معرف الأخبار : 95522
تاريخ الإفراج : 5/8/2022 3:52:10 PM
رواية الغرب المواربة تجاه الحرب الاوكرانية

خاص نورنيوز..

رواية الغرب المواربة تجاه الحرب الاوكرانية

رغم أن انخراط الغرب في الحرب الأوكرانية جاء تحت شعار تكبيل أيدي روسيا، إلاّ أنه خلافاً لهذه الحسابات انقلب السحر على الساحر، إذ فاقمت سياسة العقوبات وسيل شحنات الأسلحة التي تندرج في إطار حرب الاستنزاف ضد روسيا الأمور بشكل أكبر، ولم تفشل هذه الإجراءات في السيطرة على الحرب وتقليل خسائرها فحسب، بل أدت أيضا إلى اتساع رقعة الحرب لتشمل قارات أخرى.

نورنيوز- مرّ أكثر من شهرين على اندلاع نيران الحرب في أوكرانيا، واتخذ الغرب نهجا مزدوجا وغير شفاف إزاء الأزمة، وساهم بشكل أو بآخر في إبقاء ألسنة اللهب مشتعلة، وصوب فوهات ماكنته الاعلامية نحو روسيا لإلقاء اللوم عليها في كل ما يحصل.

وفي تناقض صارخ مع الإمداد المتزايد بالأسلحة الحديثة لأوكرانيا، تسعى الحكومات الغربية عمليا إلى تقديم حل عسكري، إلاّ انها في حملتها الإعلامية تلعب على الحبلين، ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن الحاجة إلى إخماد نار الحرب، قدم جو بايدن مؤخرا طلبا إلى الكونجرس الأمريكي، والذي في حال تمت الموافقة عليه، سيوفر 33 مليار دولار كمساعدة لأوكرانيا ستغطي بغالبيتها الاحتياجات العسكرية لكييف، ما يفضي لاستدامة الصراع في أوروبا الشرقية.

تتجلّى بوضوح سياسة الكيل بمكيالين من قبل امريكا في الحرب الاوكرانية، فالمساعدة المعلنة من قبل واشنطن علامة مهمة على نهج واشنطن الذي تعتمده من خلف الستار، إذ ستشمل أكثر من 20 مليار دولار من المساعدات العسكرية، و 8.5 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية و3 مليارات دولار فقط من المساعدات الإنسانية، وفي الأيام الأخيرة، أمر الرئيس الأمريكي بإرسال الحزمة التاسعة من المساعدات الأمنية إلى أوكرانيا لزيادة حجم المساعدة العسكرية الأمريكية إلى 3.8 مليار دولار منذ اندلاع الحرب.

الحكومات الغربية الأخرى تمشي على خطى أمريكا، وتسعى لتصعيد الحرب، حيث أعلنت الحكومة البولندية في الأيام الأخيرة أنه تم جمع أكثر من 6 مليارات دولار من المساعدات خلال مؤتمر دولي للمؤيدين لأوكرانيا، معظمها من الإمدادات العسكرية، كما أكد الأمين العام لحلف الناتو أن الحلف مستعد لدعم أوكرانيا لسنوات في الحرب ضد روسيا، وأن هذا سيشمل مساعدة كييف على استبدال أسلحة الحقبة السوفيتية بأسلحة وأنظمة غربية حديثة.

رغم ذلك، لم ينحصر التأثير الهدّام لتداعيات الحرب الاوكرانية على المساعدات العسكرية القادمة من أمريكا وحلفائها، حيث تكشف نظرة فاحصة لما يحصل، أنه حتى الاستراتيجيات المدنية التي تبناها الغرب، فاقمت عملياً الضرر الذي سببته الحرب، فقد أدت سياسة الغرب أيضاً الى خلق أزمات غذائية في مختلف البلدان، وخاصة المجتمعات المحرومة والفقيرة في أنحاء العالم.

رغم تداعيات سياسة العقوبات ضد روسيا على الاقتصاد العالمي، أعلنت مؤخراً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين، إطلاق إحدى الحلقات الأخيرة في سلسلة العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا.

وبحسب المسؤولة الاوروبية، فإن الحظر المفروض على واردات النفط الروسي ومشتقاته النفطية الأخرى سيبقى ساري المفعول للأشهر الستة المقبلة حتى نهاية عام 2022.

حرب اقتصادية عالمية

رداً على الإقدام الأوروبي، وصف سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الوضع الراهن بأنه حرب اقتصادية عالمية.

كما حذر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هوبك من أنه إذا وافق الاتحاد الأوروبي على حظر نفطي روسي، فإن الجزء الشرقي من ألمانيا سينفد من الغاز، وذلك في ظلّ أوضاع متفاقمة بلغ فيها معدل التضخم في ألمانيا في أبريل أعلى مستوى له منذ عام 1981 بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز والبتروكيماويات.

في السياق أيضاً، حذّرت المنظمات الدولية مرارا وتكرارا من عواقب المواجهة الاقتصادية مع روسيا، حيث قال الأمين العام لوكالة الطاقة الدولية بأن "العقوبات المفروضة على روسيا وقرارات الكرملين السياسية سيكون لها عواقب بعيدة المدى على سوق الطاقة".

ورغم أن واشنطن وحلفائها الأوروبيين قد فرضت عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا من أجل إركاعها في الحرب، إلا أن رئيس الوزراء المجري، قال: "العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي حتى الآن كانت أكثر ضررًا على الاتحاد الأوروبي منه على روسيا.

علاوة على سلسلة من التحذيرات بشان اقتراب دخول أوروبا في نفق مظلم اقتصادياً، حذّرت العديد من الدول الأوروبية رسميا من العواقب الاقتصادية الكارثية لهذه الحرب على بلادهم، على سبيل المثال، دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي الاتحاد الأوروبي إلى معالجة ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء في القارة.

حتى امريكا المساهمة الاولى في اندلاع الحرب، لم تكن قادرة على النجاة من عواقب هذه الحرب الاقتصادية، حيث ارتفعت أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 40 في المائة في بعض أجزاء البلاد.

بالإضافة الى كل ما سلف، حذرت الأمم المتحدة الخميس الماضي من أن القارة الأفريقية تواجه "أزمة غير مسبوقة" بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الغذاء والوقود جرّاء الحرب الروسية الاوكرانية.

يبدو أن المساعدات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والتغطية الإخبارية الغربية المواربة للحرب الروسية في اوكرانيا، أدت إلى زيادة الضغط على شعوب العالم وليس على الكرملين فحسب، حتى داخل أوروبا وأمريكا وحلفاء الغرب، في الواقع، الطريقة التي تعامل بها الغرب مع روسيا لم تفشل فقط في السيطرة على الحرب، ولكنها زادت من حجم ومستوى العنف في الحرب بل وامتدت إلى قارات أخرى. يبقى أن نرى ما إذا كان الغرب سيتحمل مسؤولية إيجاد هذا الوضع ومحاولة إنهاءه، أم أنه سيستمر في سياسة صبّ الزيت على النار وإشعال هذه الحرب من خلال اتباع السياسات المخاتلة.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك