نورنیوز

NourNews.ir

شناسه خبر : 263170 سه‌شنبه 25 آذر 1404 16:19

طهران-موسكو: ترسيخ التقارب في ظل نظام عالمي جديد

تُعدّ زيارة السيد عباس عراقجي إلى موسكو، أكثر من مجرد لقاء ثنائي، دلالةً على ترسيخ استراتيجية التقارب الإقليمي بين إيران وروسيا؛ وهو تقاربٌ قائمٌ على معاهدةٍ عمرها عشرون عامًا، ودبلوماسيةٍ حسنة الجوار، ودورٍ مشتركٍ في النظام العالمي الجديد، ويسعى إلى إعادة تعريف موازين القوى على المستويين الإقليمي والدولي.

نورنيوز: في السنوات الأخيرة، تجاوزت العلاقات الإيرانية الروسية مستوى التفاعلات العرضية، وارتقت إلى شراكةٍ استراتيجيةٍ طويلة الأمد. ويمكن اعتبار معاهدة التعاون التي تمتد لعشرين عامًا بين البلدين أهم وثيقةٍ ترسم هذا المسار؛ فهي وثيقةٌ تشمل المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية، وتُرسّخ إطارًا مستدامًا لتعزيز القدرات. على الصعيد الاقتصادي، أصبحت روسيا أحد أهم الشركاء التجاريين لإيران، ويُعدّ التزامها باستثمار مليارات الدولارات في قطاع النفط الإيراني دليلاً على رؤية موسكو طويلة الأمد للتعاون مع طهران. وتُعدّ مشاريع مثل استكمال خط سكة حديد رشت-أستارا، وتطوير النقل الإقليمي، والتجارة بالعملات الوطنية، وتعزيز التعاون المصرفي، والتقارب في إطار مجموعة بريكس، وشنغهاي، وأوراسيا، أمثلةً على تفعيل هذه الوثيقة الاستراتيجية. أما على الصعيدين السياسي والأمني، فيعكس دعم روسيا لإيران في الملف النووي والتعاون في مكافحة الإرهاب المصالح المشتركة للبلدين في مواجهة التهديدات المشتركة.

الأمن الإقليمي ومواجهة التدخل الأجنبي

يُمثّل التعاون الأمني ​​والعسكري بين طهران وموسكو بُعداً مُكمّلاً للشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وتُشير الخبرة المشتركة في مكافحة الإرهاب، وإجراء المناورات العسكرية المشتركة، والمشاركة الفعّالة لإيران في معارض الأسلحة الروسية، والتأكيد المتبادل على ضرورة مواجهة التدخل الأجنبي في الشؤون الإقليمية، إلى فهم مشترك بين الجانبين لمتطلبات الأمن المستدام. لطالما أدانت إيران تهديدات الغرب لوحدة أراضي روسيا، وردّت موسكو باستخدام قدراتها الداعمة في لحظات حاسمة، بما في ذلك حرب الأيام الاثني عشر بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ضد إيران. هذا التعاون الأمني ​​ليس ثنائياً فحسب، بل يمكن أن يمهد الطريق لمشاركة جهات فاعلة إقليمية أخرى ويؤدي إلى تشكيل آليات أمنية محلية.

دبلوماسية الجوار 

ينبغي تحليل زيارة عراقجي إلى روسيا في سياق تفعيل الدبلوماسية الجوارية الإيرانية، لا سيما على حدودها الشمالية. تشير التحركات الدبلوماسية لطهران في آسيا الوسطى والقوقاز، بدءاً من الزيارات المتبادلة بين مسؤولين رفيعي المستوى وصولاً إلى عقد اجتماعات متخصصة حول بحر قزوين وأفغانستان، إلى نهج متماسك لتعزيز التكامل الإقليمي. ويُعدّ التركيز على تنفيذ خطط الممرات، ومواجهة التدخل الأجنبي، وحل سوء الفهم عبر الحوار، ومكافحة الإرهاب بشكل مشترك، المحاور المشتركة لهذه المشاورات. في غضون ذلك، تحتل مبادرة "3+3"، كآلية لحل النزاعات بين أرمينيا وأذربيجان والحد من نفوذ الجهات الفاعلة العابرة للأقاليم، مكانةً خاصة في التعاون بين طهران وموسكو. كما تُكمّل هذه الدبلوماسية ذات التوجه الإقليمي رؤية إيران لتطوير علاقاتها مع جيرانها الآخرين في الغرب والجنوب.

النظام العالمي الجديد ودور الجهات الفاعلة المتحالفة

مع تراجع الأحادية الأمريكية وتعزيز التعددية، تلعب إيران وروسيا، بوصفهما فاعلين مؤثرين، دورًا هامًا في تشكيل النظام العالمي الجديد. ويُعدّ التعاون الفعّال في مجموعة البريكس وشنغهاي وأوراسيا، ومعارضة العقوبات الأحادية، والجهود المبذولة لإصلاح الآليات الدولية غير العادلة، من القواسم المشتركة الاستراتيجية بين البلدين. كما تُظهر المواقف المشتركة في دعم فلسطين ومواجهة الكيان الصهيوني، فضلًا عن مقاومة الضغوط الأوروبية والأمريكية، أن هذا التقارب ليس إقليميًا فحسب، بل له أبعاد عالمية. إن المواقف الواضحة للمسؤولين الروس، بمن فيهم سيرغي لافروف، في إدانة إعادة فرض العقوبات على إيران، تعكس عمق هذه الشراكة في مواجهة سلوكيات الغرب المسببة للأزمات.

کلیه حقوق این سایت برای نورنیوز محفوظ است. نقل مطالب با ذکر منبع بلامانع است.
Copyright © 2024 www.NourNews.ir, All rights reserved.