في هذا المعرض الذي افتتح يوم 18 أكتوبر، كان من المفترض أن يقام حفل توزيع جائزة للروائية الفلسطينية عدنية شبلي مؤلفة الرواية المشهورة "تفصيل ثانوي". إلا أن يورغن بوس، مدير هذا المعرض، أعلن أن هذا الحدث قد تم تأجيله إلى وقت آخر بسبب ما يدعي أنه "سحق الإنسانية بهجوم حماس على إسرائيل"!
بهذه الطريقة، تصرفت المؤسسة التي تفتخر بأنها "مرتع للحرية وتنوع الآراء" لمدة 75 عاما مثل السياسيين وربطت هذا العيد الثقافي بادعاءات السياسيين الكاذبة.
عقب ذلك، أعلن كبار النقاد والكتاب والناشرين في العالم أن السلوك المزدوج لمعرض فرانكفورت يتعارض مع السلامة الثقافية.
في رسالة تحمل 600 توقيع، من بينها أسماء بعض الفائزين بنوبل للآداب، استنكروا إلغاء برنامج منح الجائزة وتكريم الكاتبة الفلسطينية الشهيرة.
تنص هذه الرسالة على ما يلي: يقع على عاتق معرض فرانكفورت للكتاب مسؤولية خلق مساحة للكتاب الفلسطينيين حيث يمكنهم مشاركة أفكارهم ومشاعرهم وتأملاتهم حول الأدب في هذا الوقت الرهيب والقمعي، بدلاً من محاولة قمع أصواتهم.
تشتهر فرانكفورت بشيئين في مجال الثقافة؛ الأول لمعرضه السنوي للكتاب، والذي يعد الحدث الأكبر والأكثر عالمية في مجال الكتب.
الشيء الآخر هو مدرسة فرانكفورت الفلسفية والنقدية، وهي من رواد نقد التفرد الثقافي، وهي مدرسة تعتبر أن العيب الأساسي في الحداثة هو التوجه الأوروبي والتوجه الغربي.
تتناول رواية تفصيل ثانوي التي يحاربها اللوبي الصهيوني في العديد من الدول، عبر مستويين، حادثة تاريخية موثقة، وقعت يوم الـ13 من أغسطس (آب) في صحراء النقب، عندما قبضت مجموعة من الجنود الصهاينة على فتاة فلسطينية، ثم اغتصبها الضابط، وأمر بقتلها ودفنها. أما المستوى الثاني فتحاول فيه الأنا الساردة البحث عن تفاصيل هذه الجريمة، فتسافر الشابة الفلسطينية – المولودة في يوم قتل الفتاة نفسه، ولكن بعد 25 عاماً - من رام الله إلى صحراء النقب، حيث تلقى في النهاية مصرعها على يد أحد الجنود الإسرائيليين.
تنتقد الرواية بالطبع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وتصور اغتصاب البشر والأرض، لكن هل يكفي ذلك لاتهامها بمعاداة السامية؟ وأي أدب ينتظر من كاتبة فلسطينية شهدت عائلتها التهجير والاقتلاع وبناء المستوطنات على أراضي أجدادها؟ من قرأ الرواية يعرف أنها أبعد ما تكون عن معاداة السامية، وأنها لا تتضمن أي تحريض على العنف أو الكراهية، وكما ذكرنا، الرواية تعرض حادثة تاريخية موثقة، تناولتها الصحافة الإسرائيلية، وحوكم بعدها الجناة – فأي معادة للسامية هنا؟ وهل أصبح أي انتفاد للعدو الصهيوني مساوياً لمعاداة السامية المزعومة؟
نتمنى أن يهب نسيم من مدرسة فرانكفورت إلى معرض فرانكفورت للكتاب ويكون احترام "الآخر" هو محور اهتمامه.