معرف الأخبار : 111442
تاريخ الإفراج : 10/23/2022 1:16:38 PM
السفير السوري بطهران: العلاقات الإقتصادية بين دمشق وطهران لا ترقى لمستوى علاقاتهما السياسية

السفير السوري بطهران: العلاقات الإقتصادية بين دمشق وطهران لا ترقى لمستوى علاقاتهما السياسية

أجرت صحيفة "الوفاق" حواراً مطوّلاً مع سفير الجمهورية العربية السورية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور شفيق ديوب، وهو الأول مع الصحيفة منذ تولّيه المنصب، تناول خلاله تطورات عدّة على رأسها العلاقات بين سوريا وإيران وآفاق التعاون الثنائي بين البلدين "المتنامي مؤخراً" بوتيرة متسارعة، لاسيما في الجانب الإقتصادي من ناحية إعادة إعمار سوريا "القائم حالياً وإن كان بخطوات بطيئة"، لتليها مواضيع العلاقات الثقافية والسياسية "العميقة".

كما تحدّث السفير ديوب بإسهاب وبأجواء مُفعمة بالمواقف الجادة والإرادة والعزيمة السورية المُدغمة بعزيمة المقاومة، والتي تجلّت في ظل فشل الحرب الإرهابية الصهيونية التي تعرّض لها هذا البلد، حول مسألة الإعتداءات الصهيونية السافرة على الأراضي السورية، ومواعيد الردّ عليها ووضع حدّ لها.

في مستهل الحوار، تحدّث السفير السوري في طهران حول العلاقات الاقتصادية خاصة الزيارة الأخيرة لوزير الطرق الإيراني الى سوريا ولقائه مع الرئيس بشار الأسد، وقال بشأن آفاق التعاون الإقتصادي بين البلدين: العلاقات السورية - الايرانية هي علاقات صداقة تاريخية واستراتيجية عمرها أكثر من ٤٠ عاماً تعززت بشكل كبير في السنوات الأخيرة نتيجة الحرب الارهابية الظالمة التي شنّت على سورية منذ عام ٢٠٢١؛ لكن في الحقيقة العلاقات الاقتصادية بين بلدينا ليست بمستوى علاقاتنا السياسية، ولا تعكس الإمكانيات الفعلية القائمة للتعاون الاقتصادي بين البلدين. وأضاف: هناك آفاق ومجالات واسعة وكثيرة للتعاون في المجال الاقتصادي لزيادة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمار المتبادل في البلدين، ولتأسيس شركات مشتركة والكثير من التفاصيل الأخرى ذات الصلة.

وأكمل بشأن المرحلة الراهنة: الآن في هذه المرحلة وبعدما حققت سوريا الكثير من الإنجازات الميدانية والعسكرية وعادت الحياة الى طبيعتها تدريجياً في كل المجالات الأمنية والاقتصادية، وفي ظل الأولوية التي وضعتها الدولة السورية بالعمل على إعادة إعمار ما دمرته الحرب، نولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين سورية والجمهورية الاسلامية الايرانية، ونعتبر ذلك أولوية؛ وفي سبيل تحقيق هذا الهدف هناك الكثير من الزيارات المتبادلة بين المسؤولين على القطاع الاقتصادي في البلدين تمت ما بين طهران ودمشق في الآونة والأشهر القليلة الماضية، كما اتخذت الكثير من الإجراءات التي تهدف الى زيادة التبادل التجاري لتعزيز العلاقات الاقتصادية والى زيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، ومن بين هذه الزيارات الزيارة التي أشرتم إليها زيارة الأخ معالي الوزير رستم قاسمي وزير الطرق وبناء المدن الأخيرة الى دمشق، حيث أجرى مباحثات هامة جداً مع نظرائه في سوريا والتقى مع السيد الرئيس بشار الأسد، وكانت الزيارة كلها هامة، وتم خلالها التأكيد على عزم البلدين وتصميمهما على تطوير العلاقات الاقتصادية في كل المجالات التي أشرتم إليها، وتذليل العقبات التي يمكن أن تظهر في مسار التعاون الاقتصادي بين البلدين، ما أؤكده الآن إن إحدى أولويات عملنا في السفارة السورية هو العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وزيادة التبادل التجاري وغير ذلك، وما أؤكده لكم وأؤكده لأهلنا الأعزاء في الجمهورية الاسلامية الايرانية هو أن الحكومة السورية عازمة على تطوير العلاقات الاقتصادية بلا حدود، وبما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

* الترانزيت عبر العراق

وأكد السفير السوري على أهمية فتح طريق الترانزيت ما بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وسورية عبر العراق، وقال: بذلنا الكثير من الجهود بالتنسيق مع الإخوة في طهران ومع الإخوة في بغداد لإعادة فتح هذا الطريق بأسرع وقت ممكن، لأن فتحه سيعزز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين الدول الثلاث ويخدم شعوبها كلها؛ على سبيل المثال يمكن لسيارة ناقلة أن تحمل البضائع من إيران وتصل الى سوريا وتنقلها بـ٣ أيام عبر الطريق البري، في حين يحتاج هذا الأمر الى حوالي ٣ أسابيع في النقل البحري أو غيرها، وهذا أيضاً يزيد من أعباء وتكاليف البضائع والسلع على المواطنين في البلدين، نحن جاهزون ومستعدون لفتح طريق الترانزيت البري ونعتقد أن فتحه سيساعد كثيراً في تطوير العلاقات الاقتصادية، خاصة تعزيز التبادل التجاري، وتقليل تكلفة السلع والبضائع واختصار وقت وصولها الى سورية.

* تداعيات العقوبات الأمريكية

كما تطرق السفير ديوب الى طريق البوكمال البرّي، وقال: من الجانب السوري الأمريكان موجودون بمنطقة التنف، ومنطقة التنف قريبة الى منطقة البوكمال، والأمريكيون نعرفهم نحن وأنتم جيداً لا يريدون أن تتحسن العلاقات بين دولنا الثلاث وهم يعملون على زعزعة العلاقات السورية – الايرانية؛ بالإضافة الى ذلك الأمريكيون إستهدفوا معبر البوكمال أكثر من مرة، خاصة عندما كان الحديث يدور حول إمكانية فتح خط الترانزيت؛ لكن بكل الحالات أمام إرادة الحكومات في الدول الثلاث وجهودهما المخلصة لفتح هذا الطريق، يمكن أن نحقق نتائج جيدة.. بالنسبة لنا في سوريا مصممون وواثقون بأن كل حبة تراب من الأرض السورية سيتم تحريرها، وستعود الى السيادة السورية وسيغادر الأمريكيون سوريا.

* حلول مبتكرة لحل مشاكل التجار الإيرانيين

وعن المشاكل والعراقيل التي تقف بوجه التجار الايرانيين لاسيما مسألة عدم وجود الضمانات المادية في البنوك، علاوة على القوانين الصعبة في سورية منها الضريبة الجمركية، أوضح السفير السوري بطهران: أولاً العقبات الأساسية التي أشرت إليها والصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها سورية ويعاني منها السوريون هي ناتجة بالدرجة الأولى عن العقوبات الأمريكية القسرية غير المشروعة المفروضة على سوريا، وهناك أيضاً عقوبات شبيهة مفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية؛ الحقيقة صعوبة تحويل الأموال ونقلها تعود بالدرجة الأولى الى هذه العقوبات المفروضة على البلدين، هذا أولاً. ثانياً ظروف سورية صعبة، نحن معذورون، حتى الآن نعاني من نتائج وتداعيات هذه الحرب التي استمرت ١١ عاماً، والأمريكان ينهبون كل ثروات سوريا الطبيعية في المنطقة التي يسيطرون عليها في شمال شرق سوريا، ينهبون النفط والغاز والقمح والقطن وكل شيء، وللأسف الشديد نتيجة العقوبات الأمريكية الظالمة وظروف الحرب نعاني في سوريا بعض الصعوبات في تأمين بعض القطع الأجنبي، مع كل هذا تعمل الحكومتان على تذليل هذه العقوبات التي أشرتم إليها، وعلى إيجاد حلول خلاقة لتجاوز هذه العقبات والمشكلات وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين بوفق وبما يخدم مصلحتهما المشتركة، هناك حديث الآن عن ايجاد حلول مبتكرة تتعلق في سبيل المثال بالمقايضة في السلع، نصدر سلع ايرانية الى سوريا ونقابل استيراد سلع سوريا الى ايران، هناك أفكار تدرس حول التبادل بالعملات الوطنية وغير ذلك من التفاصيل.

* تذليل العقبات الناجمة عن العقوبات

وتابع سفير الجمهورية العربية السورية بطهران: ما أؤكده لكم أن الحكومتين في البلدين تعملان بكل جد وبكل إخلاص على تذليل هذه العقبات الناتجة بالشكل الأساسي عن العقوبات الأمريكية. وعن تداعيات الحرب المفروضة على سوريا، أود أن أشير الى أن اللجنة العليا المشتركة تلعب دوراً كبيراً في العلاقة الاقتصادية والتجارية والتقنية بين البلدين، وعقدت الدورة اجتماعاتها الأخيرة في عام ٢٠١٩ وتم خلال هذه الاجتماعات التوقيع على حوالي ١١ اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي والتقني والتجاري في كل المجالات، وكان أهم هذه الاتفاقيات على الاطلاق اتفاقية التعاون الاقتصادي الاستراتيجي بين البلدين. اجتماعات اللجنة مهمة ونحن نحضر الآن لعقد اجتماعات الدورة القادمة التي ستكون الدورة الـ١٥ للجنة العليا المشتركة، ونأمل أن تعقد اجتماعاتها بأقرب وقت.

* إتفاقية إعفاء الصادرات الإيرانية والسورية من الضرائب

وعن دور السفارة في مساعدة الناشطين الاقتصاديين الايرانيين أو الناشطين الاقتصاديين السوريين، قال السفير السوري لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية: سبق وأشرت في بداية الحديث الى إحدى أهم أولويات عملنا ألا وهو تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتعزيز التواصل بين القطاع الخاص بين البلدين وتقديم كل التسهيلات اللازمة لرجال الأعمال والقطاع الخاص للعمل السلس والمريح سواء في سورية والجمهورية الاسلامية الايرانية، وأقول لكم أكثر من هذا، حجم الدمار في سوريا كبير نتيجة الحرب عليها، والآن وضعت ضمن أولوياتها الرئيسية إعادة إعمار ما دمرته الحرب، هذا مشروع إقتصادي تنموي كبير جداً، نأمل ونعمل لكي تكون الشركات الايرانية في مقدمة الشركات التي ستسهم في إعادة إعمار سوريا؛ بالإضافة الى ذلك صدر قانون جديد للاستثمار في سوريا في مايو/ أيار ٢٠٢١، هذا القانون مهم جداً ويقدم الكثير من التسهيلات والإعفاءات الجمركية والرسوم بهدف خلق بيئة إستثمارية مريحة وناجحة في سوريا، وتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين السوريين والأجانب في الاستثمار في سوريا وإعادة الإعمار، وأنا من خلال صحيفتكم الموقرة يسعدني أن أدعو المستثمرين والشركات الايرانية للاستفادة من الفرص التي يقدمها هذا القانون، بالنسبة للنقطة التي أشرت فيها الى موضوع الرسوم الجمركية لدينا اتفاقية موقعة في عام ٢٠١١، هذه الاتفاقية تعفي الصادرات الايرانية الى سوريا والصادرات السورية الى إيران من الرسوم الجمركية، وتحددها بـ٤ بالمئة فقط، باستثناء قائمة تتضمن حوالي ٨٠ سلعة فقط، ما عدا هذه السلع الـ٨٠ كل السلع والبضائع الايرانية المصدرة الى سوريا والعكس معفاة من الرسوم والجمارك، ونحن جاهزون ومستعدون لتعديل هذه الاتفاقية وتطويرها اذا تطلبت مصلحة الجانبين ذلك بما يهدف الى إزالة حتى الـ٤ بالمئة من الرسوم الجمركية.

* الضعف في تنفيذ بعض الاتفاقيات

وبشأن اجتماع اللجنة والتفاهمات والعقود التي تم التوصل إليها بين إيران وسوريا وحول العوائق الموجودة في الوضع الماثل، أوضح السفير ديوب: التحضيرات جارية لعقد الدورة الخامسة عشرة للجنة العليا المشتركة، ونحن نأمل أن تعقد اللجنة بمجرد إنجاز التحضيرات اللازمة لها بما فيها تحضير عدد من الوثائق ومشاريع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم ليتم توقيعها خلال اجتماعات اللجنة العليا، والحقيقة أستطيع أن أقول لكم الآن أننا نعمل كخلية نحل لإنجاز كل مشاريع الاتفاقيات المطلوب توقيعها خلال اجتماع اللجنة القادمة التي ستعقد فور إنجاز التحضيرات التي أشرنا إليها؛ لكن كما تفضلتم وأشرتم هناك نقطة مهمة، ليس المهم فقط أن نوقع اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم؛ لكن الأهم أن نفعّل وننفّذ هذه الاتفاقيات، نحن الآن نعمل معاً، وشكلت لجنة في البلدين لمتابعة تنفيذ وتفعيل كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، وتطوير الاتفاقيات التي تحتاج الى تطوير أو تعديل بما يناسب متطلبات المرحلة الراهنة في علاقات البلدين؛ في الحقيقة نحن في الحكومتين لاحظنا الضعف في تنفيذ بعض الاتفاقيات؛ لكن السبب الرئيسي في ذلك يعود لظروف الحرب التي عشناها في سوريا والتي أثرت على مجمل النشاط الاقتصادي في البلاد.

* تطوير الاتفاقيات التجارية

وبشأن بعض العراقيل الموجودة في إيران في عدم تنفيذ وتفعيل الإتفاقيات الموقعة بين البلدين، قال السفير السوري بطهران: نحن ندعو أولاً ونؤكد على أهمية تفعيل وتنفيذ هذه الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها وإزالة العقبات التي تحول دون ذلك مهما كانت، نتطلع ونعمل أيضاً على تطوير الاتفاقيات التي تحتاج الى تطوير ونحن جاهزون كما أشرت لتطوير الاتفاقية المتعلقة بالتجارة الحرة بين البلدين، ومستعدون لمناقشة كل الأفكار والاقتراحات التي ترى الجمهورية الاسلامية الايرانية أن بحثها ومناقشتها مثمر، والتوصل لاتفاقيات بشأنها، ما أؤكده هو إرادة كل من البلدين بالعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية، ونقلها الى مرحلة جديدة، سأذكر لكم مثالاً واحداً فقط، في عام٢٠٢٠ كان حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي ١٢٠ مليون دولار فقط، في حين ان حجم التبادل التجاري في العام ٢٠٢١ تضاعف وبلغ أكثر من ٢٠٠ مليون دولار، طبعاً مازال الرقم قليل، وأقل من الإمكانيات المتوفرة بين البلدين بكثير، وأقل مما نتطلع إليه؛ لكن عندما نقول انه تم خلال عام واحد مضاعفة حجم التبادل التجاري هذا مؤشر جيد وسنعمل على تعزيزه.

* إقامة الأسبوع الثقافي الإيراني في سوريا

وحول إقامة الأسبوع الثقافي الإيراني في سوريا وتوقيع اتفاقية بين وزير الثقافة في سوريا ورئيس رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية الإيراني وأهم بنود الاتفاقية، كشف السفير السوري لدى طهران: تطوير العلاقات في المجال الثقافي بين البلدين يحتل أولوية كبيرة، وهي مهمة تحتاج الى العمل من أجل تحقيقها، نحن نتطلع لتعزيز التعاون الثقافي والإعلامي بين بلدينا، ولتعزيز التواصل الاجتماعي أيضاً بين الشعبين في البلدين الشقيقين، ضمن اهتمام البلدين بتعزيز هذا الجانب من التعاون. في الحقيقة قامت السيدة وزيرة الثقافة السورية بزيارة طهران الشقيقة منذ شهر، في زيارة كانت مهمة للغاية أجرت خلالها الكثير من اللقاءات مع كل السادة الوزراء والمعنيين بالشؤون الثقافية بالجمهورية الاسلامية الايرانية، ووجهت دعوة للأخ مهدي ايماني بور لزيارة سوريا وكان من نتائج هذه الزيارة هو تنظيم الأسبوع الثقافي الايراني الذي أشرت إليه، في الفترة من ٢٨ أيلول الثاني من تشرين الجاري، وتوقيع مذكرة في المجال الثقافي بين البلدين، هذه المذكرة هامة جداً تؤطر التعاون الثقافي في كل المجالات المهمة بين البلدين، بما فيها قطاع السينما وقطاع النشر والترجمة والموسيقى، وكل القطاعات التي تتصل بعمل وزارة الثقافة بين البلدين، هذه الاتفاقية مهمة ونأمل أن يتم تفعيلها والعمل بمقتضى أحكامها، وأن تشكل قيمة مضافة للعلاقة المقامة بين البلدين.

* إفتتاح المركز الثقافي السوري قريباً

كما تناول السفير السوري لدى إيران موضوع إغلاق المستشارية الثقافية السورية في طهران خلال الحرب الإرهابية التي تعرّضت لها سورية، وقال: للأسف الشديد كان من نتائج الحرب الارهابية على سوريا أنها طالت كل المجالات بما فيها الثقافي، كان لدينا مركز ثقافي نشيط وفاعل في طهران؛ لكن نتيجة الحرب ونتائجها والضغوط الاقتصادية الكبيرة التي عانينا منها، اضطرت الحكومة الى إغلاق المركز الثقافي في عام ٢٠١٤ والحقيقة أستطيع أن أكشف لكم سراً أننا نفكر الآن في إعادة افتتاح هذا المركز رغم ان الظروف مازالت صعبة؛ لكن تواجهنا مشكلة تأمين المقر اللازم للمركز لأن المركز الثقافي يحتاج الى مكان مناسب وواسع يسمح بإقامة النشاطات الثقافية المطلوبة، ويسمح بتقديم الخدمات للأشقاء الايرانيين الذين يحبون الثقافة العربية، ويحبون اللغة العربية ويحبون تعلّمها ويتطلعون إليها وغير ذلك، آمل أن تسمح الظروف بإعادة افتتاح المركز الثقافي في أقرب وقت ممكن لخدمة العلاقات الثقافية بين البلدين، ولخدمة محبي الثقافة العربية في الجمهورية الاسلامية الايرانية.

وبشأن نشاط المثقفين وصنّاع الأفلام الايرانيين لإنتاج الأفلام الوثائقية في سوريا لاسيما تلك التي تتناول الحرب الجائرة التي تعرّضت لها الجمهورية العربية السورية، قال السفير السوري: العلاقات الثقافية بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الاسلامية الايرانية ليست حديثة العهد، مع أنها اكتسبت دفعة كبيرة في عهد الثورة الاسلامية في ظل العلاقات الاستراتيجية القائمة بين البلدين؛ ولكن العلاقات الثقافية والحضارية تعود الى آلاف السنين.. نحن أصحاب حضارتين، السوريون أهل حضارة، والإيرانيون أصحاب حضارة، وهذه الحضارة تعود الى آلاف السنين والتواصل الحضاري والثقافي بين السوريين والإيرانيين يعود الى آلاف السنين، تنظيم الأسبوع الثقافي الإيراني مؤخراً في دمشق والذي كان من ضمن فعالياته عرض بعض الأفلام الايرانية مؤشراً على إرادة الحكومتين والجهات المعنية المسؤولة عن الثقافة في البلدين، وهو تأكيد على عزمهم على تعزيز هذه العلاقات وإزالة العقبات التي من الممكن أن تكون موجودة نتيجة ظرف معين أو غير ذلك؛ لكن ما أؤكده لكم أننا مستعدون وجاهزون أن نواجه كل العقبات سواء في المجال الاقتصادي أو الثقافي أو العلمي أو غيره.

* ضرورة الإنتاج الفني المشترك

وبشأن الإنتاج الثقافي والفني المشترك، قال السفير ديوب: من المهم أن نكثف تعاوننا المشترك لتوثيق المرحلة الأصعب التي مرت علينا في سوريا ونقلها الى الأجيال القادمة، هذه مسألة ذات أهمية كبيرة، خاصة أن دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لسوريا والسوريون خلال هذه الحرب كان له دور فاعل وهام في تحقيق الإنجازات التي تحققت.. السوريون يقدرون ذلك كثيراً.. نحن لدينا شهداء مشتركون.. الشهيد قاسم سليماني له أيادي بيضاء في تحقيق الكثير من الإنجازات العسكرية التي تم تحقيقها في سورية وغيرها من الدول، له أيادي بيضاء في محاربة "داعش" وفي محاربة الإرهاب ومن حق الأجيال القادمة في سوريا وايران أن ننقل لهم خلاصة هذه السنوات لكي تحفظ، ولكي نستفيد منها في المستقبل، ولكي تعرف حجم التضحيات الكبيرة التي قدمناها في مواجهة الإرهاب دفاعاً عن وحدة وسيادة واستقلال سوريا، كل هذه النقاط التي أشرت اليها سواء كان يتعلق في إنتاج المسلسلات والأفلام الوثائقية والترجمات وغير ذلك منصوص عليها في مذكرة التفاهم الأخيرة الموقع عليها في دمشق،كل هذه الخطوات لتطوير التعاون الثقافي بين البلدين تم مناقشتها خلال زيارة وزيرة الثقافة السورية الى إيران وتم تضمينها أيضاً في الاتفاق الثقافي الذي تم التوقيع عليه، والذي نأمل أن يفتح صفحة جديدة في علاقات التعاون الثقافي بين البلدين.

* أولويتنا العلاقات الثنائية مع الدول العربية

أما في الشأن الدولي ومسألة التقارب السوري - العربي المنقطع منذ إندلاع الحرب في سورية مع غالبية الدول العربية، وعن سبب عدم مشاركة سورية في إجتماع الجامعة العربية القادم، خاصة أننا نشهد جهود سورية للعودة الى مكانتها على المستوى الدولي والعربي، أوضح السفير السوري بطهران: للأسف الشديد من نتائج الحرب الإرهابية على سوريا أن كان لها تأثير كبير على علاقات سوريا الدولية والإقليمية والعربية، لأن الارهاب الذي عانينا منه دعمته أكثر من ٨٠ دولة حول العالم، وقدمت له الدعم والتسهيل والتمويل والأسلحة وغير ذلك، الآن بعد الإنجازات الكبيرة التي حققها الجيش العربي السوري والشعب السوري اقتنع الكثيرون أن اللعبة في سوريا انتهت وفشلت، وراجع الكثير مواقفهم خلال فترة الحرب الظالمة على سورية، نحن نعمل على إعادة ترتيب علاقات سورية العربية والإقليمية والدولية بما يخدم مصالح سوريا، ويساعد في تحقيق أهدافها ومصالحها الوطنية وفي نفس الوقت يعزز ويزيل اللبس وسوء النية الذي كان موجوداً.

وقال السفير ديوب: خلال الفترة الماضية شهدت سوريا تقارباً مع بعض الدول العربية، حيث أعادت الكثير من الدول العربية إفتتاح سفاراتها في دمشق، وعيّنت سفراء لها، ونحن نأمل أن تستكمل حلقة إعادة العلاقات بين سوريا والدول العربية الى طبيعتها، وهذا يخدم ليس فقط مصالح سوريا والشعب السوري، بل يخدم المصالح العربية مجتمعة، ويخدم القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، وهي قضيتنا المركزية في سوريا وقضية العرب والمسلمين المركزية، وفي نفس الوقت تساعد على تهدئة الأجواء في المنطقة، وتهدئة التوترات التي نعاني منها جميعاً في المنطقة، منطقتنا تحتاج الى الاستقرار ولا نحتاج الى المزيد من الحروب والنزاعات على الاطلاق، وأنا أدعو الجميع لكي يعيد النظر في مقاربته تجاه التطورات في المنطقة، وتجاه العلاقات مع سوريا وأيضاً تجاه العلاقات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية لمصلحة جميع الأطراف، بالنسبة لموضوع اجتماع القمة العربية القادم، للأسف الشديد أستطيع أن أقول أن هناك دولة عربية واحدة أو ربما دولتين مازالتان تحرضان على عدم عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، وقد مارست بعض الضغوط لإعاقة عمل عودة سوريا الى جامعة الدول العربية، في حين تسلّط سورية الضوء على العلاقات الثنائية مع الدول العربية، وهي الأهم بالنسبة لنا، ونحن حريصون على نجاح قمة الجزائر العربية القادمة وحريصون على أن لا تواجه هذه القمة المزيد من الصعوبات.. الوضع العربي صعب وغير مريح ولذلك أكدت وزارة خارجية الجمهورية العربية السورية، في بيان، حرصها على نجاح القمة العربية وحرصها على نجاح الجزائر في استضافة هذه القمة، وعدم استعجالها للعودة لجامعة الدول العربية، لأن الأهم في هذه المرحلة هي العلاقات الثنائية السورية مع الدول العربية.

وعن دور سورية في دعم القضية الفلسطينية واحتضانها للمقاومة وبشأن إحياء العلاقات بين دمشق وحركة حماس، أوضح السفير السوري: كما أشرت سوريا تعتبر القضية الفلسطينية أهم قضاياها، وهي حريصة ومصرة على تقديم كل دعم ممكن أن يخدم القضية الفلسطينية ويساعد الشعب الفلسطيني على دعم وتحقيق أهدافه جميعها، وسورية حريصة على المقاومة وهي واسطة العقد في محور المقاومة، ولن تتردد أبداً في مساعدة ودعم كل مقاوم للاحتلال الصهيوني.

* إذا راجعت تركيا مواقفها سنتخذ الخطوات اللازمة

وحول الشائعات الأخيرة والضجة الإعلامية المُثارة حول إعادة العلاقة بين سوريا وتركيا، وربما لقاء رجب طيب أردوغان مع الرئيس بشار الأسد، قال السفير السوري بطهران: نسمع الكثير من التصريحات من المسؤولين الأتراك بما فيهم الرئيس التركي وما نأمله أن تعيد تركيا النظر في موقفها تجاه الأزمة السورية، وتستجيب لمتطلبات تحسين العلاقات مع سوريا.. تركيا تعرف هذه المتطلبات جيداً.. اذا راجعت تركيا موقفها وتجاوبت مع متطلبات تحسين العلاقات مع سوريا، ستتخذ سوريا الخطوات اللازمة، إذ إن علاقات الشعب السوري مع الشعب التركي علاقات تاريخية، ونحن حريصون على هذه العلاقات وتطويرها والنظر الى مستقبل هذه العلاقات.

* الحوار السوري - السوري

وفي إجابة على سؤال حول المرحلة التي وصل إليها الحوار السوري - السوري ومؤتمر الدول الضامنة في أستانا، قال السفير السوري بطهران: في الحقيقة ترحّب سورية وتدعو وتشارك بقوة وفعالية في اجتماعات الدول الضامنة في أستانا وهذه الاجتماعات التي توجت في القمة الأخيرة التي عقدت قبل نحو شهرين الى ثلاثة أشهر في طهران، وأنوه الى الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة الايرانية والمواقف الواضحة والحاسمة التي عبر عنها سماحة القائد السيد علي الخامنئي وفخامة الرئيس ابراهيم رئيسي خلال هذه القمة، والتي شكلت رسالة واضحة للجميع حول أهمية وضرورة دعم وحدة وسيادة واستقلال سوريا، وجلاء كل قوات الاحتلال والقوات غير المشروعة المتواجدة داخل سوريا، ومحاربة الارهاب وهزيمته الكاملة في سورية، نحن ندعم أستانا وآلية أستانا ومرتاحون لهذه الآلية، ونأمل أن تستمر في تحقيق أهدافها.. بالنسبة الى موضوع جنيف هناك موضوع حقيقة أكثر تعقيداً، نحن في سوريا نشارك بفعالية بمسار جنيف في المناقشات التي جرت بشأن الدستور السوري؛ لكن المشكلة تكمن بأن الفريق الآخر له أجندة مختلفة، لدينا فريق وطني حريص على سوريا ووحدتها واستقلالها؛ لكن الطرف الآخر له أجندة مختلفة يعمل بالتنسيق مع عواصم أجنبية، ويقدم طروحات لا تخدم مصالح السوريين، بل تخدم من يدعمهم ومن يستضيفهم، ومع ذلك نحن مستمرون في التواصل بشأن لجنة مناقشة الدستور، ونأمل أن يعيد الطرف الآخر النظر في مواقفه بشأن هذه اللجنة، وأن يكون حريصاً على مصلحة سورية والشعب السوري حتى نتمكن من تحصيل نتائج أفضل.

* حريصون على إعادة علاقاتنا مع الدول التي تعيد النظر في مواقفها

وبشأن اللقاء الأخير الذي جمع قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي مع السيد الرئيس بشار الأسد، وما أشار إليه سماحة القائد بشأن ضرورة أن تكون الدولة السورية يقظة في إحياء علاقاتها مع الدول التي كانت تحاربها، قال السفير السوري: أولاً سوريا بقيادتها وحكومتها وشعبها تكن كل الاحترام لسماحة القائد، وتقدّر كثيراً مواقفه تجاه سوريا والدولة السورية، وتقدر أيضاً موقف الجمهورية الاسلامية الايرانية والشعب الايراني الشقيق والحكومة الايرانية برئاسة فخامة السيد ابراهيم رئيسي.. سماحة القائد رجل دولة من الطراز الأول، يعرف جيداً المعادلات الدولية والموازنات الإقليمية؛ لكن ما أؤكده لكم أن سوريا حريصة على إعادة علاقاتها مع جميع الدول التي تعيد النظر بمواقفها السابقة، وتبدي الحرص المقابل واللازم لتطوير العلاقات مع سوريا؛ في نفس الوقت نحن لن نعيش أسرى الماضي، نحن نتطلع الى المستقبل نتطلع الى بناء سوريا، نتطلع الى إعادة إعمار ما دمرته هذه الحرب، لذلك عندما تراجعت الدول التي وقفت الى جانب الارهاب ودعمته في سوريا خلال السنوات الماضية موقفها، وتتخذ الخطوات اللازمة بهذا الشأن.. ستكون الحكومة السورية جاهزة لاتخاذ الخطوات اللازمة تجاه الطرف الآخر.

وفي رده على سؤال حول توقيع الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الأمد والزيارة المرتقبة لرئيس الجمهورية الايرانية الى دمشق، أوضح السفير ديوب: سوريا ترحب دائماً وأبداً بزيارة فخامة الرئيس السيد ابراهيم رئيسي الى سوريا، وعندما يزور سوريا يزور بلده الثاني، ونأمل أن تتم الزيارة في وقت قريب ومناسب.. بالنسبة لموضوع الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة، لدينا اتفاقية ثنائية سبق أن تم التوقيع عليها عام ٢٠١٩ وهي اتفاقية للتعاون الاقتصادي الاستراتيجي طويل الأمد، نحن لم نحدد مهلة هذه الاتفاقية بمدة ٢٥ عام وممكن أن تستمر ٥٠ عاماً أو تستمر مادام لنا مصالح مشتركة؛ ومع ذلك اذا كانت هناك رغبة بتوقيع اتفاقية استراتيجية جديدة شاملة، أعتقد أن الجانب السوري جاهز لمناقشة هذا الاقتراح ولن تكون هناك مشكلة على الاطلاق.

* دراسة إمكانيات الردّ على الهجمات الصهيونية

وعن مستويات التعاون العسكري بين إيران وسوريا في ظل التصدي للعدوان والارهاب في سوريا، قال السفير السوري: هذا التعاون في أفضل حال، في الحقيقة لدينا تعاون مشترك تكرس وتعزز خلال الحرب الارهابية على سوريا في المجال الدفاعي والأمني، وأشرت في حديثي سابقاً الى أننا شركاء في الدم في الانتصارات التي تم تحقيقها ولدينا شهداء مشتركون، لذلك شهدت علاقات التعاون الدفاعي والعسكري تطوراً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، وفي حزيران عام ٢٠٢٠ وقّعت اتفاقية شاملة للتعاون العسكري والأمني بين البلدين، وهذه الاتفاقية سارية المفعول وهناك تعاون جيد بين المعنيين في هذا المجال.

وبشأن الهجمات الصهيونية على سورية وكيفية رد سورية على هذه الإعتداءات السافرة، أوضح السفير ديوب: "إسرائيل" كثفت إعتداءاتها على سوريا في الأشهر القليلة الماضية وهي عادة تشن هذه الإعتداءات كلما حقق الجيش السوري انتصاراً ميدانياً جديداً، هذا أولاً.. ثانياً الدولة السورية ترد على الإعتداءات الإسرائيلية، وتقوم بالتصدي لها وفق الإمكانيات المتوفرة المتاحة.. ثالثاً الإسرائيليون شركاء في الحرب الإرهابية التي شنت على سوريا وقدموا للإرهابيين مساعدات كبيرة في المجال الطبي وغيره من المجالات، والسوريون لن ينسوا أبداً هذا للكيان الصهيوني، وبدون أي شك القيادات العسكرية المختصة تدرس الإمكانيات العسكرية وإمكانية الرد والإمكانيات المتوفرة والتوقيت المناسب، هذه مسألة مهمة وهذه الإجراءات تدرس بعناية فائقة، وسوف يتم اتخاذ الخطوات اللازمة والمناسبة بتوقيتها المناسب.

وعن الإحتلال الأمريكي لشرق سورية ودعمه المتواصل للإرهابيين وطرده من سوريا، قال السفير السوري: سيخرجون من سوريا آجلاً أم عاجلاً، ونأمل أن يكون خروجهم عاجلاً.. الوجود الأمريكي في سوريا هو احتلال غير مشروع ومن حق الدولة السورية بموجب ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة لإنهاء هذا الاحتلال، ونحن نعمل ونتحرك على هذا الطريق، لن تبقى حبة تراب واحدة من سوريا خارج سيطرة الحكومة السورية، ولن يبقى جندي محتل واحد داخل الأراضي السورية بدءاً من الحسكة وحتى الجولان.

وفي الختام، توجّه السفير السوري لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بجزيل الشكر إلى الشعب الايراني الشقيق وإلى الحكومة الإيرانية على دعمها لكل السوريين.


الوفاق
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك

X
آگهی تبلیغاتی