ويرى المُفكر اللبناني في تصريح خاص لوكالة "فلسطين اليوم الإخبارية"، أن أول الدوافع هي خضوع بعض حكام العرب ومشاركتهم الفعلية من خلال التطبيع واستضافة الإسرائيليين في بلادهم عبر مؤتمرات مشبوهة للتخطيط لإنهاء القضية الفلسطينية ومشروع المقاومة.
وقال د. طلال عتريسي: " إن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لم تستطيعا القضاء على المقاومة في فلسطين ولبنان رغم فرض الحصار وشن الضربات على مدار العقود الماضية، الأمر الذي دفع ترامب للاستعانة بدول أخرى بينها (خليجية) للتخطيط لصفقة تنهي المقاومة والتخلص من عبء القضية الفلسطينية".
وبين أن الجامعة العربية لم تكن فاعلة بشكل مقبول تجاه القضية الفلسطينية وانشغلت بالصراعات الداخلية للعرب -ما يُسمى الثورة العربية- وانحازت للطرف على طرف وهذه كانت فرصة ذهبية لدونالد ترامب وبنيامين نتنياهو للسيطرة على القرار العربي والتخطيط للصفقة واقتناص الوقت المناسب للاعلان عنها رسميًا".
هدية لإسرائيل
وأشار إلى أن الأمر الثاني الذي دفع ترامب لإعلان صفقة القرن بشكل رسمي هو رغبته في تقديم خدمة وهدية كبيرة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ولكل الإسرائيليين المحتلين بشكل عام واللوبي الصهيوني بشكل خاص.
ولفت إلى أن اعلان الصفقة قد ينقذ نتنياهو من السقوط في الانتخابات الإسرائيلية القادمة –انتخابات اسرائيلية ثالثة في مارس المقبل- في مواجهة المعارضة القوية المتمثلة في حزب ازرق أبيض، إضافة إلى تخليص نتنياهو من تهم الفساد التي يواجهها وتحقيق انجاز يرفع من قيمته في المجتمع الإسرائيلي.
استرضاء للوبي الصهيوني
وعن الدافع الثالث هو رغبة دونالد ترامب لاسترضاء اللوبي الصهيوني الذي يُعرف بأن له قوة كبرى لا يستهان بها في الولايات المتحدة الأمريكية والهدف انقاذ ترامب من الأزمات الداخلية التي يعيشها في الوقت الحالي.
ويعتقد د. عتريسي، بأن ترامب يسعى من خلال ذلك اشغال الأمريكان سواء الجمهوريين والديمقراطيين في الانجاز الذي سيحققه بإعلان صفقة القرن وما سيحدث من تأييد واسع من اللوبي الصهيوني والتفرغ للحديث عنه في وسائل الاعلام بدلًا من الحديث عن قضية عزله أو الانتخابات الامريكية القادمة.
موقف الدول العربية
وحول موقف الدول العربية من صفقة القرن قال المفكر اللبناني د. عتريسي: منذ نقل السفارة الامريكية قبل عامين من "تل ابيب" إلى القدس المحتلة لم نشهد أي موقف عربي قوي وحازم يقف إلى جانب القضية الفلسطينية وهذا دليل على خضوع الدول العربية للقرار الأمريكي والرغبة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن بعض الدول العربية منذ عام تمارس التطبيع -الخيانة- بشكل علني سواء بعقد مؤتمرات أو استضافة شخصيات رسمية اسرائيلية، بهدف تأييد الصفقة وتمويلها ماديًا، فالموقف العربي الرسمي مخجل ومهين ولا يُعتمد عليه مطلقًا.
ويعتقد د. عتريسي بأن الدول العربية وخاصة الخليج الفارسي منها "الامارات والسعودية والبحرين" وافقوا على تمويل صفقة القرن لأن ترامب كان بحاجة إلى العرب بهدف التمويل المالي للصفقة وانهاء قضية فلسطين.
ولفت إلى أن الوضع العربي اليوم في حالة موت سريري فمنذ ما يُسمى "الربيع العربي" وحتى اليوم هناك استنزاف داخلي للدول العربي "سوريا – اليمن – العراق- لبنان – ليبيا" والهدف من ذلك تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والالتفات إلى الوضع الداخلي النازف للدول العربية".
وشدد د. عتريسي إلى أن هدف بعض الدول العربية وخاصة دول الخليج الفارسي المتمثلة في (السعودية والامارات والبحرين) هو حماية أنفسهم والعيش بسلام مع اسرائيل وتمكينهم من السيطرة والتحكم في قرار المنطقة العربية برمتها.
الورقة الرابحة
وأوضح المفكر اللبناني د. طلال عتريسي، أن التعويل على استفاقة حكام العرب أو بعضهم لن تُجدي نفعًا بشكل مطلق، والآمال معقودة فقط على الموقف الفلسطيني الموحد والأوحد.
وقال: "الحروب والانتهاكات بحق فلسطين والمقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى المبارك لم يحرك ضمير بعض حكام العرب والصفقة التي صنعوها تحت الطاولة لن يعترضوا عليها من فوق الطاولة".
وأضاف: الفعل الفلسطيني الموحد هو وحده القادر على اجبار العرب والإسرائيليين والامريكيين للتراجع؛ لأن الموقف الفلسطيني صاحب العلاقة المباشرة التي يرفض صفقة القرن هو الأساس في نشر رسالة الوعي للشعوب العربية".
وأكد أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة هو الورقة التي يمكن الرهان عليها فقط، فعندما أعلن ترامب نقل السفارة إلى القدس المحتلة شهدنا مسيرات العودة وكسر الحصار، إضافة إلى انتفاضة السكاكين والدهس والعمليات المسلحة الفردية في القدس والضفة.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني قادر على أن يبتكر أشكال أخرى من المقاومة بهدف التصدي لصفقة القرن الأمريكية.
يُشار إلى أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب أكد أنه سيعلن تفاصيل صفقة القرن اليوم الثلاثاء (2020-1-28) بحضور بعض الممثلين من دول العالم ويعتقد أن يكون بينهم ممثلين عن دول عربية.