في اكبر انتكاسة لها، علقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خلال الأيام القليلة الماضية أنشطة ستة صحفيين على الأقل لنشرهم مواد مؤيدة لفلسطين على شبكات التواصل الاجتماعي، بحجة انتهاك الحياد.
نظرة عميقة لهيكل هيئة الإذاعة البريطانية وسوابقها تحت هذه الذريعة يوصلنا الى نقاط مهمة.
أولا وقبل كل شيء؛ هيئة الإذاعة البريطانية هي وسيلة الإعلام الرسمية للعائلة المالكة البريطانية وتحت إدارتها المباشرة، وقد تجلى مظهرها الموضوعي في طريقة تغطيتها لأخبار وفاة ملكة بريطانيا و تتويج "تشارلز الثالث"، لذلك لا يمكنها أن تدعي الحياد.
ثانيا، وبينما تدعي هيئة الإذاعة البريطانية حرية التعبير وتأخذ في الاعتبار رأي المعارضين، يمكن سرد أمثلة لا حصر لها من انتهاكات هذا الادعاء.
على سبيل المثال، تم طرد "جاري لينكر"، المذيع المعروف في قسم الرياضة في هيئة الإذاعة البريطانية، والذي انتقد خطة الحكومة الخاصة بطالبي اللجوء. كما اضطرت رنا رحيم بور، مذيعة بي بي سي الفارسية، إلى الاستقالة على خلفية الكشف عن كواليس أعمال الشغب في ملف صوتي.
في ظل أعمال الشغب التي شهدتها إيران خريف العام الماضي، تصرفت هيئة الإذاعة البريطانية أيضا بطريقة تخلت فيها عن كل المبادئ المهنية والإعلامية وتحولت رسميا لمنصة للارهابيين.
ثالثا: في الاثناء، أوقفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مراسليها عن العمل بحجة انتهاك الحياد في حرب غزة الأخيرة، والتي لعبت عملياً دوراً كذراع إعلامي للكيان الصهيوني.
بث التقارير والصور المناصرة للصهاينة وإظهار الوجه القوي للجيش الصهيوني للعمليات البرية والتقليل من شأن المجازر بحق أهل غزة هي أمثلة على هذا السلوك المنحاز.
تشير تقديرات أداء هيئة الإذاعة البريطانية على مر السنين إلى أن حرية التعبير والحياد والتدفق الحر للمعلومات في قاموس أصحاب هذا الإعلام هي مجرد كلمات مفتاحية على الورق، ولعل المثال الوحيد للحرية في هذا الإعلام هو حرية مديري وموظفي هذه الشبكة في الاعتداء على الموظفين والصحفيين هي حرية المرأة.