معرف الأخبار : 96979
تاريخ الإفراج : 5/17/2022 3:47:50 PM
الناتو العالمي.. مشروع جديد لتصعيد الأزمات الدولية

خاص نورنيوز..

الناتو العالمي.. مشروع جديد لتصعيد الأزمات الدولية

لا يختلف اثنان في العالم اليوم، على آن التداعيات السياسية والأمنية والاقتصادية المدمّرة للحرب الأوكرانية على دول العالم، هي أوضح مثال على الآثار الضارة لفكرة إنشاء حلف الناتو العالمي.

نورنيوز- لم تأل منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) جهداً إلاّ وبذلته منذ إنشائها في عام 1949 إلى عام 1990، لمواجهة الاتحاد السوفيتي وتوسيع رقعة الأراضي الغربية، ومع ذلك، على عكس معتقدات العديد من المهتمين بالتطورات العالمية، لم يقتصر الأمر على تقييد المنظمة لأنشطتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بل مدّدت نفوذها يوما بعد يوم وهيمنت على معظم أوروبا ناهيك عن دول خارج القارة العجوز.

كان الانضمام إلى هذا الحلف المثير للجدل والقلق، وتمدّده إلى دول أخرى، وقيامه باحتلال دول من قبيل أفغانستان وليبيا، من بين التحركات التوسعية لحلف شمال الأطلسي في سنوات ما بعد الحرب الباردة.

وعلى العكس من توقعات الكثيرين، لم تتوقف أطماع الحلف الغربي، الذي أدى في كثير من الحالات إلى استفزاز وإثارة نزاعات مع الدول المستقلة، بل تزايدت كالنار في الهشيم. وألقى محللو العلاقات الدولية باللوم على تطوير الهياكل الأمنية الغربية، وخاصة الناتو، على حدود روسيا، باعتباره العامل الأكثر أهمية في الصراع الروسي الأوكراني، ومع ذلك، يبدو أن الناتو لا ينوي التخلّي عن هذا السلوك المزعزع للأمن الدولي.

ورغم ما تسبّبه الناتو من حمام دم في أوروبا الشرقية، خرجت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، باقتراح مثير للجدل والعجب يوم الأحد، وقالت قبيل قمة الناتو: "القضية المهمة اليوم هي التركيز على حلف شمال الأطلسي العالمي، لأنه في نفس الوقت الذي نؤمن فيه المنطقة الأوروبية، علينا توخي الحذر بأن يكون أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ مستقرين".

سبقت هذه التصريحات سلسلة تحركات استفزازية من دول الحديقة الخلفية لروسيا، حيث أعلنت فنلندا والسويد رسميا عن استعدادهما للانضمام إلى الناتو، وهي علامة رئيسية على توسع الناتو في أوروبا، وهو الأمر الذي سيكون بمثابة دقّ آخر مسمار في نعش السلام العالمي.

وردًا على طلب السويد وفنلندا الانضمام إلى الناتو، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: ليس لدى روسيا مشكلة مع هذه الدول، ولا يمثل انضمامها تهديدًا، بل يثير إجراءات انتقامية.

بوتين أوضح قائلا: يتجاوز الناتو سياسته الجيوسياسية ويحاول التأثير على سياسة المناطق الأخرى، وهذا يتطلب اهتمامنا.

وقوبل هذا التوسع باعتراض شديد من قبل شعوب البلدان المختلفة، كما في قمة الناتو يوم الأحد، نظم مئات المتظاهرين في جزيرة أوكيناوا اليابانية مظاهرة للمطالبة بخفض الوجود العسكري الأمريكي في اليابان.

في الواقع، فإن شعوب العديد من البلدان التي تكون حكوماتها أعضاء في حلف شمال الأطلسي أو تتعاون معه اليوم لا تنظر فقط إلى الناتو كعامل مزعزع للأمن، إنما أيضا كأداة لتعزيز النهج الأحادي الأمريكي.

كما أن جذور الخوف والسلوك المختلف لبعض الدول التي تنأى بنفسها عن اللحاق بأمريكا، وتتجه نحو تعزيز التعاون مع الدول الأخرى تأتي في إطار المخاوف من تبعات الانضمام الى الحلف الغربي الأحادي، على سبيل المثال، يشير تحرك تركيا لشراء نظام اس 400 من روسيا وزيادة المشتريات العسكرية السعودية من الصين، إلى جانب تنويع مشتريات الأسلحة والتحرر من الاحتكار الغربي، إلى هذا الشعور بالقلق من الحلف الغربي.

تعد الخطة العالمية الأخيرة لحلف الناتو مبادرة جديدة من قبل اللاعبين الرئيسيين في الناتو، الولايات المتحدة وبريطانيا، لإعادة ترتيب الحلف تلبية للأهداف الغربية وتعزيز الهيمنة على المناطق الجغرافية الاستراتيجية في العالم. ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذ هذه الخطة، التي ستصاحب بطبيعة الحال إضعاف الجيوش الوطنية ونزع سلاح خصوم الغربيين، إلى ظهور تحديات جديدة على الساحة الدولية في قادم الأيام.

تصريحات ليز تراس حول مهمة الناتو العالمية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي هي في الأساس عمل عسكري ضد الشرق مع التركيز على دول مثل الصين وإيران والهند، هي مؤشر واضح على استعداد الغرب لمواصلة سياسته الأحادية باستخدام الحلول العسكرية وتصعيد النزاعات عالمياً.

يمكن اعتبار الناتو العالمي بمثابة استمرار لقرارات الناتو الهيكلية وإصلاحاته في عام 2016، في ظل هذه التغييرات، تجاوز الناتو الطبيعة العسكرية لأمن أوروبا والولايات المتحدة، ودخل في قضايا مثل الحرب الإلكترونية، وحرب الفضاء، والحرب السياسية والاقتصادية، وتشكيل قوات خاصة للتدخل في أي مكان في العالم.

رغم ذلك، فمنذ إنشائه، قام الحلف بإصلاحات في هيكله وأهدافه بعد كل فترة، الإصلاحات التي وسعت دائما نطاق النفوذ العسكري الغربي وزادت الصراع مع الدول غير الأعضاء.

بناء على ذلك، تعدّ الهيمنة أحد الركائز الأساسية لحلف الناتو، وخاصة بريطانيا وأمريكا اللتين لهما تاريخ طويل من الاستعمار والاحتلال والأحادية، وهو أحد أهم أسباب هشاشة الأمن الدولي، وتعد الأزمة الأوكرانية، التي أصبحت تداعياتها السياسية والأمنية والاقتصادية على العالم، المثال الأكثر وضوحا للآثار الضارة لفكرة إنشاء حلف الناتو العالمي.

لن يكون حلف الناتو العالمي بالتأكيد رسولا للاستقرار والأمن، ولكنه سيثير تهديدات جديدة للأمن الدولي من خلال إشعال مراكز أمنية ملتهبة في مناطق جغرافية مختلفة، خاصة في النصف الشرقي من العالم.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك