نورنيوز- خلال الأيام الأخيرة من الأسبوع المنصرم، شهدت عدة محافظات في جنوب الأردن احتجاجات شعبية حاشدة ضد الحكومة.
رغم قلة الأخبار حول الاحتجاجات المستمرة في هذا البلد بسبب الرقابة الشديدة المفروضة على وسائل الإعلام والتعامل المحتد مع نشطاء الفضاء الإلكتروني، فإن وفاة نائب قائد شرطة إحدى المحافظات المتورطة في الاحتجاجات تظهر أن كانت أبعاد العنف في هذه الأحداث مرتفعة جداً.
تواصل الإحتجاجات التي بدأت الأربعاء الماضي بعد إعادة زيادة أسعار الوقود من قبل الحكومة مع إضراب سائقي النقل البري في هذا البلد، ليتحول الاضراب كالنار في الهشيم إلى مظاهرات غاضبة في الشوارع.
رفعت الحكومة الأردنية أسعار الوقود عدة مرات هذا العام، مما تسبب في ارتفاع مفاجئ في أسعار السلع والخدمات العامة في هذا البلد.
عقب حرب أوكرانيا وتفاقم الأزمة الدولية في مجال الغذاء والطاقة، واجهت العديد من البلدان التي تعتمد بشكل مباشر على واردات الطاقة مشاكل اقتصادية غير مسبوقة.
تعتبر الزيادة المفاجئة في أسعار الوقود والطاقة للغاية ضربة كبيرة بالنسبة لدولة مثل الأردن تستورد أكثر من 85٪ من سلعها الاستهلاكية ويتم توفير الدخل الرئيسي لشعبها من خلال عبور البضائع أو السياحة الخارجية.
ونظرا لتواصل أزمة الطاقة وحلول فصل الشتاء، أزمة لم تُستثنى منها الدول الأوروبية حتى والتي شهدت بدورها أيضاً احتجاجات شعبية حاشدة، فإن استمرار التظاهرات والإضرابات من قبل النقابات العمالية المختلفة في الأردن ليس بعيدًا عن المتوقع.
يظهر رد الفعل الحاد للملك الأردني عبد الله الثاني على احتجاجات الأيام القليلة الماضية في هذا البلد أن الهيكل الحاكم قلق للغاية أيضا من استمرار الاحتجاجات.
في مراسم تشييع نائب رئيس شرطة إحدى المحافظات الجنوبية المتورطة في الاحتجاجات، والذي قتل على يد المتظاهرين خلال الاضطرابات الأخيرة، فضل ملك الأردن أن يُظهر للمتظاهرين القبضة الحديدية للحكومة وأعلن بوضوح أن الحكومة ستتعامل مع المحتجين الذين بدأوا في أخذ السلاح والعبث بالممتلكات العامة، وأنه سيتعامل بحزم ولن يترك الإهانات والاعتداءات على قوات الأمن دون رد.
تضاعف سعر الوقود ، وخاصة الديزل، الذي تستخدمه بشكل عام الشاحنات والحافلات، وكذلك الكيروسين، وهو الوقود الرئيسي للتدفئة في الأردن، تقريبا هذا العام ، وفي دولة ذات اقتصاد صغير وغير منتج، ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية والاستثمار، من الممكن أن تكون إدارة الوضع الناشئ أمرا صعبا للغاية.
لكن يبدو أنه من غير المحتمل أن يكون الحلفاء الغربيون والعرب لهذا البلد، وجميعهم قد تأثروا بطريقة ما بأزمة الطاقة الأخيرة، قادرين أو راغبين في تقديم مساعدة كبيرة لهذا البلد للتغلب على الأزمة.
في قادم الأيام، سيتضح أن الدولة التي لم تنخرط في أعمال عنف أثناء احتجاجات الصحوة الإسلامية، يمكنها الآن التغلب على الاحتجاجات التي بدأت بنزاعات دامية، أو أن تستعد لمواجهة التداعيات السياسية للواقع الاجتماعي والاقتصادي الذي تمرّ به.