وبدأ الجيش الأمريكي الانسحاب من قاعدتين في أفغانستان، أحداهما في ولاية تشكل معقلا لطالبان، كما أعلن مسؤول أمريكا الثلاثاء ما يشكل المرحلة الأولى من الاتفاق الذي وقع في 29 شباط/فبراير في الدوحة بين الولايات المتحدة والمتمردين.
وأوضح المسؤول الأمريكي رافضا الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس أن هاتين القاعدتين تقعان في لشكر قاه عاصمة ولاية هلمند (جنوبا) التي يسيطر عليها المتمردون الى حد كبير، وفي ولاية هرات (غربا).
وكان مسؤول أمريكي أكد، الإثنين، أن الولايات المتحدة بدأت بسحب قواتها من أفغانستان، تطبيقا لاتفاق السلام المُوقَع بين واشنطن وحركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، وسط فوضى سياسية في كابول تهدد الاتفاق.
وقال المسؤول إن "مئات الجنود يغادرون أفغانستان، كما كان مخططًا له سابقًا، ولن يتم استبدالهم، مع تقدم الولايات المتحدة في خطتها لخفض عدد جنودها من 13 ألفا إلى 8600 جندي في البلاد".
ويتزامن إعلان بدء الانسحاب مع أداء كل من أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله، اليمين الدستورية لرئاسة أفغانستان، في مراسم منفصلة، ما يخلق تعقيدات للولايات المتحدة في تحديد كيفية المضي في الصفقة وإنهاء حرب الـ 18 عامًا.
وأُجريت الانتخابات الرئاسية الأفغانية في أيلول/ سبتمبر الماضي، بمشاركة شعبية منخفضة جدًا، وأظهرت نتائجها الأولية فوز، أشرف غني، الرئيس الحالي، لكن منافسه عبدالله عبدالله شكَك في النتائج وأعلن فوزه وأحقيته بالمنصب.
وبموجب اتفاق السلام، كان يجب أن يبدأ انسحاب القوات الأمريكية في غضون 10 أيام بعد توقيع الاتفاق، حيث فوَض وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، قائد القوات في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر، باتخاذ قرار بدء الانسحاب الأولي، بحسب ما نقلته الوكالة.
وفي 29 شباط /فبراير الماضي، شهدت العاصمة القطرية الدوحة اتفاقا بين الولايات المتحدة وطالبان يُمهَد الطريق وفق جدول زمني إلى انسحاب الولايات المتحدة على نحو تدريجي من أفغانستان.
وتُعاني أفغانستان من حرب مستمرة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن، بحكم "طالبان"، لارتباطها بتنظيم "القاعدة"، الذي تبنى هجمات في الولايات المتحدة، يوم 11 أيلول/ سبتمبر من العام نفسه.
وفي ذات السياق دعت الولايات المتحدة إلى التصويت ،الثلاثاء، في مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار يؤيد الاتفاق الذي توصلت إليه مع حركة طالبان في 29 شباط/فبراير والذي باشرت بموجبه سحب قوات من أفغانستان، على ما أفادت به مصادر دبلوماسية الإثنين، حيث قدم طلب التصويت بعد مفاوضات شاقة بدأت قبل أسبوع، بحسب المصادر.
وطلبت الصين إدراج إشارة إلى "التعاون الإقليمي" في المسودة الأخيرة التي سبق أن خضعت لثلاث مراجعات، حرصا منها على خطة "طرق الحرير الجديدة" التي تطورها عبر القارات، بحسب ما أوضح الدبلوماسيون.
ويأتي التصويت وسط أزمة سياسية خطيرة في أفغانستان مع تنصيب كل من الرئيس أشرف غني وخصمه الأبرز رئيس السلطة التنفيذية الأسبق عبدالله عبدالله نفسيهما رئيسين.
وجرت انتخابات في أيلول/سبتمبر في أفغانستان لكن لم يتم الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية إلا الشهر الماضي بعدما تأجّل إعلان النتيجة مرارا وسط اتهامات بتزوير الانتخابات. وأثار الإعلان ردا غاضبا من عبدالله الذي تعهّد بتشكيل حكومته الموازية.
وبحسب مسودة القرار الأمريكي الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه، فإن مجلس الأمن "يحض الحكومة الأفغانية على المضي في عملية السلام ولا سيما من خلال المشاركة في مفاوضات بين الأطراف الأفغانيين بفريق من المفاوضين متنوع ويشمل الجميع، مؤلف من قادة سياسيين ومن المجتمع المدني ويضم في صفوفه نساء".
وأشار الدبلوماسيون إلى أن هذا المسعى الأميركي للحصول على تأييد مجلس الأمن لاتفاق واشنطن مع طالبان نادر في الأمم المتحدة بالنسبة لاتفاق تم بين دولة وحركة مسلحة.
ولفت دبلوماسي إلى أن الاتفاق يتضمن ملحقين سريين حول مكافحة الإرهاب يتحتم على أعضاء مجلس الأمن المصادقة عليهما بدون الاطلاع على مضمونهما، معتبرا أن ذلك "أمر لا يصدّق".
ولا يعرف بعد ما سيكون موقف روسيا التي تملك حق الفيتو. وألمحت موسكو الجمعة إلى أنها قد تعارضه بعدما عرقلت الولايات المتحدة الجمعة تبني مجلس الأمن الدولي إعلاناً طرحته روسيا يدعم الاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية.
ومسودة القرار الأمريكية حول أفغانستان "تؤيد" الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 29 شباط/فبراير بين واشنطن وحركة طالبان وتطلب من "جميع الدول تقديم دعمها التام للتفاوض بشأن اتفاق سلام كامل ودائم يضع حدا للحرب بما يخدم مصلحة جميع الأفغان".
كذلك يضغط النص الأمريكي على الحكومة الأفغانية لدفعها إلى الدخول في مفاوضات مع طالبان من أجل التوصل إلى "وقف إطلاق نار دائم وتام".
وفيما خلت الصيغة الأولى للنص الأسبوع الماضي من أي ذكر للنساء، تتضمن الصغة الحالية المطروحة للتصويت عدة إشارات إلى الأفغانيات.
كما يذكر النص أن مجلس الأمن سيكون "على استعداد فور بدء المفاوضات الأفغانية لمراجعة العقوبات" الدولية المفروض على أفراد أو مجموعات منذ 2011 بهدف "دعم عملية السلام".