معرف الأخبار : 101714
تاريخ الإفراج : 7/21/2022 9:11:20 PM
أمريكا ما تزال تعيش وهم الأحادية الزائفة

خاص نورنيوز..

أمريكا ما تزال تعيش وهم الأحادية الزائفة

يتبادر إلى مخيّلة البيت الأبيض الصغيرة، المغايرة لواقع النظام الدولي، أن أي دولة تسلّط عليها واشنطن عصا عقوباتها ستُطرد من الأسرة الدولية، وستغدو معزولة منزوية ولا يمكن الاعتراف بوجودها في المجتمع الدولي بأي شكل من الأشكال.

نورنيوز- على خلفية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تخوض بلاده حربا طاحنة ضد الغرب في أوكرانيا، علّق روبرت مالي المبعوث الأمريكي الخاص بشؤون ايران على مخرجات الزيارة، وقال: هذه الزيارة ستضع إيران أمام خيار الاعتماد النسبي على روسيا أو العودة إلى الإتفاق النووي.

وأضاف مالي في تعليقه المتشائم إزاء زيارة بوتين التي جاءت في إطار مشاركته بقمّة أستانة بشأن حلّ الأزمة السورية: روسيا تواجه حاليا عزلة دولية ويمكنها أن تقدم فرصة اقتصادية محدودة للغاية للتعاون، والتي لن تكون طويلة الأجل، وأضاف: أمام إيران خيار آخر وهو العودة إلى الإتفاق النووي.

تصريحات من هذا القبيل فيما يخصّ العلاقات بين ايران وروسيا، ورفع النقاب عن كل هذا القلق الذي يراود واشنطن بشأن تلك العلاقات، هو أمر غير مسبوق، فما تزال واشنطن تعيش أواهام أنها في موقع الريادة والقيادة العليا في العالم، وتفترض مع نفسها، أن أمريكا توازي العالم بأجمعه.

حيث يتبادر إلى مخيّلة البيت الأبيض، التي تتعارض وتناوئ واقع النظام الدولي، أن أي دولة تسلّط عليها واشنطن عصا عقوباتها ستُطرد من الأسرة الدولية، وستغدو معزولة منزوية ولا يمكن الاعتراف بوجودها في المجتمع الدولي بأي شكل من الأشكال.

ولم تك كلمة روبرت مالي هي الوحيدة في محيطها الرافضة للعلاقات بين ايران وروسيا، حيث سبقه الى ذلك عدد من المسؤولين الأمريكيين، من ضمن جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، الذي قال مؤخرا: إذا لم تقبل إيران العودة إلى الإتفاق، كما أوضح ذلك بايدن بوضوح، بالتعاون مع الحلفاء والشركاء في المنطقة وأوروبا، سيزداد الضغط على إيران أكثر.

وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قد أقر في تصريحات مماثلة بأن الخيارات الموضوعة أمام إيران واضحة، فإما أن تعود إلى التنفيذ الكامل للإتفاق النووي، وإما ستتزايد الضغوط الأمريكية على ايران.

ورغم ما تفرضه الحقائق الماثلة في العالم في يومنا الراهن، والتي تختلف تماما عن الظروف التي يسعى الأمريكيون لغرسها في العالم، إلا أنه من خلال تكرار الانقسامات الزائفة التي لا أساس لها، لا تزال واشنطن تحاول جعل أمريكا والغرب يبدو وكأنهما محور النظام الدولي، والدول الأخرى لا تتعدى كونها أقمارا تطوف حول هذا المحور.

منذ ما يقرب من أربعين عاما، تحاول أمريكا دفع الجمهورية الإسلامية الإيرانية نحو الإنهيارا سياسيا واقتصاديا من خلال تطبيق عقوبات قاسية وغير قانونية، وخاصة خلال رئاسة ترامب، من خلال تنفيذ سياسة الضغط الأقصى، ولم تترك وسيلة وأداة إلاّ واستخدمتها لتحقيق مآربها الخبيثة ضد الشعب الإيراني، ولكن لم يتوقّف الأمر عند فشل سياسة الضغوط الأمريكية تجاه ايران فحسب، وإنما دفع هذا الأمر الجمهورية الإسلامية لتعزيز قدراتها الداخلية ومكّنها من إيجاد حلول في كافة المجالات لتذليل الحظر والحصار الأمريكي الجائر، ولاقت هذه المقاومة الإيرانية نجاحاً منقطع النظير بات أنموذجا يحتذى به من قبل الدول المستقلة في كافة أنحاء العالم.

ودفعت أزمة الغذاء والطاقة غير مسبوقة في العالم بعد العقوبات المفروضة على روسيا، بوتين الى التطرق الى هذه المعضلة لدى لقائه قائد الثورة الإسلامية مؤخراً في طهران، حيث قال بوضوح: العقوبات أضرت بأمريكا والغرب أكثر من موسكو، التضخم غير المسبوق في أمريكا وأوروبا، والذي أدى إلى احتجاجات سياسية واجتماعية واسعة النطاق وتسبب في استقالة الحكومات الأوروبية الواحدة تلو الأخرى، هو أقل تأثير كان لفرض العقوبات الغربية ضد روسيا، اللافت للنظر أن الدول الغربية التي تفرض عقوبات على روسيا، وكلها حلفاء لأمريكا وواجهت أزمات غير مسبوقة، تحاول إقناع موسكو بالامتناع عن فرض عقوبات عليها.

لكن واقع الأمر الذي يحكم العلاقات بين دول العالم يكشف بشكل جليّ أن عصر استخدام اللهجة القائمة على الأحادية والازدواجية الزائفة من قبل الولايات المتحدة قد ولّى دون رجعة، وإذا كانت لدى واشنطن الإرادة لتغيير سلوكها وقبول حقيقة التحولات الحاصلة في النظام الدولي، ستظلّ عالقة في حلقة مفرغّة، وكل يوم ستشهد ضياع أدواتها التي كانت تستخدمها للتأثير على النظام الدولي بما ينسجم ويتناغم مع مصالحها.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك