وعلى الرغم من التقدم البطيء لعملية التسوية السلمية للأزمة، فهذا في حد ذاته يعتبر إنجازًا كبيرًا. ودفع المجتمع الدولي للموافقة على أي خيار يمنع تجدد النزاع المسلح، لكن ومع ذلك، الهدنة أصبحت فجأة في خطر.
يُذكر أنه في ليبيا هناك طرفان أساسيان متحاربان، هما الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق ليبيا وجزءًا من جنوبها، وحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتحكم بغرب البلاد وتحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا، والتي تُعتبر خلفًا لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والتي كانت على رأس السلطة أثناء المواجهات العسكرية بين الطرفين.
وأحرزت الحكومة الحالية بعض التقدم في ملف توحيد مؤسسات الدولة، ومع ذلك، لم تقترب خطوة واحدة من توحيد المؤسسة العسكرية، وعلاوة على ذلك، لا يوجد حتى الآن وزير دفاع في ليبيا؛ ويشغل هذا المنصب رئيس الوزراء الدبيبة بنفسه. ويُشار إلى أن التزام الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير حفتر، باتفاق وقف إطلاق النار وعدم اختراقه لخط الفصل سرت – الجفرة – براك، ما سهل لحكومة الدبيبة بتحقيق مهامها. ومع ذلك، يبدو بأن الاتفاق يقترب من نهايته.
وبالنسبة لأولئك الذين يتابعون الوضع في ليبيا، لا يخفى عليهم أن القوة العسكرية لحفتر تعتمد فقط على الدعم المالي والعسكري من الخارج. حيث ياتي الدعم المالي في المقام الأول، والدعم اللوجستي بعده، من خلال جذب المرتزقة من مختلف البلدان لدعم صفوف مقاتليه. ولكن لم يكن المرتزقة السودانيين والسوريين والتشاديين من يشكل محور الدعم العسكري لحفتر، بل مجموعة "فاغنر" الروسية.
كانت هذه الشركة العسكرية الخاصة ضمن الهجوم الناجح على طرابلس في عام 2019 من قبل جيش خليفة حفتر، وتطلب إيقافها تدخلاً كاملاً ومباشرًا من الجيش التركي. حيث تنتشر قوات فاغنر على خطوط التماس، وتضمن تقيد الأطراف بنظام وقف إطلاق النار، فهناك القليل ممن يريدون الصدام معهم.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مجموعة فاغنر، طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي، مما يوفر للجيش الوطني الليبي غطاء جوي مريح للغاية فوق رأسه.
ومع ذلك، انتشرت مؤخرًا تسريبات تتحدث عن بدء استعدادات فاغنر لسحب قواتها من ليبيا، الأمر الذي أثار فضولاً كبيرًا حول أسباب هذا التحول في الأحداث، ولكن الأهم من ذلك بكثير ليس الأسباب، ولكن العواقب التي ستترتب عليه.
فإذا تركت فاغنر مواقعها بالفعل على خط الفصل، سيجعل الجانب الشرقي منه ضعيفًا للغاية بدون أنظمة الدفاع الجوي وطائرات الدعم التابعة للقوات الروسية، ولن يتمكن الجيش الوطني الليبي من صد أي هجوم على موانئ خليج سرت وحقول النفط، التي ستكون في وقت قصير تحت سيطرة مجموعات مسلحة مختلفة، وهي في الواقع ليست تابعة لأحد.
وربما سيتمكن الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر من الحصول على موطئ قدم له في بنغازي. لكنه لن يكون قادرًا على التأثير على الأحداث في ليبيا. بالإضافة إلى أنه إذا استمرت أزمة توقف صرف مرتبات قوات الجيش الوطني الليبي، سيؤدي ذلك إلى حدوث انشقاقات واسعة في صفوفه، وقد تؤدي إلى انقلابهم على المشير نفسه.
نداء حرب
نورنيوز