معرف الأخبار : 100544
تاريخ الإفراج : 7/17/2022 11:06:51 AM
هكذا ساوم بايدن حقوق الإنسان مقابل النفط في جولته الشرق أوسطية!

هكذا ساوم بايدن حقوق الإنسان مقابل النفط في جولته الشرق أوسطية!

استعراض ود بين "تل أبيب" والرياض. حقوق أفراد وشعوب في مهبّ المصالح الدولية، كيف سارت زيارة الرئيس الأميركي بايدن للمنطقة معاكسةً لاتجاه الخطاب الأميركي المعلَن بشأن حقوق الإنسان والحريات؟

لا يزال صدى تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن، حاضراً، عندما تعهَّد أن يجعل السعودية "منبوذة"، ربطاً بجريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، عندما كان على عتبة دخول البيت الأبيض.

تصل المواجهة بين الأطلسي وروسيا إلى حدّ لم يعد بايدن يرى في السعودية إلّا النفط. أمّا جمال خاشقجي، فليس إلّا ملفّاً أُغلِق وطُوِي. وأكثر التصريحات انتقاداً، بحقّ من أثبتت الـcia تورّطه في قتل الصّحافيّ السعودي، طبعتها المجاملة والمناورات الكلامية.

من "تل أبيب" إلى الرياض لم يرَ بايدن أيَّ انتهاكاتٍ لأيّ حقوقٍ، وتجاهلَ كل القضايا التي كانت في سلَّم أولوياته، عندما فاز بالرئاسة. ومن منبوذة أميركياً، بأدلة إدانة جنائية، الى شريكة تجلس إلى الطاولة. هكذا نسف الرئيس الاميركي كل تعهداته أمام حاجته إلى النفط السعودي، وسعيه لحماية "إسرائيل" وأمنها.

عندما قام الرئيس السابق دونالد ترامب بأول زيارة رئاسية له للسعودية، تمّ الترحيب به شخصياً من جانب الملك سلمان. أمّا بايدن فكان في استقباله، في مدرج المطار، حاكم مكة والسفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة. 

دخل بايدن القصر الملكي يتقدّمه ابن سلمان من دون حديث أو كلام، كما كانت العادة، عند استقبال أي رئيس أو مسؤول عربي أو أجنبي. مشهد عكس برودة العلاقات، التي اضطر الأميركي إلى أن يضعها على نار أزمات المنطقة من جديد. لغة الجسد قد تكون أبلغ من أي كلام. البداية كانت بمصافحة "مترددة"، حفظاً لماء الوجه، بضرب قبضتَي اليدين، بذريعة فيروس "كورونا"، علماً بأن بايدن صافح قادة "إسرائيل"، وعانق مَن قابله بقبضة اليد.

هذا اللقاء كان بايدن قال إنّه لن يحدث. لكن، من الواضح أنه لا بد منه للولايات المتحدة مع مملكة غنية بالنفط، في لحظة تغيّرات جيوسياسية، لم تحقّق من خلالها حتى الآن أي إنجاز في المواجهة مع روسيا في أوكرانيا.

يُشار إلى أنّه، حين سُئل بايدن بشأن خاشقجي، كان جوابه أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وعد بأنه "إذا حدث أي شيء كهذا مرة أخرى، فسيكون هناك رد، وربما أكثر من ذلك كثيراً"؛ أي أن القضية أُقفلت، مع اعتراف ضمني بمسؤولية ابن سلمان عنها.

وتحدّث الرئيس الأميركي في زيارته عن إنجازات في السعودية. لكن، تبقى الملفات الكبرى متعثّرة، ولاسيما مع تأكيد حكومة صنعاء رفضَها سلاماً مُجْتَزَأً. وعلى الصعيد الاقتصادي، يشير موقع "بوليتيكو" إلى أنّ السعودية تواجه صعوبات في تحقيق أهداف إنتاج النفط.

وبين الاستقبال والإنجازات المزعومة، من جهة، وادعاء دفاع الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان، من جهة أخرى، يبرز ملف جمال خاشقجي الذي تنكَّر بايدن لكل التعهدات التي رفعها خلال حملته الانتخابية، والقاضية بمحاسبة قتلته، كما تبرز أيضاً "تبرئة" القضاء الأميركي لـ"إسرائيل من جريمة اغتيال الصحافية الشهيدة، شيرين أبو عاقلة. وهذا الأمر يكشف زيف ازدواجية معايير حقوق الإنسان لدى الولايات المتحدة.

تبدو المحاولات الأميركية لإخفاء المبرِّر الحقيقي للزيارة متعثرة للغاية، إذ صرّح بايدن، في مؤتمر صحافي، عقده عقب لقائه قادة دول "الناتو" في قمة مدريد، بأنّ الغرض من زيارته السعودية "ليس الضغط عليها من أجل زيادة إنتاج النفط". لكنّه أوضح، لدى سؤاله عما إذا كان سيطلب من القادة السعوديين زيادة إنتاج النفط، أنّه "يتعيّن على جميع دول الخليج الفارسي زيادة إنتاج النفط، بصورة عامة، وليس السعودية على وجه الخصوص"، مشيراً إلى أنّه "يأمل أن تستنتج الدول أنّ ذلك في مصلحتها".

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مصادر أميركية، قالت إنها "موثوقة"، أنّ ما يجري الحديث عنه مع زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للشرق الأوسط، "لا يتعلق بناتو شرق أوسطي، أو بحلف إسرائيلي عربي"، بل إنّ ما يهم بايدن هو موضوع النفط، و"حاجته إلى السعودية في هذا الأمر".

ووفقاً لما ورد، فإنّ الغاية من تجاهل قضية خاشقجي، هي تعزيز إنتاج النفط وتقوية النفوذ في المنطقة خوفاً من الدور الروسي الصيني فيها، للحؤول دون نسجهما علاقات بحلفاء أميركا في الشرق الأوسط، وخصوصاً دول الخليج الفارسي ، التي شعرت بالخوف من تراجع اهتمام أميركا بالشرق الأوسط، بعد انسحابها من العراق وأفغانستان.

تسعى الولايات المتحدة الأميركية لاستعادة سيطرتها على موارد الطاقة في الشرق الأوسط، بعد أن أجبرتها الحرب الأوكرانية الروسية على البحث عن مصادر تمويل للطاقة لحلفائها الأوروبيين، الأمر الذي أعاد إلى النفط في دول الخليج الفارسي وغاز البحر المتوسط أهميتيهما، بالإضافة إلى العمل على زيادة إنتاج النفط من قبل مجلس التعاون مع خفض أسعاره، من أجل خلق استقرار في سوق الطاقة، حتى لا يتأثر الاقتصاد الأميركي، الذي يعاني حالة غير مسبوقة من التضخم المالي.

تعيد الولايات المتحدة الأميركية ترميم علاقتها بحلفائها، وخصوصاً السعودية، تحت شعار "المصالح الأميركية فوق المبادئ الإنسانية". وتبرز تداعيات داخلية أميركية لمشهد زيارة بايدن للسعودية على موضوع التضخم وأسعار الطاقة، بسبب الرغبة الأميركية في زيادة إيرادات الطاقة للسوق العالمية، في ظل العقوبات على الطاقة الروسية. وبحسب المعلومات المتخصصة، فإنّ الطاقة، التي تستطيع السعودية إنتاجها وضخها، لن تكون قادرة على تعديل ميزان القوة، أو تغيير ميزان السوق.

وأثارت زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، للسعودية، حالة من الانقسام في الولايات المتحدة، محورها ملفات حقوق الإنسان في المملكة، وفق تحليل لمجلة "فورين أفيرز". وبعد الزيارة، ظهرت في الداخل الأميركي "انتقادات وسخرية" لأداء بايدن خلال الزيارة. ووفقاً للمعطيات، فإن ترجمة هذه الزيارة، عبر تحسين الوضع الاقتصادي داخل أميركا، مسألة "مشكوك فيها".

ويرى مؤيدو زيارة بايدن للسعودية أن مصلحة الولايات المتحدة وميزان القوى في الشرق الأوسط يتطلبان علاقات أميركية سعودية استراتيجية، بعيداً عن حقوق الإنسان. والأولوية للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط، والتي تتطلب "علاقة استراتيجية بالسعوديين"، في حين يصر المعارضون، وبينهم ديمقراطيون وأيضاً جمهوريون، على ضرورة أن تحسن الرياض سجلها فيما يتعلق بحقوق الإنسان في البلاد.

وعلى الرغم من الاختلاف الداخلي، فإن بايدن حاول تسويق الزيارة على أنها زيارة المصالح، وليست تنازلاً عن تعهداته، أو تفريطاً بحقوق الإنسان، حين سأله أحد الصحافيين في جدة عن رسالته لخطيبة خاشقجي، قال: "لم أحضر إلى هنا كي أقابل ولي العهد. جئت لأقابل مجلس التعاون". وعلى الرغم من ذلك، فإن مسؤولين أميركيين قالوا إنه "ليس من المتوقع صدور أي إعلان رئيس بشأن زيادة إمدادات النفط خلال هذه الزيارة".

بايدن، القادم من فلسطين المحتلة، كان كتب في افتتاحية "واشنطن بوست" أن الحريات الأساسية هي دائماً في أجندته، خلال سفراته الخارجية، كما ستكون خلال هذه الجولة وفي "إسرائيل" والضفة الغربية. وفي كلامه هذا تبرئة للإسرائيليين عن كل انتهاكات حقوق الفلسطينيين وجرائم القتل والأسر والتمييز العنصري وسرقة الأراضي والاستيطان.

وبحسب مصادر فلسطينية، فإن بايدن لم ينجز أي شيء من زيارته لبيت لحم، ولم يحقق أي أهداف له، وخصوصاً أن الرفض الشعبي الفلسطيني الداخلي لزيارته كان واضحاً من خلال التظاهرات التي نددت بمجيئه.

الصحافيون، خلال مؤتمر بايدن الصحافي في بيت لحم، ارتدوا قمصاناً عليها صورة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، بحيث إن سلوك القضاء الأميركي تجاه الجريمة أضاف رصيداً آخر لمسار التجاهل للقضايا الحقوقية الكبرى.

هكذا باتت حقوق الإنسان ثمناً لملء النقص في النفط وتعزيز النفوذ ومحاولة تسجيل النقاط في الصراعات الدولية، من أجل المصلحة الكبرى للولايات المتحدة، ومن أجل حسابات خاصة ببايدن في الداخل الأميركي.


نورنيوز-وكالات
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك