معرف الأخبار : 73238
تاريخ الإفراج : 7/3/2021 1:27:55 PM
افغانستان.. ضحية الاستهتار والانسياب الامريكي

افغانستان.. ضحية الاستهتار والانسياب الامريكي

تشهد الساحة الأفغانية منعطفاً جديداً يتمثل بانسحاب تدريجي للقوات الأجنبية منها بعد 20 عامًا من الاحتلال، حيث أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة رسميا انسحاب كل أو جزء من قواتهم من أفغانستان.

إلقاء نظرة متمحّصة على تطورات السنوات العشرين من احتلال أفغانستان يُفضي الى نقطتين رئيسيتين:

أولا: في العام 2001، في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو أفغانستان، بدعوى وجود إجماع عالمي على مكافحة التنظيمات الارهابية، غاضة البصر عن التركيبة العرقية والنسيج الاجتماعي المهيمن على البلاد.

فعلاوة على ما خلّفه هذا الغزو الأجنبي من انعدام للاستقرار والأمن في البلاد، أدت سياسة الفوضى وانعدام المسؤولية التي اتبعها المحتلين في أفغانستان، على مدى العشرين عاما الماضية، بتصدعات اجتماعية وسياسية وعرقية وهيكلية في هذا البلد استعرّت كالنار تحت الرماد، وأفضت في المحصلة الى حالة من الضياع في متاهة "أزمة أمنية" لا مخرج لها، تفاقمت مع تسليح وتدريب الجيش الأفغاني لشنّ حرب ضد حركة طالبان.

ثانيا: في الأشهر الأخيرة، كانت القوات الأجنبية تنسحب تدريجيا على ما يبدو من أفغانستان، بدعوى الوفاء بالتزاماتها، لكن من ناحية أخرى، لم تكن مستعدة للوقوف أمام العدالة والتعرّض للمساءلة والمحاسبة على ما اقترفته من جرائم طوال 20 عاما من غزوها لأفغانستان.

في الواقع يمكن لنا البت دون أن يراودنا أي شكّ، أن أفغانستان وقعت ضحية "استهتار" الولايات المتحدة وحلفائها، وهنا يوجد تفسيران لا ثالث لهما لهذا الوضع:

أولا: أن ما جرى هو عبارة عن سيناريو قائم على جهل المحتلين بالوضع الداخلي في أفغانستان، وأقدموا عليه فقط للردّ على الرأي العام في بلادهم وإثبات سلطتهم في تأمين النظام الرأسمالي بعد استهداف منظمة التجارة العالمية، ولكن اليوم انعكست الامور وباتوا يرزخون تحت ضغط الرأي العام الذي سئم الحرب ولم يعد يرغب بدفع الضرائب التي تنفق عبثًا لإشعال الحروب، ما دفعهم لعقد العزم على هذا الرحيل.

ثانيا: لقد كانوا على علم بذلك، حيث ضحوا بأفغانستان قبل 20 عاما لخلق أزمة انعدام الأمن في المنطقة وفي السنوات الأخيرة حالوا دون تقارب دول المنطقة فيما بينها، والآن مع انسحاب قواتهم من أفغانستان يوجّهون مدافعهم ضد الصين وروسيا والجمهورية الإسلامية من خلال تكرار سياسة انعدام الأمن الممنهجة.

على أي حال، يمكن القول بوضوح أن احتمال أي من هذين السيناريوهين يؤكد أن الغرب لم يتصرف لصالح الشعب الأفغاني، إنما في إطار مصالحه الخاصة فقط، مما أدى إلى الدمار والتشريد والحرب وانعدام الأمن في البلد الذي ينسحب منه اليوم.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك