واستعرض عراقجي خلال مشاركته في هذا الاجتماع الدولي، مواقف ووجهات نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن الموضوعات المدرجة على جدول أعمال هذا الحدث في كلمة له.
وقال في كلمته خلال الاجتماع، وفي إشارة منه إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أُقرت بهدف واضح ومحدّد هو منع تكرار رعب أسلحة الدمار الشامل: يجب أن تستمر اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في أداء مسؤولياتها بعيداً عن أي تأثير أو تسييس أو ضغوط، ولا يزال الكيان الصهيوني هو العائق الوحيد في طريق تحقيق شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.
وجاء في كلمة وزير الخارجية: نحن الإيرانيون نشعر بعمق بالألم والمعاناة الشديدة التي تسببت بها الهجمات الكيميائية التي شنّها نظام صدّام خلال الحرب المفروضة على جنودنا ومدنيينا. وبعد مرور أربعة عقود، لا تزال جروحنا مفتوحة، ويمكن رؤية الآثار المروعة لهذه الأسلحة بوضوح على وجوه المصابين الكيميائيين وعائلاتهم الذين لا يزالون يعانون من آلام بالغة ناتجة عن تلك الإصابات.
وأردف موضحاً: يجب أن تنتصر «الحقيقة» وأن تُنفّذ «العدالة»؛ فالجرائم الدولية البشعة لا تسقط بالتقادم أبداً. إن استخدام الأسلحة الكيميائية في النزاعات المسلحة جريمة حرب فظيعة لا تُنسى بمرور الزمن. ولهذا السبب، تؤكّد الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستمرار على ضرورة المحاسبة وتحقيق العدالة بشأن استخدام نظام صدّام للأسلحة الكيميائية ضد الشعب الإيراني. يجب أن يُحاسب الذين زودوا ذلك النظام بالمواد والتكنولوجيا اللازمة لتطوير برنامج أسلحته الكيميائية. ونطالب تلك الدول، ومن بينها ألمانيا، بالرد على طلبنا بإجراء تحقيقات مستقلة وشفّافة بشأن الشركات والأفراد التابعين لها الذين شاركوا في توفير وتطوير واستخدام برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام صدام.
وأكمل موضحاً: نرى بوضوح كيف أن العلاقات الدولية اليوم تواجه أزمات غير مسبوقة نتيجة سيطرة «الأحادية المتعجرفة» التي تُقدَّم تحت ستار «النظام القائم على القواعد». إن منظمة الأمم المتحدة وأهدافها ومبادئها الأساسية باتت هدفاً للإنتهاكات. المادة 2 الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تُعتبر الضمانة الأساسية «لإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب»، تُنتهك باستمرار، والأسوأ أن هذه الانتهاكات باتت تُطبَّع وتُعتبر أمراً عادياً.
وقال: إن ما يجري في منطقتنا من صراعات مستمرة، وعدوان، وإبادة جماعية، وتوسع استعماري من قبل الكيان الإسرائيلي هو نتيجة مباشرة للدعم الأمريكي والتساهل من بعض الدول الأوروبية.
وأردف موضحاً: إن تجاهل الولايات المتحدة للقانون الدولي تجسَّد في محاولة علنية لفرض «نظام دولي قائم على القوة»، نظام يُبرَّر فيه اللجوء إلى القوة العسكرية العارية لتحقيق مصالح غير مشروعة. إن «النظام القائم على القواعد» المزعوم ينتهك المبادئ الراسخة التي منعت لعقود استخدام الأسلحة المحظورة، بما فيها الأسلحة الكيميائية. وليس مستغرباً أن الكيان الصهيوني استخدم في عدوانه على غزة ولبنان مجموعة واسعة من الأسلحة المحظورة، بما في ذلك الذخائر العنقودية.
وأضاف عراقجي قائلاً: لا توجد منطقة في العالم ذاقت طعم خرق القانون كمنطقتنا؛ الحروب الإسرائيلية–الأمريكية حاصرت المنطقة في دائرة مفرغة من انعدام الأمن والنزيف الواسع. خلال العامين الماضيين، جرت إبادة جماعية علنية في فلسطين المحتلة، مع حصانة كاملة للكيان الصهيوني. هذا الكيان هاجم عسكرياً سبع دول، واحتل أراضي فلسطين وسوريا ولبنان.
وأكمل: إن العدوان غير القانوني للكيان الصهيوني على إيران في يونيو الماضي، ثم التدخل العسكري الأمريكي المباشر الذي تبعه، أظهر كيف تغلَّبت العسكرة والاستكبار على «سيادة القانون». لم يكن العدوان على إيران في يونيو الماضي انتهاكاً صارخاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي فحسب، بل كان ضربة خطيرة لنظام منع الانتشار النووي (NPT) ولأسس اتفاقية الأسلحة الكيميائية.
واستطرد قائلاً: هذا الكيان لم يستهدف المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات فحسب، بل استهدف أيضاً مراكز ومنشآت تخضع لرقابة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مما عرض المنطقة لخطر تسرب مواد كيميائية وإشعاعية كان يمكن أن تهدد صحة الإنسان والبيئة خارج حدود إيران.
وقال: إن اعتراف الرئيس الأمريكي الرسمي بدوره المباشر في العدوان على إيران يُعد وثيقة دامغة على تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية هذا الفعل غير القانوني وانتهاكها الصارخ للمادة 2 الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة، ناهيك عن مسؤوليتها المباشرة في الهجوم الأمريكي يوم 23 يونيو على المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات.
وأكد قائلاً: لكي تضمن المنظمة أداءً فعالاً، يجب احترام مبادئ المساواة والحياد وعدم التمييز. لا تحافظ المنظمة على مصداقيتها إلاّ إذا بقيت وفيّة لمهمتها المهنية غير السياسية وبعيدة عن التوجهات الجيوسياسية. ولهذا يجب أن تتمكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أداء مهامها الفنية دون أي ضغط أو تأثير غير مشروع.
وأكمل: إن الكيان الصهيوني لم ينضم إلى أي من معاهدات نزع السلاح، بما في ذلك اتفاقية الأسلحة الكيميائية، ولا يزال العائق الأكبر أمام إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
أسلحة الدمار الشامل دائماً خطيرة وغير إنسانية، لكنها تصبح تهديداً وجودياً للحضارة البشرية وكوكبنا عندما تقع بيد مجرمين ارتكبوا خلال العامين الماضيين القتل والإبادة الجماعية بكل وقاحة. يجب إجبار الكيان الإسرائيلي على الانضمام إلى هذه الاتفاقية ووضعه تحت التفتيش الكامل؛ وهذا يجب أن يكون أولوية المنظمة.
إن اتفاقية الأسلحة الكيميائية هي أنجح معاهدة نزع سلاح في العالم. لكن هذا النجاح لن يدوم إلاّ إذا إلتزمت جميع الدول دون استثناء وبدون معايير مزدوجة بمقرّراتها. التطبيق الانتقائي أو التفسيرات السياسية لنصوص الاتفاقية يضعف أهدافنا المشتركة ويهدر الثقة الجماعية بين الدول الأعضاء.
وعليه، يجب معالجة حالات عدم الالتزام أو التأخير من جانب الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى بطريقة منهجية. هذه الحالات وردت في تقارير المنظمة الرسمية وبيانات مسؤولين سابقين وفي جلسات سابقة. نحن نؤكد أن الشفافية الكاملة والتعاون البنّاء مع آليات التحقق ضروريان للحفاظ على مصداقية الاتفاقية.