نورنیوز

NourNews.ir

شناسه خبر : 229251 پنج‌شنبه 29 خرداد 1404 17:59

المقامرة بلا رصاص؛ استراتيجية ترامب لإدارة الأزمات

في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين إيران وإسرائيل وتشتعل فيه الأجواء الإقليمية، يسعى دونالد ترامب إلى تحقيق أقصى مكاسب استراتيجية من خلال الحفاظ على التهديد العسكري كأداة فعالة، دون الدخول في حرب. لكن رد فعل طهران على أي إجراء محدود قد يغير معادلات اللعبة تمامًا.

نور نيوز - خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، ازدادت التكهنات حول إمكانية دخول الولايات المتحدة مباشرةً في صراع إسرائيل مع إيران. ورغم عدم وجود قرار حاسم أو مؤشر على بدء العمليات العسكرية الأمريكية، فإن الطريقة التي يدير بها البيت الأبيض، وخاصة الرئيس دونالد ترامب نفسه، هذه الأزمة تُظهر أن واشنطن، بدلًا من السعي إلى الدخول في حرب فعلية، عازمة على استخدام شبح التهديد العسكري كأداة ضغط قصوى. إن سلوك ترامب المزدوج وتصريحاته الغامضة ليست نابعة من الارتباك، بل هي جزء من استراتيجية إدارة الأزمات وخلق ردع مشترك دون حرب.

مستغلًا "الغموض الاستراتيجي"، يحاول ترامب صياغة معادلة أمنية جديدة في المنطقة. من جهة، يسعى ترامب، من خلال تعزيز تصريحاته العسكرية، إلى توعية طهران بتكاليف المواجهة، وبترسيخ تهديدٍ ذي مصداقية، يُمهّد الطريق لانسحاب إيران. ومن جهة أخرى، يسعى، من خلال إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة، إلى إيصال رسالته بوضوح: هدف أمريكا ليس الحرب، بل التوصل إلى اتفاقٍ يفوق موقع القوة. هذا المزيج من التهديد والمرونة جزءٌ أساسي من عقيدة ترامب في مواجهة الأزمات الدولية الكبرى. في هذه المعادلة، تسعى إسرائيل إلى جرّ واشنطن إلى المشاركة المباشرة في حربٍ تجد نفسها فيها. تل أبيب، التي بدأت التوترات الأخيرة، بعد مواجهة ردود فعلٍ قوية من إيران، تسعى إلى تحميل واشنطن عبء خسائرها وإخفاقاتها من خلال إدخال الولايات المتحدة في المشهد. لكن ترامب وفريقه يدركون جيدًا المخاطر الاستراتيجية لمثل هذه الشراكة. فقد أظهرت تجارب العراق وأفغانستان، وحتى اليمن، أن المشاركة المباشرة في الصراعات الإقليمية، بدلًا من الردع، تُقوّض موارد أمريكا ومكانتها العالمية. مع ذلك، تُدرس الأوساط الأمنية الأمريكية سيناريوهات محدودة، مثل هجوم محلي على المنشآت النووية الإيرانية، وخاصةً موقع فوردو. صُمم هذا السيناريو لإظهار القوة وإرسال رسالة ردع إلى طهران دون الدخول في حرب شاملة. تشير التقارير الإعلامية إلى أن ترامب طلب شخصيًا دراسة هذا الخيار، لكنه لا يزال حذرًا من المخاطرة بسلوك مسار لا يمكن السيطرة عليه. السؤال الجوهري الذي يطرحه البيت الأبيض هو: هل يمكن لمثل هذه الخطوة أن توقف البرنامج النووي الإيراني حقًا، أم أنها ستؤدي فقط إلى تفاقم الأزمة؟

جواب طهران واضح: من وجهة نظر إيران، يُعتبر أي عمل عسكري مباشر، حتى لو كان محدودًا، ضد منشأة حيوية مثل فوردو بمثابة دخول في مرحلة حرب مع الولايات المتحدة. تشير رسائل إيران العلنية وغير الرسمية إلى الدول التي تعمل بالوكالة، بما في ذلك قطر، إلى أن رد طهران لن يكون محدودًا، وأن المصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة قد تكون عرضة للرد. هذا التحذير جزء من استراتيجية الردع الإيرانية، التي تؤكد إرادتها وقدرتها واستعدادها للدفاع عن الخطوط الحمراء الوطنية.

ترامب في وضع معقد. من جهة، ازدادت ضغوط إسرائيل والأوساط المتشددة داخل الولايات المتحدة لإظهار الحزم ضد إيران. من جهة أخرى، تدفع معارضة الحلفاء الأوروبيين، وتحذيرات دول المنطقة، ومخاوف الأجهزة الأمنية الأمريكية من عواقب صراع كبير، البيت الأبيض إلى توخي الحذر. في ظل هذه الظروف، وبدلًا من الاستسلام لخيار الحرب الباهظ الثمن، يحاول ترامب إعادة صياغة المعادلة لصالحه دون صراع باستخدام أداة التهديد بحكمة.

إن إصرار ترامب المتكرر على "منع إيران من امتلاك سلاح نووي" ليس دليلًا على عزمه على بدء حرب، بل هو جزء من تكتيك لتعزيز قوته التفاوضية على طاولة المفاوضات المستقبلية المحتملة. إنه يريد تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لإعادة بناء الردع الأمريكي وفرض اتفاق من الأعلى. في هذا السياق، لا تُعدّ التهديدات العسكرية مقدمة للحرب، بل أداة للمساومة.

ومع ذلك، فإن إيران في وضع يسمح لها بأخذ التهديد على محمل الجد، ولن تقتصر ردودها على مجرد الكلام. يشير تقييم وكالات الاستخبارات الأمريكية أيضًا إلى أن أي سوء تقدير بشأن طهران قد يدفع المنطقة نحو صراع لا يمكن السيطرة عليه. لذلك، على الرغم من أن ترامب يحاول جني ثمار الحرب دون إشعالها من خلال التهديد، إلا أنه يجب أن يعلم أنه يواجه طرفًا لا يمتلك الإرادة للرد فحسب، بل يمتلك أيضًا الأدوات اللازمة لذلك.

المسار المفضل لواشنطن ليس عبر براميل المدفعية، بل عبر القنوات الدبلوماسية. لا تزال التهديدات العسكرية جزءًا من حزمة ضغط ترامب، ولكن في الظروف الحالية، فقد هذا التهديد فعاليته، وقد يؤدي استمراره إلى أخطاء استراتيجية. باختصار، ترامب لا يريد القتال، لكنه يريد أن يعتقد الجميع أنه على وشك الحرب. فنه هو تحقيق أقصى قدر من المكاسب دون إطلاق رصاصة واحدة؛ لكن فن إيران هو تحييد هذا التهديد دون تقديم تنازلات.

کلیه حقوق این سایت برای نورنیوز محفوظ است. نقل مطالب با ذکر منبع بلامانع است.
Copyright © 2024 www.NourNews.ir, All rights reserved.