وقرر مسؤولون فى عدد من الولايات، إغلاق المطاعم والحانات والمدارس، وظل المسافرون الذين يعودون إلى أمريكا من الخارج عالقين فى طوابير طويلة فى المطارات الرئيسية، في حالة انتظار لساعات بهدف التأكد من خلوهم من المرض، وهى مسألة أصبحت في حد ذاتها مشكلة، بسبب الاكتظاظ وما يشكلة من مخاطر على الصحة العامة.
الكآبة الاقتصادية
وفى علامة على الكآبة الاقتصادية الوشيكة، خفض بنك الاحتياطى الفيدرالى سعر الفائدة القياسى إلى ما يقرب من الصفر.
وسعى الرئيس دونالد ترامب إلى تهدئة المواطنين القلقين من خلال إعلان أن الحكومة لديها "سيطرة هائلة" على الوضع وحث الناس على وقف شراء المواد الغذائية "بدافع الهلع" وهو ما استنزف رفوف المتاجر على المستوى الوطنى.
وذكر موقع الحرة الإخبارى الأمريكى أن موجة الشراء لم تقتصر على متاجر الغذاء بل امتدت لتشمل متاجر الأسلحة والذخيرة مع اشتداد حالة الذعر.
وبينما يكافح الأمريكيون لتغيير عاداتهم اليومية، أوصت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بإلغاء أو تأجيل أي تجمعات من 50 شخصا أو أكثر في جميع أنحاء البلاد لمدة ثمانية أسابيع، وطالبت الأفراد باتخاذ الاحتياطات المناسبة، بما في ذلك غسل اليدين جيدا، ومنع التقارب بين الأفراد. واستثنى البيان الأشغال اليومية الضرورية.
مدن أشباح
وحتى قبل صدور هذه التحذيرات، بدت أجزاء من البلاد بالفعل مثل مدن الأشباح، بينما البعض الآخر على وشك اتباعها حيث أغلقت الحدائق الترفيهية، وقررت الولايات والمدن الكبرى إغلاق الحانات والمطاعم.
وقال حاكم ولاية إلينوي جيه بي بريتزكر "إن وقت الإقناع والنداءات العامة انتهى... هذا( الفيروس) ليس مزحة. لا أحد محصن ضده".
وفي نيويورك أمر عمدة المدينة بيل دى بلاسيو بإغلاق النوادي الليلية ، وصالات السينما وأماكن الترفيه الأخرى، بينما سمح للمطاعم بتوصيل الطعام فقط لطالبيه، وأضاف "هذه الأماكن هى جزء من قلب وروح مدينتنا، لكن مدينتنا تواجه تهديدا غير مسبوق، ويجب علينا الرد بعقلية زمن الحرب".
إغلاق وطني
وكان الطبيب أنتوني فوشي الذي يرأس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في المعاهد الوطنية للصحة، قد أيد فرض إغلاق وطنى لمدة 14 يوما لمنع انتشار الفيروس.
وقال فوشى، عضو فرقة العمل في البيت الأبيض لمكافحة انتشار الفيروس " يجب على الأمريكيين أن يكونوا مستعدين للبقاء في ملاذات آمنة لفترات طويلة، أكثر بكثير مما نفعله كدولة" لمحاربة التفشي المتزايد للوباء، وأضاف "أفضل عمل ما فى وسعنا، أعتقد أننا يجب أن نكون شرسين بشكل مفرط (في مواجهة المرض)، حتى إذا تعرضنا للانتقاد بسبب رد الفعل المبالغ فيه".
وقال فوشى، إنه أبلغ إدارة ترامب بالمخاطر التي قد تنجم عن وباء كورونا "إنهم يستمعون، وفى الغالب يتجهون لما نقول".
ووصل فيروس كورونا كل الولايات تقريبا عدا ويست فرجينيا، وحتى الاثنين تم رصد حوالى 3700 حالة إصابة و 64 حالة وفاة.
وتسود مخاوف كبيرة من ارتفاع العدد، بسبب أن كثيرا من الناس في أمريكا قد يكونون حاملين للمرض وناقلين له، رغم عدم ظهور الأعراض عليهم. كما أن نقص معدات الاختبار أسهم في تعزيز مخاوف الناس.
ومع المخاوف المستمرة بمزيد من التفشي، شجعت الحكومات المحلية السكان على البقاء في منازلهم والابتعاد عن التجمعات، فيما حظرت ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك وواشنطن التجمعات الكبيرة.
وأغلقت المدارس في جميع أنحاء البلاد بموجب حالة طواري وطنية أعلنها الرئيس دونالد ترامب، وتم إلغاء خدمات العبادة وتوقفت الفعاليات الترفيهية مما أدى إلى تغييرات جذرية في الحياة اليومية للأمريكيين.
وأصبحت الحملة الرئاسية الآن افتراضية، حيث ألغى الرئيس دونالد ترامب، والسيناتور بيرني ساندرز، ونائب الرئيس السابق جو بايدن، التجمعات وغيرها من الأحداث الشخصية.
الأسوأ لم يأت بعد
وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكه إن بي سي نيوز ،وول ستريت جورنال، ونشر أمس الأحد، أن 60 % من الأمريكيين يعتقدون أن "الأسوأ لم يأت بعد" فى الأزمة، حيث قال 40 في المئة إن حياتهم اليومية ستتغير نتيجة لذلك.
ويتوقع أن يتم فرض مزيد من القيود في أمريكا لمقاومة الفيروس، وسط دعوات لحظر السفر الداخلي، بعد أيام من حظر الرئيس ترامب السفر من أوروبا.
وحظرت منطقة هوبوكن فى ولاية نيوجرسى التجول بدءا من الاثنين، ووفقا للقرار، على السكان البقاء فى منازلهم من 10 مساء إلى 5 صباحا باستثناء من لديهم عمل. وفي لوس أنجلس تم تعليق عمل المحاكم حتى 30 مارس، حسب مصادر محلية.
ووسع الرئيس ترامب القيود المفروضة على دخول الولايات المتحدة من أوروبا لتشمل المملكة المتحدة وأيرلندا، وتسري قيود السفر منتصف ليل الاثنين. بينما دخلت القيود المفروضة من 26 دولة أخرى في أوروبا حيز التنفيذ الجمعة.
ولم يستبعد نائب وزير الأمن الداخلي تشاد وولف، وقف السفر الداخلي في أمريكا لوقف تفشي المرض.
صورة قاتمة
ويرسم بعض الخبراء صورة قاتمة للوضع في أمريكا ويربطون احتمالات تحسنه باتخاذ إجراءات صارم لوقف انتشار الفيروس. وقال الخبير الحكومي أنتوني فوشي إن "هناك احتمال لموت آلاف الأمريكيين إن لم يكن الملايين" بسبب الفيروس، خاصة إذا ما تحور وتحول إلى نوع أكثر عدوانية.
والتحور الجينى، أحد السمات الأساسية للفيروسات ووسيلة دفاعية تجنبها تفادى الجهاز المناعى للإنسان والحيوان.
وكانت دراسة نشرت في مجلة ناشيونال ساينس، قد أشارت بالفعل إلى تحور فيروس كورونا المستجد إلى نوعين رئيسيين أحدهما شديد العدوانية مع اختلاف معدلات انتقال المرض والتوزيع الجغرافى، وحللت مجموعة من العلماء الصينيين 103 من جينات الفيروس وحددت طفرات في 149 موقعا فيها.
وتبين أن الفيروس من نوع (إل)، انتشر أكثر من النوع الثاني (إس) في البداية في ووهان الصينية، لكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة حدت منه، فأصبح النوع الثاني (إس) أكثر خطورة وانتشارا في العالم.
وقبل أيام قال طبيب بالكونجرس، إن ما بين 40-70 % من الأمريكيين قد يصابون بالمرض، وواحد فى المئة منهم قد يموتون، ويقدر عدد سكان أمريكا بنحو 300 مليون نسمة.
وعلى نطاق العالم بلغ عدد ضحايا المرض حتى الآن نحو 170 ألف مصاب و6500 قتيل مع تأكيد آلاف حالات الإصابة يوميا.