معرف الأخبار : 52942
تاريخ الإفراج : 8/11/2020 11:34:22 AM
لبنان تحت وطأة انفجار سياسي

خاص نورنيوز..

لبنان تحت وطأة انفجار سياسي

يحضر حزب الله نفسه لمرحلة مابعد استقالة الحكومة وحلّ البرلمان عن طريق متابعة ومحاسبة الفاسدين من الداخل، وبالتالي لن يكون مرغما على مواجهة الرأي العام اللبناني الغاضب، بل ويعتبر الظروف الراهنة فرصة لكسر الحصار الاقتصادي المفروض على اقتصاد البلاد ويؤثر على معيشة المواطنين.

نورنيوز- بعد مرور ستة ايام على وقوع انفجار مرفأ بيروت وبينما لم يوشك الغبار الناجم عن الإنفجار بالإنجلاء، خيّمت سحابة من الغبار السياسي على الأجواء تزداد خنقة يوما بعد يوم، غبار أثقل كاهل لبنان ناجم عن ثلاثة عوامل تتجسّد بالتدخلات الخارجية وعِقد التيارات الفاشلة سياسيا علاوة على الأجواء الاعلامية.

حوّل هذا الإنفجار المهول نصف العاصمة بيروت إلى ركام، وشرّد اكثر من ٣٠٠ الفا من سكانها، وخلف ٢٠٠ قتيل و٦٠٠٠ آلاف جريح، ولو قارناه مع واقعة انفجار عام ٢٠٠٥ في بيروت والتي تسببت بمقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، لوجدنا انها أضخم بكثير، اما من ناحية الرسائل السياسية التي يحملها كلا الإنفجار ين فالتشابه كبير جدا، لدرجة دفعت الأوسط السياسية لتشبيه التداعيات السياسية الناجمة عن الكارثة الأخيرة بالزلزال السياسي.

تزامناً مع غيمة الغبار السياسي هذه، اندلعت قبل ليلتين اشتباكات في الشوارع المحيطة بمرفأ بيروت بين أنصار التيارات السياسية الثلاثة "القوات اللبنانية والمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي اللبناني بقيادة سمير جعجع وسعد الحريري ووليد جنبلاط" مع القوات الأمنية وسيطر المتظاهرون على مباني وزارة الاقتصاد، البيئة، العمل، والخارجية والبنك المركزي؛ وقاموا بإضرام النار في هذه المباني ونهبها. واصيب اكثر من 280 شخصا وقتل عنصر من قوات الامن في الاشتباكات.

وفي ضوء هذا المنعرج الخطير، شهدنا أيضا استقالات بالجملة للوزراء وأعضاء في مجلس النواب، وذلك تماشياً مع ما سمي بالمطالب الشعبية. وفاقم هذا النهج الضغط على رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب مادفعه الى الاستقالة في نهاية المطاف. وكان حسان دياب قد قال قبل استقالته إن النتيجة الوحيدة لعملية الانفجار هذه هي التحقيق الدقيق لتحديد الجناة ومحاسبتهم. ومن النقاط الجديرة بالملاحظة في تشكيل أعمال الشغب واحتجاجات الشوارع بعد تفجير بيروت أن هذه الأعمال خطط لها قادة أحزاب مدرجة أسماؤهم على قائمة المتهمين بالفساد الاقتصادي اللبناني، وأن هيئة مرفأ بيروت كانت في أيدي هذه الأحزاب منذ ثلاث سنوات.

استقالة الحكومة، وإجراء انتخابات برلمانية عاجلة ونزع سلاح المقاومة، ثلاثة مطالب كان يصيح بها المتظاهرين التابعين للتيارات السياسية المذكورة فيما سبق، كما تم تغطية احتجاجهم  على الهواء مباشرة من قبل القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، وهي مطالب لا علاقة لها بالأزمة الحالية بما في ذلك مساعدة ضحايا إنفجار المرفأ.

وكان السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله لبنان قد دعا في أول رد فعل له على انفجار مرفأ بيروت، في كلمة بثت على الهواء مباشرة على قناة المنار مساء الجمعة، كل الفئات والأحزاب السياسية إلى التهدئة، ودعا جميع الأطراف إلى التركيز على تقديم الإغاثة والتقليل من حجم الأضرار، في وقت لايزال فيه ضحايا الإنفجار يعانون من تبعاته.

ستؤدي استقالة حسان دياب مساء يوم أمس، بعد اجتماع الحكومة برئاسة ميشال عون، بالتأكيد إلى تعطيل التحقيق في أسباب وقوع الانفجار في مرفأ بيروت، وبالطبع ستُفضي الى مزيد من انعدام الاستقرار في لبنان وهو ما أكده عون خلال الاجتماع.

ومع استقالة الحكومة، في حالة موافقة الكتل السياسية، سيتعين على غالبية أعضاء البرلمان ترشيح شخص جديد إلى الرئيس لتشكيل الحكومة، لكن دياب سيظل مسؤولاً عن الشؤون الجارية كرئيس للحكومة المستقيلة.

وبحسب رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، إذا تم اتخاذ قرار بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، بالنظر إلى المحاصصة الطائفية في البلاد والحصة التي تتمتع بها كل طائفة من طوائف لبنان في البرلمان، فسيكون من الممكن فقط تغيير الأفراد وليس النهج السياسي العام.

لكن لابد من التذكير في ظل الأوضاع الراهنة للبنان، إلى أن حزب الله لم يسع قط إلى الحصول على حصّة خاصة به في الحكومة.

إذ يتمتّع حزب الله بمقاعده البرلمانية التقليدية بناءا على ماجاء في اتفاق الطائف، ودائماً ما كان يعطي حصته الوزارية لحلفائه السياسيين، مع العلم أنه في حال تم تعديل قانون الانتخاب وإجراء انتخابات على أساس نظام الأكثرية، ستكون للحزب الغالبية الكبرى من بين جميع الطوائف اللبنانية.

على هذا الأساس، يبدو أن حزب الله بدأ بتحضيرات لمرحلة مابعد استقالة الحكومة وحلّ البرلمان عن طريق متابعة ومحاسبة الفاسدين من الداخل، وبالتالي لن يكون مرغما على مواجهة الرأي العام اللبناني الغاضب، بل ويعتبر الظروف الراهنة فرصة لكسر الحصار الاقتصادي المفروض على اقتصاد البلاد ويؤثر على معيشة المواطنين.

لكن من ناحية أخرى، تدور الأمور حول استقطاب مساعدات دولية لإعادة تعمير مرفأ بيروت ومساعدة اقتصاد لبنان الذي مزقته الأزمة، والذي كان ظاهريًا ذريعة لجميع الأجواء الإعلامية والسياسية في البلاد بعد انفجار المرفأ. وتم تشكيل قمة لم تُدع إليها كل من إيران وروسيا وتركيا وحضرتها 36 دولة، وكانت الجهات الفاعلة الرئيسية دولًا مثل امريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وبعض الدول الأوروبية المناوئة لنهج المقاومة.

وأسفرت القمة عن تقديم مساعدات دولية بقيمة 300 مليون دولار للتعويض عن الأضرار البالغة 15 مليار دولار عن انفجار مرفأ بيروت، وبحسب الرئيس الفرنسي، لن تصل هذه المساعدات إلى السياسيين اللبنانيين الفاسدين، وهي مشروطة بالإصلاح السياسي.

وقال بيان صادر عن القمة: إن المساعدات لن تقدم للحكومة وستقدم للشعب من خلال الأمم المتحدة بشكل مباشر، وهذا النهج أضعف الحكومة فعليا وأدى إلى سقوطها.

ويبدو أن نتيجة هذا الاجتماع هي استمرار لمؤتمر "سيدر 1" الذي عقد في نيسان 2018 عشية الانتخابات النيابية اللبنانية واستضافته باريس لجمع مساعدات دولية لإنقاذ اقتصاد لبنان الذي يعاني من أزمة. وتم وضع اللبنانيين بين خيارين إمّا رمي سلاح المقاومة أو تلقي المساعدة الاقتصادية، وكان خيار اللبنانيين واضحا باختيار طريق المقاومة.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك

X
آگهی تبلیغاتی