى في هذه المنطقة وهي بحاجة الى صداقتكم والتعاون معكم، وهذه فرصة ممتازة ولنعتبر من الماضي المرير للعقود الماضية، ولنفتح طريقا جديدا امام المنطقة والاجيال القادمة.
لا شك في انتهاك القوانين والاعراف الدولية في عدوان صدام على ايران، ولا يوجد اي تبرير له، مضيفا ان نظام صدام لم يقم بتسجيل اسماء 30 ألف أسير ايراني، وهذا انتهاك لميثاق جنيف وخاصة المادة الرابعة.
وأضاف: ان تقارير منظمة الامم المتحدة تشير الى ان نظام صدام مارس اجراءات موجهة ومنظمة لتخريب المناطق السكنية، وهذه بحد ذاتها جريمة حرب. اضافة الى جريمة استخدام الاسلحة الفتاكة ضد المناطق السكنية من قبيل قصف دزفول بصواريخ يبلغ طولها 9 أمتار.
وأشار ظريف الى ان 6 او 7 تقارير صادرة من الامم المتحدة اثبتت استخدام نظام صدام الاسلحة الكيمياوية في البداية ضد القوات ثم ضد المدنيين، مضيفا ان حرب الناقلات كذلك بدأها صدام، وحتى عندما قدم الامين العام للامم المتحدة مبادرة لوقف حرب المدن وحرب الناقلات أكد صدام انه يجب ان يكون من يطلق آخر صاروخ.
ولفت ظريف الى ان منظمة الامم المتحدة ليس لها ماض مشرق في الدفاع عن الحقوق الدولية، وبالطبع نحن ندرك ان المنظمات الدولية والاعراف الدولية لا تغير السلطة وانما تقوم بتعديلها وتقنن الى حد ما استخدام هذه السلطة والقوة. الا ان منظمة الامم المتحدة خلال الحرب المفروضة حتى لم تستخدم آليات وادوات تعديل القوة. فضلا عن ان العديد من الدول قامت بمساعدة صدام ضد ايران وزودته بمختلف الاسلحة الحديثة.
وتطرق وزير الخارجية الايراني الى نماذج من الدعم والانحياز الغربي والاممي الى نظام صدام خلال حربه ضد ايران؛ ففي عام 1984 قامت أميركا بشطب اسم العراق من قائمة الدول الداعمة للارهاب وأدرجت بدلا منه اسم ايران. وقام العراق بضرب سفينة اميركية في الخليج الفارسي ودخلت اميركا الى الخليج الفارسي ضد ايران. وكان القرار الاممي 479 وصمة عار في تاريخ مجلس الامن الدولي الذي لم يتطرق مطلقا الى موضوع الانسحاب في حين كان العراق يحتل اكثر من 2000 كيلومتر من الاراضي الايرانية حتى كان الحديث يدور حول ضمها الى العراق. كما ان مجلس الامن دعا في قراراته الى وقف حرب المدن لكنه لم يتطرق مطلقا الى اسم العراق وصدام، وكأن صدام امر مقدس لا يجوز ادانته.
وتابع انه في الحرب الكيمياوية ضد ايران، وعندما كانت الصورة واضحة تماما، قالوا: (استخدام الاسلحة الكيمياوية ضد ايران) ولم ينسبوها مطلقا الى نظام صدام الذي كان مدللا لدى الغربيين.
وألمح الى انه الى ما قبل غزو العراق للكويت، لم يصدر أي قرار اممي ضد العراق، وكان العراق من المؤيدين الاساسيين لقرارات حقوق الانسان ضد ايران، مثلما يحصل اليوم من قبل النظام السعودي القاتل للاطفال. ولكن منذ الهجوم على الكويت تبدل الوضع واصبح صدام اكبر ناقض لحقوق الانسان منذ عهد هتلر.
وبين ظريف الى وجود مختلف الادوات والعناصر للقوة على الصعيد الدولي من قبيل الدبلوماسية والقوة العسكرية والقدرة على ايجاد اجماع دولي، وفي فترة الحرب المفروضة كانت هذه الامور لصالح صدام، ومن ورائه اميركا والغرب، واليوم تبدل الوضع، حيث تكبدت ادارة ترامب هزيمة منكرة امام ايران بـ110 أصوات مقابل 10 أصوات، داعيا الى دراسة هذا التحول لا ان نتوقع منه صنع معجزة.
وأردف ان هذا التحول قد تحقق لسببين الاول تنامي القدرة العسكرية لايران والثاني تنامي الدبلوماسية الايرانية، وهذين القوتين معا يمكنهما تحقيق نتائج افضل.
وقال ظريف لقد توفرت اليوم ظروف يمكننا من خلالها استخدام القوانين الدولية وهذه الادوات تجاه الاجراءات الاجرامية الاميركية من قبيل اغتيال الشهيد الفريق سليماني والاخ العزيز ابو مهدي المهندس.. ولابد ان نفعل ذلك.
وشدد وزير الخارجية الايراني على ان الجمهورية الاسلامية الايرانية حريصة على امن المنطقة من خلال طرح العديد من المبادرات وكان آخرها مبادرة هرمز للسلام، لضمان الامن الجماعي على يد دول المنطقة، لافتا الى ان يد ايران مازالت ممدودة نحو دول الجوار، رغم ان دول الجوار هذه ساندت صدام في 1980 ضد ايران، وتصورت انها يمكنها شراء الامن بأموالها، في حين انه لا يمكن شراء الامن.
وأوضح ان السعودية تمارس الحرب بالوكالة في المنطقة، في حين ان ايران ليس لديها وكلاء بالمنطقة، بل لديها اصدقاء، وعلاقاتنا مع حزب الله وانصار الله، ليست علاقات وكالة. وما لم تدرك السعودية هذه الحقيقة، فمهما تنفق من الاموال بالمنطقة، لن تحقق شيئا.. لقد دفعت السعودية لصدام في عام 1980 ليقف ضد ايران، وبعدها دفعت الاموال لاميركا حيث قال ترامب اننا نقوم بحلب السعودية.
ثم تطرق ظريف الى تصريح لملك البحرين الذي كان قد قال قبل اربع سنوات: نتريث ولا ننفذ مبادرة الكويت، الى ان يقوم ترامب بإركاع ايران، وعلق ظريف مخاطبا ملك البحرين: لقد ذهب ترامب الى مزبلة التاريخ، ومازالت ايران شامخة بفضل ثقافة الايثار والشهادة والمقاومة لدى شعبها. والآن توجهتم نحو الكيان الصهيوني؟ ولو كان مقررا ان يدافع عنكم احد لفعل ترامب. في حين ان نتنياهو على اعتاب السجن.
وأكد ظريف ترابط موضوع الامن في المنطقة، وفشل سياسة شراء الامن من الخارج، مخاطبا دول المنطقة: ان ايران وبلطف الله وببركة الثورة الاسلامية ودماء الشهداء، ليست بحاجة لا الى ارضكم ولا اموالكم ولا مواردكم ولا كوادركم. ايران دولة كبرى في هذه المنطقة وهي بحاجة الى صداقتكم والتعاون معكم، وهذه فرصة ممتازة ولنعتبر من الماضي المرير للعقود الماضية، ولنفتح طريقا جديدا امام المنطقة والاجيال القادمة.